الجمعة، 28 فبراير 2014

قضية انفيلد .. القضية التي أرعبت انجلترا

لعل أي قضية من قضيا المس والتلبس لم تشعل جدلا وتجذب اهتماما واسعا كما فعلت قضية انفيلد , وذلك يرجع إلى كونها واحدة من القضايا النادرة التي تم توثيقها جيدا بالصوت والصورة وما زال أبطالها أحياء يرزقون .
كل شيء بدا من هذا المنزل المتواضع ..
القصة بدأت من منزل صغير مؤجر في ضاحية انفيلد اللندنية , وأبطالها امرأة مطلقة تدعى مارغريت هودجسون وأطفالها الأربعة , بيغي (12 عام) , جانيت (11 عام) , جوني (10 أعوام) , بيلي ( 7 أعوام) .
في إحدى الليالي من عام 1977 أرسلت الأم أطفالها للنوم مبكرا وجلست تتابع التلفاز لوحدها في غرفة الجلوس . بعد برهة سمعت ضوضاء قادمة من غرفة أبنتيها في الطابق الثاني , فصاحت تطالبهما بترك اللعب والخلود إلى النوم , لكن الضوضاء استمرت , فنهضت السيدة هودجسون وقد تملكها الغضب وصعدت إلى حجرة ابنتيها لتوبخهن على عدم النوم , لكن ما أن فتحت الباب حتى رأت الفتاتين جالستين بصمت في فراشهن وهن ينظرن برعب إلى خزانة الثياب الخشبية الثقيلة التي كانت قد تحركت من مكانها عند الجدار واستقرت في منتصف الحجرة , فتعجبت الأم من ذلك وقامت بدفع الخزانة ببطء حتى أعادتها لمكانها , لكن ما أن ابتعدت قليلا حتى تحركت الخزانة مجددا من تلقاء نفسها وعادت لتقف وسط الحجرة ! .. كان الأمر مرعبا , وراود الأم أحساس غريب بوجود شخص ما معهم في الحجرة .. شخص غير مرئي .. ثم سمعت ثلاث طرقات متوالية على الجدار , ساد بعدها صمت قصير , ثم عاد الطرق مجددا , لكن على جدار آخر ! .
الأم المرعوبة مما يجري أخذت أطفالها الأربعة وذهبت لبيت جارتها طلبا للنجدة , فأرسلت الجارة زوجها ليتحري الأمر , وكان هذا الزوج يدعى فيك , وهو رجلا ضخم قوي يعمل في مجال البناء , فدخل المنزل وراح يتفحص أرجاءه .. في البداية لم يلاحظ أي شيء خارج عن نطاق المألوف , ثم سمع طرقا على الجدار , فصعد إلى للطابق الثاني بحثا عن مصدر الصوت , ولشدة دهشته لاحقه الطرق إلى الأعلى .. بل كان يتبعه كظله أينما تجول في المنزل ! .. فأستبد الخوف بالرجل , إلا انه تشجع ونزل إلى القبو ظنا منه بأن مصدر الطرق ربما يكون عطلا في أنابيب المياه , لكن الأنابيب كانت سليمة , ومع هذا استمر الطرق . ففر الرجل عائدا إلى منزله .. وقد وصفت السيدة هودجسون رؤية جارها في تلك اللحظة قائلة : " لم أر في حياتي رجلا بهذه الضخامة مرعوبا بهذا الشكل " .
الكرسي تحرك من تلقاء نفسه ..
أخيرا قامت السيدة هودجسون باستدعاء الشرطة , فحضر شرطي وشرطية وفتشا المنزل طويلا بحثا عن مصدر الطرق على الجدران , لكن لم يعثرا على شيء , ثم فجأة صرخ أحد أبناء السيدة هدجسون مشيرا بيده نحو كرسي في غرفة الجلوس . الشرطية كارولين هيبز وصفت ما رأته في تلك اللحظة بما يلي : " كان هناك كرسي بجانب الأريكة , نظرت إليه ولاحظت بأنه يرتجف بقوة , ثم بدأ يتحرك من تلقاء نفسه حتى أستقر عند حائط المطبخ , لقد سار لمسافة 3 – 4 أقدام قبل أن يتوقف " . الشرطيان قاما بفحص الكرسي جيدا بحثا عن خيط أو خدعة ما .. لكنهما لم يجدا شيئا , فتملكهما الرعب وغادرا بسرعة بعد أن أخبرا السيدة هودجسون بأن ما يجري في منزلها ليس من اختصاص الشرطة .
في الأيام التالية زادت وتيرة الأحداث الغامضة في منزل السيدة هدجسون , وسرعان ما انتشرت الأخبار في الحي حتى وصلت إلى أسماع الصحافة , فحضر مراسلان من جريدة الديلي ميرور لتحري القضية , وقد وصف أحدهما تلك الزيارة قائلا : " كانت هناك فوضى عارمة .. الأشياء تطير في الهواء من تلقاء نفسها ! .. والناس يصرخون برعب " . وبعد نشر التقرير في الديلي ميرور تقاطر المراسلين على منزل العائلة , حتى أن هيئة الإذاعة البريطانية (BBC ) أرسلت فريقا قام بتسجيل صوت الطرق الغامض على الجدران , لكن عند عودتهم لمقر عملهم وجودا بأن الأجزاء المعدنية في أجهزتهم ألتوت بطرز غامض وجميع التسجيلات محيت .
موريس جروس أمضى مع الطفلة جانيت ..
بعد عدة أسابيع اتصلت السيدة هدجسون بجمعية البحوث الروحانية البريطانية أملا في أن يساعدوها , فقامت الجمعية بإرسال اثنان من محققيها هما موريس جروس وغاي ليون بلايفير , واللذان ألفا لاحقا كتابا عن تجربتها في أنفيلد . ومنذ اليوم الأول لهما مع العائلة شاهد المحققان أمورا في غاية الغرابة , المحقق موريس يقول بأنه شاهد مكعبات لعبة الليغو تطفو في الهواء , وحين امسك بواحدة منها كانت حارة , ورأى الأثاث يتحرك ويسير من تلقاء نفسه , وشاهد قميصا على الطاولة يرتفع سابحا في الهواء .
وسرعان ما أنتبه المحققان إلى أن معظم تلك الأحداث الغريبة كانت تتركز حول أبنتي السيدة هودجسون , خصوصا الابنة الصغرى جانيت , كان كل شيء يصاب بالجنون في حضورها , الأثاث يتحرك من تلقاء نفسه , الأشياء تطفو في الهواء , القضبان الحديدية تلتوي , أكواب الماء تمتلئ من تلقاء نفسها , الكتب تظهر وتختفي , التلفاز يعمل من تلقاء نفسه , الموقد الحجري الضخم ينقلع من الجدار ويتدحرج حتى منتصف الحجرة! .. كل شيء كان يدور حول جانيت .. وأقسم أهلها وبعض الجيران بأنهم شاهدوها تطير في حجرتها . ثم أخذت تدخل في حالة من اللاوعي تشبه الصرع , كانت خلالها تصبح في غاية القوة , حتى أنها دفعت مرة أحد الصحفيين فرمته في الهواء لمسافة أربعة أمتار .. وبدأت تتكلم بصوت أجش يخرج من فمها من دون أن تحرك شفتيها .. كان صوتا لرجل عجوز , متعب وفض .. وبظهور هذا الصوت أدرك المحققان بأنهما أمام حالة مس شيطاني , فأخذا يتحدثان مع الصوت , أو بالأحرى مع الكيان الذي تلبس بجسد جانيت , ويسجلان تلك الأحاديث على أسطوانات , وقد عرفا من خلال تلك المحادثات بأن صاحب الصوت هو عجوز يدعى بيل ويلكنز , عاش في المنزل منذ سنوات بعيدة , ومات وحيدا بجلطة في الدماغ , وقد وصف هو في إحدى محادثاته كيفية موته قائلا : " قبل أن أموت أصابني العمى وحدث لي نزيف في الرأس فشعرت بالنعاس ثم مت على الكرسي الموجود بجانب السلم في الطابق السفلي " .
واحدة من الصور التي تظهر جانيت وهي تحلق في غرفتها ..
العجيب هو أن جانيت كانت لا تتذكر أي شيء مما تقوله الروح على لسانها بعد خروجها من حالة اللاوعي أو التلبس , كأنها كانت مخدرة أو نائمة . وللتأكد من أن الفتاة لا تصطنع تغيير صوتها جعلها المحققان تشرب القليل من الماء وتحتفظ به في فمها خلال فترة تكلم الصوت على لسانها , وقاما أيضا باستشارة طبيب مختص بالحنجرة , فأخبرهما بأن احتمال أن تكون الفتاة تتصنع التكلم بهذا الصوت الغليظ من دون أن تحرك شفتيها يبدو مستحيلا , لأن ذلك سيؤدي حتما إلى تدمير حبالها الصوتية خلال دقائق معدودة . أما أغرب ما في الأمر فهو أن شخصا أتصل بالمحقق موريس بعد عدة شهور واخبره بأنه أبن السيد بيل ويلكنز , وبأن والده مات فعلا في منزل السيدة هدجسون قبل سنوات طويلة .
واحدة من الصور تظهر الروح وقد طرحت الفتاتين أرضا من فراشيهما ..
خلال تلك الفترة قام المحققان أيضا بنصب كاميرات حساسة في حجرة جانيت , كانت هذه الكاميرات تعمل بشكل آلي في حالة حدوث أي حركة غريبة داخل الحجرة فتبدأ بالتقاط الصور بواقع صورة واحدة كل ربع ثانية . وبواسطة هذه الكاميرات تمكن المحققان من التقاط مجموعة صور حيرت وأرعبت الكثير من الناس في انجلترا آنذاك وتحولت بمرور الزمان إلى أيقونة لجميع حالات وقضايا التلبس والمس الشيطاني . فبعض تلك الصور أظهرت تحرك الأثاث والمفروشات من تلقاء نفسها في غرفة جانيت , وبعضها أظهرت جانيت وهي تطير في الهواء داخل حجرتها وقد ارتسمت على وجهها ملامح الرعب والفزع , كأنما هناك قوة خفية تحملها وتدور بها في أرجاء الحجرة .. قوة جبارة قالت عنها جانيت مرة في لقاء مع القناة الرابعة الانجليزية : " أنا كنت منقادة لقوة خفية لا احد يستطيع فهمها , أنا فعلا لا أحب التفكير فيها كثيرا , وغير واثقة من أنها كانت فعلا شريرة , كانت على الأرجح تود أن تصبح جزءا من عائلتنا .. لم تكن تريد أن تلحق الضرر بنا , كانت قد ماتت في المنزل وتريد أن تترك بسلام , الطريقة الوحيدة لها كي تتواصل مع الآخرين كانت عن طريقي وطريق شقيقتي " .
احد التسجيلات للصوت -بيل - .. التسجيل مخيف بعض الشيء لذا لا داعي لتشغيل الملف اذا كنت تخاف من هذه الامور ..
الأحداث الغريبة في منزل عائلة هودجسون استمرت لحوالي أربعة عشر شهرا وبدأت تهدأ بالتدريج ابتداء من خريف عام 1978 , كانت هناك أصوات وطرقات من حين لآخر , لكن ليس مثل الأول . ولم تعد جانيت تتعرض لنوبات المس ثم تزوجت مبكرا في سن السادسة عشر وغادرت المنزل . وبصورة عامة لم يكن المستقبل كريما مع عائلة هودجسون , فالابن جوني مات يافعا في سن الرابعة عشر جراء إصابته بمرض السرطان , وكذلك فقدت جانيت أبنها الذي مات خلال نومه في سن الثامنة عشر . أما الأم مارغريت هدجسون فقد عاشت في المنزل وحيدة بعد أن غادر أبنائها حتى فارقت الحياة عام 2003 .
بعد موت الأم مارغريت سكنت المنزل عائلة جديدة تتكون أيضا من أم وأربعة أطفال , لم يكونوا يعلمون شيئا عن تاريخ المنزل , ولم يطل الوقت على أطلت الأمور الغريبة برأسها من جديد , الأم قالت بأنها كانت تشعر بأن هناك من يراقبها باستمرار , وقال أطفالها بأنهم كثيرا ما كانوا يستيقظون في ساعة متأخرة من الليل على صوت أناس يتحدثون في الطابق الأرضي مع أن جميع من في المنزل كانوا نائمين . وقال أحد الأبناء أنه أستيقظ في إحدى الليالي ليشاهد رجلا مخيفا يقف فوق رأسه وينظر إليه بطريقة غريبة .. وكانت تلك الحادثة كافية لكي تلملم العائلة حقائبها وتغادر المنزل من غير عودة .
حاليا المنزل مسكون من قبل عائلة أخرى ترفض الحديث إلى الصحفيين .

ما الذي جرى فعلا ؟

هذا الفيديو يحتوي على العديد من الصور عن قضية انفيلد ..
كما أسلفنا فأن قضية انفيلد تم توثيقها بالصوت والصورة , ويوجد عشرات الشهود عليها .. الجيران .. الصحفيين .. الشرطة .. المحققين الروحانيين .. الخ . لكن كل ذلك لم يمنع من ظهور مشككين , وهؤلاء لديهم حججهم وأدلتهم , فهم مؤمنين بأن كل ما جرى في المنزل من أمور غريبة كان من اختراع وتلفيق الشقيقتين بيغي وجانيت , فتلك الأمور الغريبة لم تكن تطل برأسها إلا بوجود الشقيقتين ولا تحدث إلا في حجرتهن , خصوصا جانيت , التي وصفها البعض بأنها "ذكية جدا جدا " .. وبالفعل تم الإمساك بالفتاتين في عدة مناسبات وهن يقمن بتلفيق الأدلة , موريس نفسه أمسك بهن مرة وهن يقمن بلي الملاعق التي زعمن لاحقا بأن روح بيل هي التي قامت بليها . وفي مناسبة أخرى تمكن ساحر أميركي زار العائلة للتحقق مما يجري من الإمساك بجانيت وهي تحاول خداعه . أما بالنسبة للصورة التي تظهر جانيت وهي تطير في الهواء فهي بنظر المشككين لا تنطوي على إي غرابة , لأنها مجرد صورة لفتاة تقفز في الهواء من فوق سرير نومها , وتتلاشى غرابة الصورة تماما إذا علمنا بأن جانيت كانت عضوا في فريق الجمناستك بمدرستها . أما مسألة الصوت فيقول بعض الخبراء بأن الإنسان يمكنه تغيير صوته وإخراج الأصوات من معدته بالقليل من التدريب .. فهي ليست مسألة مستحيلة كما يظن البعض . أما سبب قيام الفتاتين بهذه الخدع والألاعيب فيعزوه المشككين إلى الرغبة في جذب الانتباه , وإلى الخواء العاطفي الذي سببه انفصال والديهما .
هل كل ما جرى من تدبير الشقيقتين حقا ؟..
بغض النظر عما يقوله المشككون يبقى الكثيرون مؤمنين بصحة وصدق الأحداث في قضية انفيلد , وفي مقدمتهم المحقق موريس الذي رافق العائلة لأكثر من سنة , والذي يقر بأن الفتاتان قامتا أحيانا بفبركة بعض الأمور , ربما لجذب الانتباه , لكنه يؤمن بأن معظم ما حدث في المنزل كان حقيقيا و ويقول بأنه حتى لو افترضنا بأن الفتاتين لفقتا كل شيء , فكيف نصدق بأن طفلتين بهذا العمر بإمكانهما معرفة أن عجوزا مات قبل سنوات بعيدة في منزلهما , وكيف لطفلة بسن جانيت أن تقوم بتحريك بعض الأشياء التي يعجز الكبار عن تحريكها مثل الموقد في حجرتها الذي يزن مئات الأرطال والذي أنقلع من مكانه في الجدار وتدحرج إلى وسط الحجرة . وماذا عن الطرق على الجدران الذي كان يحدث أحيانا بوجود جميع أفراد العائلة في مكان واحد مما يشير إلى أن شخصا آخر ليس من العائلة هو الذي يقوم بالطرق , وهذا الطرق كان غريبا إلى درجة انه كان ينتقل من حجرة إلى أخرى , وأحيانا يأتي من مكانين متباعدين في آن واحد .
صورة عائلة هدجسون ..
جانيت نفسها , وهي اليوم سيدة بالأربعينات من عمرها, اعترفت في بعض اللقاءات بأنها وشقيقتها مارستا فعلا الخداع أحيانا , لكن نسبة الأمور المفبركة من قبلهما لا تتجاوز الاثنان بالمائة من مجمل الأحداث التي وقعت في المنزل , وهما قامتا بذلك لسببين , الأول هو امتحان واختبار قدرات الأشخاص اللذين كانوا يحققون في القضية لمعرفة ما إذا كانا فعلا بارعين في عملهم أم مجرد دجالين , والسبب الثاني هو أرضاء الزوار الكثيرين الذين كانوا يأتون إلى المنزل وهم يتوقعون رؤية أمور غريبة . وما عدا ذلك تصر جانيت على أن أغلب ما حدث في المنزل حقيقي , حيث تقول في إحدى المقابلات الصحفية عام 2007 :
"من خلال تجربتي الخاصة أعرف بأن الأمر حقيقي .. لقد كان ذلك الشيء يعتاش علي , على طاقتي .. يمكنك أن تدعوني مجنونة أو مخادعة إذا شئت . لكن تلك الأمور حدثت فعلا , وتلك الروح كانت معي حقا , واشعر بكل معنى الكلمة بأنها ستظل دائما معي " .
وتقول أيضا :
" كنت اشعر بالرعب وأنا عائدة إلى المنزل من المدرسة . الباب الأمامية ستكون مفتوحة حتما , سيكون هناك أناس يدخلون ويخرجون , ولا يمكنك أن تتوقع ما سيحدث , كنت اقلق كثيرا على أمي لأنها سبق أن تعرضت لانهيار عصبي . وفي المدرسة كانوا يضايقوني , كانوا يدعوني بالفتاة الشبح ويضعون عصا الذباب أسفل ظهري من دون أن اعلم , أما شقيقي فكانوا يدعونه الفتى الغريب الأطوار القادم من بيت الأشباح , والبعض كانوا يبصق عليه في الشارع ".
أما عن سبب حدوث الأمور الغريبة في منزلها فتعتقد جانيت أن السبب هو قيامها بلعب الويجا مع شقيقتها قبل أن تبدأ الأحداث بأيام قليلة , وبأن ذلك فتح الباب على مصراعيه لذلك الكيان الخفي الغامض للدخول إلى عالمنا . جدير بالذكر أن جانيت أدخلت إلى مصحة عقلية عام 1978 وأجريت اختبارات كاملة على سلامتها العقلية والنفسية , وجاءت النتيجة سليمة .

الثلاثاء، 18 فبراير 2014

الشبح ذو الرداء الأحمر (AKA MANTO )



هل تريدين منديلا احمر ام ازرق ؟! ..
إذا كنت في اليابان , وكنت تبحث بلهفة عن مرحاض لتقضي حاجتك , وعثرت على واحد فارغ في مكان عام , فلا تشعر بأنك محظوظ لان المرحاض يعد من أكثر الأماكن المريبة هناك و تتعدد الأساطير حوله .
الأسطورة تتحدث عن روح غامضة لرجل يسكن المراحيض , خصوصا مراحيض النساء , وهذه الروح تسأل الشخص الجالس على المرحاض من دون أن يراها قائلة : " هل تريد ورق الحمام الأحمر أم الأزرق ؟ " .
فإذا أجبت بالأحمر , فستقوم الروح بتقطيعك إلى شرائح حتى تصبح ملابسك حمراء من دمائك ! ..
أما لو أجبت ازرق .. فسوف تخنقك الروح حتى يصبح وجهك ازرق ..
والطريقة الوحيدة لتجنب الموت هي برفض أي ورق والرد : ( لا أريد ورقا ) .

الاثنين، 17 فبراير 2014

السيدة ذات الفم المشقوق (Kuchisake-onna )


تضع كمامة لتخفي فمها ..

تحكي الأسطورة عن سيدة قام زوجها بقتلها وتشويهها , فشق فمها من الأذن للأذن ! . لكنها عادت على هيئة روح خبيثة تغطي فمها بكمامة طبية , وقد يظن الأطفال أنها مريضة , لكنها في الحقيقة تريد أن تخفى ذلك الفم المشوه عن الأنظار .. وعندما تقابل طفلا وحيدا في الشارع تسأله : " هل أنا جميلة ؟! " .. 
فإذا قال لا تقوم بقتله وتقطيعه بواسطة المقصات التي تحملها !! . و إذا قال نعم فسوف تزيل القناع ثم ستسأله مجددا : " ماذا عن الآن ؟! " . فإذا قال لا تقطعه إلى نصفين , أما إذا قال نعم , فسوف تشق فمه مثلها تماما .
تظهر في الليل لتقطع اوصالكم وتقتلع قلوبكم ..
ويقال بان الطريقة الوحيدة لتجنب خبث تلك السيدة الشريرة هو بقول إجابة مبهمة , إي ليس نعم و ليس لا , مثل قول : أنتي متوسطة الجمال , أو أنتي لست جميلة ولا قبيحة . عندها ستحتار السيدة و لا تدرى ماذا تفعل . ويقال أيضا بأنك لو ألقيت عليها قطعة حلوى فسوف تلتقطها , و قد يمنحك ذلك وقت للهرب .
و البعض يظن بأنها ستترك الطفل و تذهب في سبيلها لو أعاد عليها نفس سؤالها قائلا : " هل أنا جميل/ة ؟ " , عندها سترتبك و ترحل ..
انتشرت هذه الأسطورة في محافظة نجاساكى  , وسرعان ما انتشرت في عموم اليابان , وسببت هلعا ورعبا كبيرا في أوج انتشارها في سبعينيات القرن الماضي , خصوصا بعد انتشار قصص عن وقوع حوادث حقيقية للأطفال على يد تلك السيدة المخيفة , حتى أن بعض المدارس في حينها لم تعد تسمح للأطفال أن يعودوا لمنازلهم بعد الدوام إلا إذا رافقهم شخص كبير السن .. ومن يدري ربما يكون في القصة شيء من الحقيقة .. لذلك أنصحك عزيزي القارئ .. بأن تحذر أطفالك دوما من محادثة الغرباء .

السبت، 15 فبراير 2014

قصة اختي الممسوسة الجزء الثاني



حدثتكم سابقا عن ما جرى لشقيقتي , وكيف أنها تعرضت للمس الشيطاني , وبأن الجني الذي تلبسها لم يكن يريد الكشف عن من أرسله , لكن مع كثرة التلاوة وإصرار الشيوخ تحدث أخيرا وقال إن قريبة والدي هي التي وضعت السحر بالطعام وكانت تريد بذلك مضرة الجميع , لكن أختي هي التي اثر فيها السحر .

الشيوخ ضغطوا على الجني أكثر بقراءة القرآن كي يخرج , والذي سأحكيه اﻷن سيصدمكم كما صدمنا جميعنا , فقد صرخ الجني صراخا مدويا مرعبا وقال لوالدي أنت قتلت أولادي وكررها , فخاف والدي ولم يتكلم , وكان هناك من الشيوخ جماعة تربطهم علاقة صداقة بوالدي , فعرفوا ماذا يقصد الجني , لأن والدي وبدون علم والدتي وﻻعلمنا , كان قد ادخل نفسه مع هؤلاء الشيوخ في دوامة البحث عن الكنوز في الجبال والصحاري , وعلي حسب كلام الجني فأن والدي قتل أولاده لأنه كان يتلوا القرآن عندما يحفر فاحترق أولاده وماتوا , ولهذا أتى لكي ينتقم من والدي , وقال بأنه لن يخرج من أختي حتى يدمرها ويتسبب بموتها , وانه لن يكتفي بها , بل سيتسبب بقتلنا جميعا وسيغرق البيت بدمائنا .

أمي سألت والدي هل كلام الجني صحيح , فقال والدي أنا كنت ابحث عن الذهب ولم اقصد أي مضرة لأحد .

الشيوخ ضغطوا على الجني أكثر وكذبوه , فقال لهم : " واتتني الفرصة للانتقام عندما جاءت قريبتهم ووضعت السحر , ووجدت أن إحدى بناتهم , يقصد أختي الممسوسة , هي اﻷضعف من بين أخواتها , وكانت تنظف باحة المنزل وأنا جالس على الشباك , وهي كانت علي غير طهارة , فتلبست بها علي الفور " .

أمي ﻻمت والدي بعدها كثيرا وكبرت المشاكل بينهما , فكان الجني عندما تحدث مشكله بين أمي وأبي يضحك ويقول سيقتلون بعضهم , ويقول بأن أمي ستجن , وكان يتحدث بالفصحى وصوته مرعب . ومرة كانت ابنة خالتي معنا في البيت فطلبت منها أختي الممسوسة أن تطهو لها أرز , فردت بنت خالتي عليها أنها ﻻتعرف الطبخ , فجأة اختفى صوت أختي وأصبح الجني هو الذي يتحدث فقال لها بسخرية : " ﻻتعرفين ! " .. وضحك عليها ثم قال : " انك ستظلين كبيت الوقف ولن تتزوجي أبدا وخطيبك سيترككِ " . وكانت بنت خالتي قد عقد قرانها قبل فترة , فبكت حينما سمعت قول الجني وخافت وطلبت أن تذهب إلى جانب أختي الكبرى في بيت الجيران , وقد أخبرتكم مع حصل مع أختي الكبرى في الجزء السابق . العجيب في القصة هو أن بنت خالتي تطلقت فعلا بعد فترة كما أخبرها الجني ولم تتزوج حتى الآن وعمرها 40 عاما .

وفي إحدى المرات أفاقت أختي الممسوسة واستعادت وعيها بالكامل , ففرحنا جميعا , لكنها كانت خدعة من الجني , إذ كان يخرج ثم يعود . وقبل أن يعود سألت أختي احد الشيوخ متعجبة وقالت لهم : " من انتم ولماذا أنا اجلس معكم ؟ " . فأتي والدي وطمئنها , لكنه لم يخبرها بما جرى لها , وسألها احد الشيوخ : " ماذا كنت ترين وأنت نائمة ؟ " , فقالت : " اذكر رؤيتي لقطة سوداء كانت تقف أمام باب الغرفة وكنت أخاف منها كثيرا , وعندما أحاول إبعادها كانت تبتلعها اﻷرض , ومرة رأيت في المنام ظل اسود علي رأسه تاج ذهب , وكان يهددني بقوله أن والدك أتى يبحث عن الذهب وقتل أولادي ولن أتركك حتى أقتلك أنت وإخوتك أو أجعلكم تقتلون بعضكم بعضا . ثم كنت اصحوا من النوم فأجده أمامي ثم يختفي وأحيانا كنت اصحوا مرعوبة ﻷن أحدا ما لطمني علي وجهي وﻻأجد أحدا " .

الشيوخ قالوا لوالدي ابتعد عن الحفر , فأنت ستدمر نفسك وعائلتك , وكان بعضهم هو من أقنعه أولا بفكرة البحث عن الكنوز , فنال هؤلاء تقريعا من بقية الشيوخ وتحملوا لوما كبيرا . وعاد الجني مرة أخري فتلبس جسد أختي , وبدأ الشيوخ بتلاوة القرآن من جديد , فعادت أختي لطبيعتها , أو هكذا اعتقدنا , فقال الشيوخ لوالدي قل ﻷبناءك أن يعودوا للبيت , وفعلا عادت أختي الكبرى وبنت خالتي أيضا , فقال أبي لأختي الكبرى : " اجلبي كل ملابسك وحاجياتك من بيت عمتك " . فقالت : " إني اشعر بالتعب فليذهب احد إخوتي ليأتي بها " , فقالت أختي اﻷخري : " أنا سأذهب " , وكذلك قالت الممسوسة , فخافت والدتي عليها ورفضت , لكن والدي قال اذهبن وليرافقكن أخوكم , وفعلا ذهبوا جميعهم وعادوا بالملابس والحاجيات , لكن أختي الممسوسة وقفت علي درج البيت كالصنم , ومن ثم أصبحت تبكي , أنا رأيتها فأسرعت إلى والدي وقلت له إن الجني قد تلبسها مرة أخرى , ولن احكي لكم عن مدى الرعب الذي كان في قلبي وقتها , فمع وقفتها الغريبة وبكائها كان هناك صوت مواء قطه مرعب , لكن لم يكن صادرا منها , فأسرع والدي واحد الشيوخ لينزلوها فصاحت وقالت : " القطة القطة جاءتني مرة أخرى .. لن تتركني .. لن تتركني حتى تقتلني " . فانزلوها وقرؤوا القرآن والجني يصرخ ويصرخ ثم جاء شيخ عجوز ودخل إلى أبي , وكان أبي قد أرسل في طلبه منذ أن تعبت أختي , لكنه لم يستطع القدوم اﻻ تلك الليلة , وكما يقال رب ضارة نافعة , فتلبس الجني بأختي كشف لنا أشياء وأشخاص لم نشك يوما في مدي حبهم لنا , المهم جلس الشيخ بالقرب من أختي وتلا القرآن ثم قال لوالدي : " اسأل أهل بيتك عن الحذاء الذي دخل البيت اليوم " , فتعجب والدي من هذا الطلب , وذهب ﻷمي وسألها عن الحذاء الجديد , فقالت أمي : " لم يخرج احد من البيت ليشتري أحذية جديدة " . لكن واحدة من أخواتي قالت : " بلى .. أتينا بأحذية أختي من بيت عمتنا " . فقال أبي هاتيها جميعها , وأخذها للشيخ الذي بحث داخل اﻷحذية حتى وجد ضالته في البوت ( جزمة طويلة ) , حيث عثر داخله على السحر وكان عبارة عن ورقة صغيره عندما أخرجها الشيخ , لكن عند فتحها كانت طويلة ومكتوب فيها طلاسم , وكانت هذه الطلاسم مكتوبة أعزكم الله بالبراز , لنصعق أن العمة الحنون كانت هي من وضعت السحر لأختي الكبرى التي كانت تعيش عندها لحقد قديم علي الوالد , وأريد أن انوه بشيء هنا , فالجن ﻻيعلم الغيب , وبالنسبة لما حدث لبنت خالتي وقضية تطلقها وعنوستها فمرده أنها آمنت والعياذ بالله بقول الجني ولم تثق بقول الله تعالى انه عالم الغيب والشهادة وحده , ولهذا عاد عليها إيمانها بالوبال .

هل انتهت القصة هنا ؟ .. كلا .. فالله يمهل ولا يهمل . والأقرباء هم اشر من إبليس نفسه والعياذ بالله إذا تمكن الحقد والحسد من قلوبهم , وأنا من وجهة نظري فهم قبل أن يضرونا فقد أضروا بأنفسهم , وﻻأخفيكم سرا بأن السحر قد أنقلب على الساحر , وعاقبهم الله في الدنيا قبل الآخرة وأمام أعيننا , وسأروي لحضارتكم ما حدث بعد ذلك ...

كما أسلفت آنفا اكتشفنا بالصدفة المحضة أن عمتي هي من قامت بعمل سحر لأختي , السبب لمن يحب معرفته هو أن والدي لم يكن موافقا علي زواجها من رجل يكبرها بخمسة عشر عاما , وهي كانت تعيش مع أمي وأبي وإخوتي قبل أن أولد ﻷن والدها , أي جدي , كان متوفي , فلم يوافق والدي علي زواجها وعندما أصرت طردها والدي فذهبت إلى خالها فزوجها من ذاك الرجل الذي كان متزوجا ولديه سبعة أبناء علي اﻷقل . ولنعد الآن إلى الشيخ واكتشافه السحر الذي بالحذاء , اذكر أن الشيخ قال لوالدي أختك سحرت ابنتك الكبرى ويجب عليك مقاطعتها و أن لا تدخلها بيتك ﻻ في أفراحك وﻻ أحزانك لأنها ستدمرك وعائلتك . واستجاب والدي لذلك لثلاثة سنوات ثم عفا عنها هي ومن ضرنا من أهله ودخلوا بيتنا الجديد مرة أخرى وحاولوا أن يعيدوا الكرة في زفاف أختي الوسطى .. وهذه قصة سأرويها لكم فيما بعد ..

وبالعودة إلى أختي الممسوسة , فأذكر ليلة من ليالي الشتاء الطويلة ذات البرد القارص و اﻷمطار الغزيرة وصوت الرعد المرعب مع عدم وجود إنارة في المنزل .. أختي الممسوسة كانت نائمة وكنا جميعا نجلس بقربها , ثم أذن المؤذن لصلاة العشاء , فقال والدي من كان على وضوء فليقم لنصلي جماعة , أنا كنت طفلة وطبعا كنت خائفة فقمت أصلي معهم وأنا علي غير وضوء , وبمجرد أن وقفنا لنصلي قامت أختي من مكانها ووقفت أمامنا كالصنم , أنا وأخي اﻷصغر ارتعبنا في صمت ﻷن والدي لم يعيرها أي اهتمام , ثم ما أن قال الله اكبر حتى صرخت صرخة مدوية شقت بها ظلام الليل الدامس وهوت على اﻷرض أمامنا .. أنا لم أتمالك نفسي فهربت وتمسكت بأمي وهي تصلي من شدة خوفي , فأتم أبي الصلاة وتلا عليها القرآن وهي تصرخ , وقال لأخي اذهب للشيخ قل له إنها تعبت مرة أخرى , وجاء الشيخ كالعادة وأصبح يتلوا عليها حتى الصباح .

وأريد أن أخبركم شيئا عن بيتنا القديم , فهذا البيت , حتى قبل أن تتعب فيه أختي , كنت عندما انزل من الطابق الثاني إلى الطابق اﻷول اشعر بأشياء تمر بجانبي كأنها تطير , كنت أغمض عيني من الخوف واحكي ذلك لإخوتي فلا يصدقونني , وجدتي رحمها الله أم والدتي كانت سيدة تقية جدا وحافظة لكتاب الله , كانت تقول لوالدتي ونحن صغار ﻻتدعي أطفالك يصعدون الطابق العلوي وحدهم هناك فتاة شقراء تجلس على السلم وتداعب قطتها , طبعا والدتي كانت تقول لجدتي أي فتاة شقراء يا أمي ﻻيوجد غيرنا بالمنزل , فتنهرها جدتي بشدة , وتقول لها احرصي علي أبنائك وﻻ تتركيهم يلعبوا فوق لوحدهم , وإلى الآن لم نعرف ما سر الفتاة الشقراء التي كانت جدتي فقط هي التي تراها عند زيارتها لنا .

خلاصة القول إن المنزل القديم في حد ذاته كانت تحدث به أمور غريبة , مثلا عندما كانت تدق الساعة الحادية عشر اﻻ خمس دقائق نسمع حركة الصحون في المطبخ وكأن أمي تسكب لنا الطعام . وفي مرة سمعنا ذلك أنا وأخي فاعتقدنا أنها أمي أو أختي فقلنا نريد ماء وكررنا ذلك فلم يجبنا احد , فنهضت أنا وأخي ولم نجد أحدا بالمطبخ . هذه الأشياء كانت تحدث حتى قبل تلبس الجن بأختي , ومرة جلب الوالد معه رجل تشادي أو سوداني ﻻ أذكر بالتحديد , ادعى هذا الرجل بأنه سيخلصنا من كل الجن والشياطين وان على يديه سيكون شفاء أختي , ومكث في بيتنا مدة طويلة في الطابق الثاني بالتحديد , والحقيقة انه زاد الطين بلة , فقد كان ساحرا بكل معني الكلمة , كان يشتري الدجاج ويذبحه في الحمام , وعندما اكتشف والدي ذلك طرده من المنزل , ومرة أختي تجسست عليه ونزلت لتحكي لنا ما رأت , قالت انه يجلس في ظلام حالك ويحدث نفسه وكأنه يتحدث مع احد . ومرة قال لأختي الممسوسة اشربي هذا الماء وستشفين , فشربت مغصوبة , وتقيأته علي الفور , وأحست بثقل في رأسها وصداع شديد , فنزلت إلينا فسألناها ما لذي حدث , قالت إن ذلك الماء لم يكن ماء كان كالبول أكرمكم وأجلكم الله . أما بعد طرد والدي له كانت الكهرباء في الطابق العلوي دائما يحدث بها خلل , وكلما نضع مصابيح إنارة جديدة تعطب بلا أي سبب منطقي , وأصبح الطابق العلوي يغرق في ظلام حالك كل ليلة , ومرة رأينا أنا وأختي هذا الساحر بعد أن طرده الوالد في حمام الطابق السفلي كأن أحدا يرفعه من ارض الحمام وهو جالس , وفجأة اختفي , فصرخت أختي الكبرى وحكت ذلك ﻷهلي , والحقيقة لم أكن ﻷنطق بحرف مما رأيته لوﻻ أنها رأت ذلك أيضا .

تلك بعض الذكريات المرعبة التي أقصها عليكم وﻻ أخفيكم سرا عندما بدأت اكتب هذه القصة في الموقع أصبحت أرى كوابيس مزعجه واشعر بخوف شديد ﻻ أعلم مصدره حتى وأنا أصلي أو اذكر الله

الجمعة، 14 فبراير 2014

قصة اختي الممسوسة الجزء الأول



قصة الرعب الذي عايشته لأعوام ..


سأروي لكم ما حدث مع أختي بالتفصيل لأنها كانت ومازالت ممسوسة , رغم أن أهلي يعتقدون بأنها شفيت , لكني متأكدة أنها لم تشفى .. الذي حدث لن يصدقه إلا من مر به أو عايشه , وبداية أحب أن أقول بأننا عائلة كبيرة العدد وبيتنا الذي حدثت فيه القصة كان قديما من ثلاث طوابق . وبالنسبة لأبي وأمي ولنا نحن أيضا لم نكن نعرف ما هو السحر وﻻ الجن .. وبصراحة لم يكن أهلي متدينين كثيرا ..

القصة كلها بدأت عام 1999 عندما كانت والدتي مسافرة عند بيت خالتي , وكانت قريبة والدي عندنا بالمنزل هي وأبنائها وبناتها , قضت عندنا بضعة أيام ثم عادت إلي منزلها , وبعد رحيلها بأيام قليلة عادت أمي من سفرها ومعها ابنة خالتي الكبرى . وكنت أنا صغيرة وقتها ادرس في الابتدائية . وكنت أنا وأخي الصغير آخر العنقود في العائلة , وكنا ننام في غرفة واحده .

وأذكر في ليلة استيقظنا علي صرخات مدوية وأصوات كالعواء المرعب , فتحنا أعيننا لنجد أمي وابنة خالتي يتحدثون إلى جانبنا , واذكر أن ابنة خالتي قالت لوالدتي يا خالتي ابنتك ملبوسة , فقالت لها أمي ما الذي تقولينه نحن ﻻنؤمن بهذه الأمور .. وأذكر بأني خفت كثيرا وقتها ولم افهم ما معنى كلامهم . ومن شدة الرعب التصقنا أنا وأخي في حضن أمي والصرخات تعلو .. أكثر .. فأكثر .. مع تلاوة الشيوخ للقرآن . وفجأة دخل والدي ليقول ﻷمي بأن أختي ملبوسه , فصدمت أمي وبهت لونها من هول ما سمعت .. ثم قالت لوالدي : ما العمل ؟ .

فقال لها والدي : إن الشيخ يريد أن يعرف منكِ كل شيء . فذهبت أمي مع أبي وحدثت الشيخ بالقصة قائلة : وجدت ابنتي في زاوية الغرفة في الظلام , فقلت لها ما بالك تجلسين في الظلمة , ووضعت يدي علي مفتاح النور فاحترقت اللمبة ! .. فقلت لها لماذا ﻻتردين , فلم تجبني , اقتربت منها أكثر , لكنها كانت كأنها ﻻ تراني وﻻ تسمعني وعيناها شاخصتان كأنها في عالم آخر . ثم حاولت تحريكها بلا جدوى , فقد كانت ثقيلة جدا كأني أحاول أن أزحزح جبلا . فأخبرت والدها وأتى فألقي نظرة عليها ثم خرج وبقيت أنها معها حتى عاد معك , وهي أثناء ذلك لم تحرك ساكنا ولم نسمع منها حرفا إلا عندما بدأت تقرأ عليها القرآن .

وظل الشيخ يتلو القرآن حتى حلول الصباح , وصوت الصراخ المرعب يملأ المنطقة , وما أن طلع ضوء النهار حتى امتلأ البيت بالجيران , وكل منهم يدلوا برأيه وتشخيصه للموضوع , حتى قال الشيخ لوالدي أخرجهم لأن حالة ابنتك ستزداد سوءا ولا تدع أولادك يفتحون التلفاز وﻻ يشغلوا اﻷغاني .. قل لهم أن يتوضئوا ويصلوا ويقرؤوا القرآن كي ﻻ يصيبهم مكروه .

ثم جاءت عمتي وزوجها وأولادها , وأتت أختي الكبرى معهم لأنها كانت تعيش مع عمتي بحكم قرب منزلها من الجامعة حيث تدرس أختي . وعندما وصلوا لم يكونوا يعلمون ما اﻷمر , فقد علموا من والدي بالهاتف أن أختي مريضه ولم يشرح لهم ما هو طبيعة المرض . وأول ما دخلوا المنزل سألتنا عمتي ما بال أختي وما هو المرض وهل هي بالمستشفى , فأجابتها أمي بالنفي , وفجأة بدأت أختي التي أتت مع عمتي تصرخ برعب وتقول : إنه اسود .. يريد قتلي .. أبعدوه .. أبعدوه .. ثم أغمي عليها وقد تملك الخوف منا جميعا .

قالت عمتي ماذا حدث ؟ .. فأخبرها والدي بالقصة , فقالت عمتي لزوجها عد بالأولاد للمنزل وأنا سأبقي . وفي هذه الأثناء بدأ الشيخ يتلو على أختي الكبرى القرآن حتى أفاقت من إغماءتها , وكانت في أشد الرعب , وطلبت أن تذهب إلي بيت إحدى صديقاتها من الجيران , فوافق أبي , أما شقيقتي الممسوسة فقد أتى كل من يزعم بأن عنده الشفاء , وامتلأ بيتنا بالشيوخ والمشعوذين , ولأكون صادقة فمنهم من كان يتلوا القرآن فقط , وهؤلاء هم الذين ظلوا يحاربون الجن الذي تلبس أختي حتى النهاية , أما المشعوذون فكانوا يطلبون أشياء غريبة لطرد الجن , كعطر مستخلص من اﻷفعي , وأنواع بخور غريبة , وأشياء كثيرة نسيتها ...

كنا نحن جميعنا مرعوبين , حتى والدي , أما أمي فكانت ولازالت قوية لا تهاب شيئا . وعندما بدأ الشيوخ يضغطون على الجني بالتلاوة أصبح يتحدث بالفصحى ومن ثم عاد للعواء , ثم أصبح يصدر أصوات مرعبة كالمواء وتحدث على لسان شقيقتي بأمور غير مفهومة ثم قال أريد أن آكل . فقالوا له وماذا تريد من طعام ؟ .. فطلب طعاما معينا تعده أمي في المنزل وهو من الأكلات الشعبية في بلدنا ويتطلب تحضيره توفر مواد معينه كالطحين وأشياء أخرى .

فقال الشيخ للجني ﻻ نطعمك حتى تقول لنا من الذي أرسلك ولماذا . وهددوه بتعذيبه بالقرآن فأصبح يصرخ صراخا ﻻ يقل رعبا عن اﻷول ويقول انه يعذبني ! .. إن إبليس سيحرقني إن أنا أفصحت لكم ..
وكان هذا اليوم من أرعب الأيام التي عشناها , أبي لم يعرف كيف يتصرف فقال لوالدتي اذهبي وحضري له الطعام المطلوب , فذهبت أمي لتحضره فأصبح الجني يصرخ بأسم الأكلة المطلوبة بلا كلل وﻻملل وكان يتكلم الفصحى , فشك أحد الشيوخ بالطعام وقال متسائلا : هل أنتم تشترونه جاهزا أم تعدونه بالطريقة التقليدية ؟ .. فردت أمي قائلة : أعده بالطريقة التقليدية وﻻ أحب شراء الجاهز . فقال الشيخ : أريني الكيس أذن ..

الله اعلم كيف اكتشف أن الطعام هو الذي فيه السحر , وقال لوالدي من كان في بيتك قبل الحادثة غير زوجتك واوﻻدك ؟ .. فقال والدي زوجتي كانت مسافرة وكان معنا في البيت حينها قريبة لي وكانت تطهوا الطعام لنا . فقال له الشيخ هي الساحرة .

أختي الممسوسة كانت حينها قد تعبت أو ربما أغمي عليها , فنامت حتى أذن العصر فاجتمع أبي والشيوخ ليصلوا جماعة في الغرفة وأختي نائمة , فكبروا للصلاة , وإذا بها تنتفض من مكانها لتهرول كسرعة البرق نحو السطح , كان الجني يريد أن يجعلها ترمي بنفسها من اعلي السطح , لكن حمدا لله لحقها أبي بسرعة مع احد الشيوخ وأمسكوا بها قبل أن ترمي بنفسها وأنقذوها . وكانت حتى تلك اللحظة مغيبه تماما , فاتفق الشيوخ أن يضيقوا الخناق على الجني كي يعترف أو يخرج من جسدها . وللعلم , طوال الفترة التي كانت ممسوسة فيها لم تأكل ولم تشرب بتاتا , والصدمة أنها لم تنحف ولم تتأثر صحتها البتة .. وأنا هنا أتحدث عن لبس كامل دام لمدة عامين كاملين , اللهم إلا من أيام قليلة كان الجني يخدع فيها الشيوخ بخروجه فيكفوا عن قراءة القرآن , فكانت تجلس معنا فتأتي لها أمي بالطعام , لكنها تقول لست جائعة .. للتو أكلت دجاجا مشويا وحليت بالتفاح ! ..

كنت صغيرة آنذاك , وكنت مرعوبة جدا , كانت شقيقتي تجلس أمامنا في غرفة المعيشة كأنها تحدث شخصا ﻻنراه وهي فقط من تراه , وكانت ترمقني أنا وأخي بنظرات مرعبة , كانت نظراتها كالقطة عندما تهم بغلق عينيها ثم فجأة تفتحها بحدة مخيفة قبل إغلاقها بالكامل . وكانت تكرر ذلك بلا كلل وﻻملل مادمنا أنا وأخي فقط الموجودين بقربها , أما عندما يأتي احد آخر فكانت تتحدث معهم بشكل عادي , واشتكيتها مرة لوالدي , فكذبني , لكن والدي كان يعلم انه الجن وليس هي .

نستكمل غدا في نفس الموعد بإذن الله ..

نوبيرا بو (Noppera-bō )


نوبيرا بو .. كائن من دون وجه ! ..
عندما نحاول أن نرسم صورة وحش أو كائن مرعب في مخيلتنا فأننا غالبا ما نفكر في أنياب مدببة و عيون حمراء و أنف قبيح .. لكن هل تخيلتم من قبل وجها بدون عيون ولا حواجب ولا انف .. و بدون فم أيضا !! .. مجرد وجه مبهم لا ملامح و لا حواس .. في الحقيقة انه يخيفني بمجرد تخيله .
النوبيرا بو هو كائن أسطوري في الثقافة اليابانية , يدعى أيضا بالشبح ذو اللا وجه ..
هذه الأشباح ذات أصل بشري , لكن يمكنها التحول إلى النوبيرا بو من اجل إخافة الناس و ترويعهم , و عادة ما يكونون غير مؤذيين , يظهرون كشخص مألوف للضحية , ثم تختفي ملامحهم ببطء و يصبح وجههم مجرد طبقة ناعمة من الجلد خالية من أي تعابير أو ملامح . و بالطبع هناك الكثير من القصص التي تدور حول هذه الأسطورة ربما أتطرق إليها في مقالة قادمة 

الغرفة الحمراء (Akai heya )

اذا ظهرت لك هذه النافذة .. فاقرأ على نفسك السلام ! ..


الإعلانات التي تظهر لنا فجأة أثناء تصفحنا للانترنت غالبا لا نهتم لها و نغلقها .. لكن ماذا لو كانت لعنة بإمكانها القضاء على حياتنا ! ..
أسطورة الغرفة الحمراء ليست قديمة , فهي ترتبط بالانترنت . وهي تتحدث عن نافذة إعلانية تظهر فجأة أثناء تصفحك للانترنت , هذه النافذة تحتوي على صورة فيها غرفة حمراء أو خلفية حمراء مصحوبة بصوت غريب يسألك : هل تحب ..؟ .
فإذا قمت بإغلاق هذه النافذة فإنها ستظهر مجددا , وهذه المرة سيأتي الصوت مجددا ليكمل عبارته السابقة : هل تحب الغرفة الحمراء ؟ ..
فإذا ضغطت مرة أخرى لإغلاقها ستظهر لك قائمة أسماء , وسيكون اسمك بينها , وسيكون هذا آخر ما تراه في حياتك !.
يقال أن كل من ظهرت لهم هذه النافذة عثر عليهم ميتين وقد تلطخت جدران حجراتهم بدمائهم .
هذه الفتاة .. نيفادا .. ذبحت زميلتها ! ..
هذه الأسطورة ظهرت لأول مرة في ( الانمى ) أو الرسوم المتحركة اليابانية , حيث ظهرت النافذة لفتى مصحوبة بصوت  فتاة صغيرة تعيد نفس السؤال مرارا : هل تحب اللون الأحمر ؟ . و برغم محاولة الفتى إيقاف الصوت , لكنه لم يتوقف , ثم شعر بشيء خلفه , و عثروا عليه ميتا في اليوم التالي بعد أن تلونت جدران غرفته بدمائه الحمراء .
طبعا قد تظن عزيزي القارئ بأنها مجرد أسطورة , لكن في الأول من يونيو 2004 في مدينة ساسيبو بمحافظة نجاساكى وقعت حادثة عرفت بأسم واقعة ساسيبو  Sasebo slashing هزت اليابان بأسرها لغرابتها , حيث تعرضت تلميذة في الثانية عشرة من عمرها تدعى ساتومى ميتاراى للقتل على يد زميلتها نيفادا ذات الأحد عشر عاما فقط !! .. الحادثة وقعت في المدرسة الثانوية خلال فترة استراحة الغذاء , حيث قامت نيفادا بذبح زميلتها وقطع ذراعها بالسكين بدون شفقة حتى الموت ! .. لماذا ؟ .. بسبب تعليق صغير كتبته ميتاراى على النت سخرت فيه من نيفادا مما أغضبها ودفعها لقتلها , وحين قبضوا عليها لم تقل سوى عبارة واحدة : " أنا آسفة" .
المثير في القضية هو أن المحققين عثروا على موقع انمي "الغرفة الحمراء" في حاسوب نيفادا , ويعتقد البعض بأنه هذا الموقع كان له تأثير شيطاني على الفتاة . فالأطفال عادة يقلدون ما يشاهدونه .

الأحد، 9 فبراير 2014

مستشفى مهجورة تعج بالأشباح .. ما قصة الغرفة رقم 502؟

على قمة احد التلال بالقرب من مدينة لويفيل الأمريكية تنتصب أطلال بناية ضخمة ذات خمسة طوابق، أطلال تبعث شعورا بالوحشة في قلب من يراها لأنها غارقة في الظلام ومهجورة إلا من بعض الحيوانات والطيور التي اتخذتها ملجأ ومنزلا لها. ضخامة البناء قد تدفع الإنسان للتساؤل بدهشة عن سبب بقاءه خاليا ومهملا، وقد تزداد دهشته حين يعلم بأن هذا البناء كان يوما ما مؤسسة صحية كبيرة تنبض بالحياة وتعج بالناس كخلية نحل. لكن فجأة توقف كل شيء وغادر الجميع على عجل تاركين الطوابق والردهات المزدحمة بالناس لتتحول إلى فضاءات خالية غارقة في الظلام والصمت.
لكن مهلا! .. يبدو أن البعض لم يغادر...
أحيانا كانت هناك كرة جلدية تتدحرج فجأة وسط الظلام ليثب خلفها صبي صغير يرتدي سروالا قصيرا كسراويل المدارس، كان يلتقط كرته ثم يرميها مرة أخرى ويهرول خلفها من دون أن يأبه لتلك الممرات المظلمة والموحشة من حوله .. كأنه أصلا لا يراها!.
صورة مزعومة لشبح طفلة داخل المصحة
هناك أيضا فتاة صغيرة تنسل بخفة ورشاقة بين الغرف الخاوية، بالكاد تدركها العين، لكن ضحكتها الطفولية كانت ترن في المكان مثل الجرس، كانت تمرح كأنها تمارس لعبة الاختباء مع أطفال آخرين غير مرئيين.
سكان المبنى المهجور ليسوا جميعهم أطفال، ففي بعض الليالي المقمرة تظهر امرأة تهرول بين ردهات الطابق الأرضي، ثيابها ممزقة ويديها مخضبة بالدماء، تصرخ طلبا للنجدة من دون أن يجيبها احد، كانت تقف للحظات تتلفت خائفة وحائرة ثم تركض مرة أخرى وتتلاشى وسط الظلام.
هناك الكثير من الأمور الغريبة التي تحدث داخل المبنى المهجور، شبابيك وأبواب تفتح وتغلق من تلقاء نفسها، صرخات مشحونة بالألم والحزن تتردد داخل المبنى من دون أن يعرف احد مصدرها. أشخاص مجهولون يظهرون ويختفون بسرعة كبيرة في الظلام من دون أن يعلم أي شخص من هم ومن أين أتوا؟!.

الموت الأبيض

في الاعلى صورة قديمة جدا للمرضى وهم يتمددون على اسرتهم داخل الممر امام الشبابيك المفتوحة .. وفي الأسفل صورة لنفس الممر بعد عشرات السنين وهو خالي تماما ..
يقال بأن الأمور الغريبة التي تجري داخل المبنى لها علاقة بماضيه، فقبل سنوات طويلة كان هذا المبنى الضخم يستخدم كمصحة لمرضى "الموت الأبيض" وهو الاسم الذي كان الناس يطلقونه على مرض السل قبل قرن من الزمان. في تلك الأيام كان السل من الإمراض المستعصية التي لا علاج لها لأن الطب لم يكن قد توصل بعد إلى تصنيع المضادات الحيوية التي بإمكانها القضاء على "عصية كوخ" المسببة للمرض، وبغياب المضادات الحيوية واللقاحات كان المرض ينتشر حول العالم كالوباء فاتكا بأرواح ملايين الناس.
كان أطباء ذلك الزمان يعتقدون بأن علاج السل الوحيد يكمن في الراحة التامة والتعرض المباشر لأشعة الشمس واستنشاق الهواء النقي الخالي من التلوث، ولهذا السبب أنشئت العديد من مصحات معالجة السل في المناطق الريفية المعروفة بنقاء هواءها. وقد كانت مصحة ويفرلي هيلز "Waverly Hills Sanatorium " هي إحدى تلك المصحات التي شيدت في ريف ولاية كنتاكي عام 1910 على أنقاض مدرسة ريفية قديمة يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر. كانت مصحة خشبية وصغيرة الحجم تتألف من طابقين بسعة 20 سريرا لكل منهما. لكن في عشرينيات القرن المنصرم، مع انتهاء الحرب العالمية الأولى وعودة آلاف الجنود المصابين بالسل من جبهات القتال في أوربا، تفشت موجة جديدة وشرسة من الوباء سرعان ما اجتاحت أجزاء كبيرة من الولايات المتحدة، وكانت لمدينة ويلفيل في ولاية كنتاكي حصة الأسد من حيث نسبة الإصابات بسبب المستنقعات المحيطة بها والتي خلقت جوا وبيئة مثالية لانتشار المرض. ولأن المصحة القديمة لم تعد تتسع لأعداد المصابين الكبيرة، لذلك قررت الحكومة عام 1924 بناء مصحة كبيرة إلى جانب المصحة الخشبية القديمة في ويفيري هيلز. واعتبرت المصحة الجديدة واحدة من أحدث وأضخم مصحات علاج السل في الولايات المتحدة عند افتتاحها رسميا عام 1926، إذ كانت تتألف من خمسة طوابق مبنية بالقرميد الأحمر وتستوعب أكثر من 400 مريض.

نفق الموتى

الاطباء كانوا يجرون تجارب عجيبة على المرضى ..
كما أسلفنا فأن الأطباء في مطلع القرن الماضي كانوا يعتقدون بأن شفاء الوحيد للسل يكمن في التغذية الجيدة والراحة التامة والتعرض لأشعة الشمس والهواء الطازج النقي بصورة مستمرة. وفي الحقيقة فأن العديد من مرضى ويفيرلي هيلز استعادوا عافيتهم وغادروا المصحة، لكن هناك أيضا المئات ممن لم يسعفهم القدر فماتوا.
كانت طرق العلاج بدائية وقاسية أحيانا، كان المرضى يسحبون على أسرتهم يوميا ليوضعوا قبالة شباك كبير مفتوح من اجل التعرض للهواء النقي وأشعة الشمس، هذه العملية كانت تجري يوميا لساعات طويلة ومهما كانت طبيعة الجو، حتى في الشتاء عندما تهطل الثلوج وتتدنى درجات الحرارة لما دون الصفر كان المرضى يوضعون قبالة هذه الشبابيك وهم يرتجفون من شدة البرد.
وبسبب طبيعة المرض الغامضة آنذاك، كان الأطباء يستخدمون مرضاهم أحيانا كفئران تجارب. كانوا يخلعون ضلع أو ضلعين من القفص الصدري للمريض لكي يتركوا للرئة مساحة أوسع للتمدد والتنفس، وفي بعض الأحيان كانوا يتركون الصدر مفتوحا لكي تتعرض الرئة لأشعة الشمس مباشرة!!. و الأغرب من ذلك هو أنهم كانوا يقومون في بعض الحالات المتأخرة للمرض بإدخال بالون إلى رئة المريض ثم ينفخونه لكي تتوسع الرئة!.
نفق الموت المرعب .. والى اليسار صورة مخرج النفق عند اسفل التل
كان الذين يتماثلون للشفاء تماما يغادرون المصحة ليتلقاهم ذويهم بالأحضان عند البوابة الرئيسية، أما أولئك الذين يقضون نحبهم داخل المصحة فكانوا يغادرون عبر نفق طويل ينحدر لمسافة مئة وخمسون مترا أسفل المصحة نحو بوابة صغيرة تقع عند قاعدة التل الذي تنتصب فوقه المصحة. كانت جثث المرضى تسحب ويتم إخراجها عبر هذا النفق لكي لا يراها بقية المرضى فتخور معنوياتهم لأن الأطباء في ذلك الزمان – واليوم أيضا - يعتقدون أن معنويات المريض لها الدور والأثر الأكبر في التعافي والشفاء. ويقال بأن بعض العاملين في المصحة كانوا يتعاملون مع جثث الموتى برعونة وعدم احترام لحرمتها، فكانوا يقومون بسحلها أو دحرجتها كالبراميل إلى أسفل النفق ليكدسوها مع بقية الجثث، وبسبب هذه التصرفات اكتسب هذا النفق سمعة سيئة ودارت الكثير من القصص المخيفة حوله.
ظل الغموض يحيط بطبيعة عمل المبنى لسنوات طويلة ..
بحسب بعض الإحصاءات فان عدد المرضى الذين ماتوا داخل المصحة خلال نصف قرن من الزمان يقدر بحوالي 64000 شخص ، أما السجلات الرسمية للمصحة فتشير إلى عشرة آلاف فقط. وفي واقع الأمر كان عشرات المرضى يلفظون أنفاسهم يوميا في أوج تفشي الوباء، لكن ثلاثينات القرن المنصرم شهدت انحسار المرض بشكل كبير، وأدى تصنيع المضادات الحيوية في الأربعينات إلى تقلص عدد المرضى إلى درجة انعدمت الحاجة معه إلى مصحات ضخمة ومكلفة مثل مصحة ويفيرلي هيلز التي أغلقت أبوابها تماما كمصحة لعلاج السل عام 1961، لكن تم افتتاحها ثانية عام 1962 كمستشفى لعلاج ورعاية المسنين تحت اسم " Woodhaven Geriatrics Hospital ".
ولعقدين من الزمان كان الغموض يحيط طبيعة عمل المشفى الجديد الذي دار حوله الكثير من اللغط، البعض زعموا بأن تجارب سرية تجري داخله، فيما زعم آخرون بأنه متخصص بعلاج الأمراض العقلية وصار الكثير من الناس يعتقدون بأنه مستشفى للمجانين. وبعيدا عن الشائعات والتكهنات فأن أمورا غير طبيعية جرت فعلا داخل المستشفى وأدت إلى إغلاقه نهائيا عام 1981 على اثر فضيحة متعلقة بتعذيب وإيذاء المرضى.
المالك شجع المشردين على تخريب مبنى المصحة ..
وبعد إغلاقه تناوب على امتلاك المبنى عدة أشخاص، ويقال بأن المالك الثاني أراد هدمه لإنشاء مجمع سكني مكانه، لكن قانون الولاية كان يمنع هدم المباني الأثرية، لذلك بذل المالك جهده لكي يسقط المبنى من تلقاء نفسه، فشجع المشردين على تخريبه وسرقة محتوياته، وقام بحفر خندق مائي حوله لتخريب أساساته. لكن بالرغم من كل ذلك، ولسوء حظ المالك، فأن المبنى أبى أن يسقط وظل صامدا، بيد أنه أصيب بخراب كبير بطبيعة الحال وتحول إلى مبنى كئيب موحش، وراح الناس يتناقلون قصصا غريبة عما يجري داخله، فالعديد من المشردين الذين كانوا يدخلون المبنى ليلا من اجل المبيت أو السرقة شاهدوا في ردهاته وممراته المظلمة أمورا جعلتهم يفكرون مرتين قبل أن يقتربوا منه مرة أخرى.
وفي عام 2001 اشترى المبنى زوجان شرعا بتنظيم جولات سياحية لعشاق قصص الأشباح ومحبي الأحداث الغامضة وسرعان ما صار المبنى من أشهر الأماكن المسكونة في أمريكا، اخذ الناس يتحدثون عن الأصوات الغريبة والمجهولة المصدر التي تتردد بين جنباته، الأبواب التي تغلق وتفتح من تلقاء نفسها والمصابيح القديمة التي تضاء رغم أن الكهرباء مقطوعة عن المبنى منذ عقود! وصرخات الرعب القادمة من نفق الموتى الموجود أسفل المبنى.

في كل ركن شبح!

صورة مزعومة لشبح ..
يقال بأن هناك العديد من الأشباح في ويفرلي هيلز، وقد اكتسب بعضها شهرة واسعة. ففي الطابق الثالث هناك شبح الطفلة "ماري" التي زعم العديد من زوار المبنى بأنهم شاهدوها وهي تركض بسرعة بين الردهات والغرف المظلمة، احد الزوار زعم انه واجه شبح الطفلة في إحدى غرف الطابق الثالث وبأنها بدت طفلة "غير سوية"، كانت تتحدث كثيرا وتصر على أنها لا تملك عيون! .. وقد تملك الرعب من الرجل إلى درجة انه غادر المبنى على عجل واخذ يتجنب حتى مجرد المرور بالقرب منه.
هناك شبح طفل أخر لا يقل شهرة عن ماري، انه شبح طفل يسميه الناس "بوبي" ويقولون أنه يجري عبر ممرات المبنى الموحشة مطاردا كرته الجلدية القديمة، لكن ليس الجميع شاهدوا بوبي، فالبعض سمعوا صوت كرته فقط.
هناك أيضا بعض الزوار الذين سمعوا أصوات أطفال تصدر عن سطح المبنى، أصوات تترنم بأغاني قديمة وضحكات جذلة كأنها صادرة عن مجموعة من الأطفال يلعبون ويمرحون. البعض ظن للوهلة الأولى بأن هناك حقا مجموعة من الأطفال تلعب فوق سطح المبنى، لكنهم صدموا عندما علموا أن المبنى خالي تماما، وتملكهم رعب شديد حين علموا بأن الأطفال المصابين بالسل كانوا يؤخذون إلى سطح المصحة للتعرض إلى أشعة الشمس وان العديد من أولئك الأطفال ماتوا داخل المصحة أثناء تفشي وباء السل في عشرينيات وثلاثينيات القرن المنصرم.
اشباح تتحرك وسط الظلام ..
مطبخ المصحة لم يتبقى منه شيء يدل على انه كان يوما ما مطبخا عامرا يغص بما لذ وطاب من الأطعمة، القاعة اليوم خالية تماما تزدان جدرانها بالشقوق الطويلة واختفى سقفها تماما، لكن العديد من زوار المبنى اقسموا بأنهم شاهدوا شبحا لرجل يرتدي ملابس بيضاء تشبه ملابس الطباخين يمشي داخل القاعة وأحيانا يدفع عربة طعام في خرائب الكافتريا القريبة من المطبخ، هناك من سمعوا صوت خطواته تتردد داخل القاعة من دون أن يروه لكن معظم الزوار قالوا بأنهم شموا رائحة خبز حار تصدر عن خرائب المطبخ كأنه خبز اخرج من الفرن توا!.
هناك أيضا شبح سيارة قديمة سوداء من النوع الذي كان يستعمل لنقل الجثث في مطلع القرن المنصرم، هذه السيارة الشبح تظهر في بعض الليالي لتقف عند أسفل التل الذي تنتصب فوقه المصحة حيث باب النفق القديم الذي كان يستخدم لإخراج الجثث، وفجأة يخرج رجلان من العدم ويبدأن برمي التوابيت إلى داخل السيارة تماما مثلما كان يحدث قبل قرابة القرن من الزمان لكن مع فارق مهم وهو أن المستشفى مغلق ومهجور ولا توجد داخله أي توابيت أو جثث!.
يقال ان طقوسا سرية لعبدة الشيطان تجري بالخفاء داخل المصحة
لعل الطابق الرابع هو أكثر أجزاء المبنى ازدحاما بالأشباح، فأغلب الزوار قالوا أن برودة غريبة سرت في أجسادهم ما أن وطئت أقدامهم أرضية هذا الطابق، أحسوا بكآبة مباغتة تطغي على مشاعرهم وشعر معظمهم بأن الهواء أصبح ثقيلا بصورة مزعجة. في هذا الطابق شوهدت العديد من الأشباح تتحرك كأنها ظلال شفافة تظهر وتختفي بسرعة داخل الممرات المظلمة ، وقد يكون شبح الطبيب هو أشهر تلك الأشباح، فهو يرتدي بذلة بيضاء ويتنقل بين الغرف كأنه طبيب حقيقي يعاين مرضاه. مصور احد البرامج التلفزيونية الذي كان يستهزئ بقصص الأشباح شاهد أثناء وجوده في الطابق الرابع رجلا يرتدي ثياب بيضاء يدخل بسرعة إلى إحدى الغرف، في البداية ظن المصور بأن هناك رجل حقيقي يتجول في الطابق لكن عندما لحق بالرجل إلى الغرفة التي دخل إليها وجدها خالية تماما، وحين أدار وجهه نحو الممر شاهد نفس الرجل يدخل إلى غرفة أخرى. المصور أحس بشعر جسده ينتصب من الرعب فغادر بسرعة رافضا الاستمرار بالتصوير أو الدخول إلى المبنى مرة أخرى.

سر الغرفة رقم 502

صورة المكان الاكثر رعبا داخل المصحة .. الغرفة 502
الطابق الخامس لا يقل رعبا عن الطابق الرابع، عادة ما تتردد داخله أصوات غريبة وموحشة خصوصا في بعض أجنحته التي كان يحبس فيها مرضى السل الذين أصيبوا بالجنون. أما الأجنحة الأخرى فكانت مخصصة للأطفال ولسكن الممرضات. وفي هذا الطابق تقع أكثر الأماكن رعبا في المبنى، أنها الغرفة الشهيرة رقم 502. قصة هذه الغرفة تعود إلى عام 1928 عندما كانت تسكنها إحدى الممرضات الشابات التي انتحرت لأسباب مجهولة، شنقت نفسها داخل الغرفة وبقت معلقة لفترة طويلة قبل أن يعثروا عليها، الفتاة كانت عازبة لكن الأطباء الذين شرحوا جثتها اكتشفوا بأنها كانت حامل عند انتحارها ومازال الغموض يلف ظروف حملها وانتحارها حتى يومنا هذا. لكن قصة الغرفة لا تنتهي هنا .. فبعد أربع سنوات على حادث الانتحار سكنت في نفس الغرفة ممرضة أخرى، والغريب أنها هي أيضا انتحرت لأسباب مجهولة، خرجت من غرفتها في إحدى الليالي ورمت بنفسها من فوق سطح المبنى فهوت ميتة في الحال. واليوم يزعم العديد من زوار المصحة بأنهم شاهدوا شبح فتاة شابة ترتدي ملابس الممرضات البيضاء وهي تدخل إلى الغرفة رقم 502، وحين يتبعونها يفاجئون بأن الغرفة خالية تماما، كما زعم البعض منهم بأنهم سمعوا أثناء تواجدهم في الغرفة صوت فتاة خفية مجهولة تصرخ بهم قائلة : "أخرجوا في الحال!".
سمعة المبنى المخيفة لا تقتصر على قصص الأشباح، فقد سرت شائعات في السنوات الأخيرة بأن بعض الجماعات السرية مثل عبدة الشيطان اتخذوا من المبنى مقرا لممارساتهم وطقوسهم السحرية والشيطانية، لذلك قام مالكو المبنى الجدد عام 2008 بإحاطته بسياج حديدي وتم نصب كاميرات مراقبة ووضع حراس يراقبون على مدار الساعة، لا احد يعلم لماذا هذه الحراسة المشددة على خرائب مبنى مهجور وماذا يحدث في الداخل، لكن هناك أخبار عن عزم المالك الجديد لتحويل المبنى إلى فندق أربعة نجوم وإعادة تأهيل الطابق الرابع ليعود بالضبط كما كان في عشرينيات القرن المنصرم.

هل هناك أشباح حقا في وفيرلي هيلز؟

رجاءا .. اذا كنت تشعر بالخوف فلا تشاهد هذا الفيديو ..
في الحقيقة لا يوجد أبدا ما يثبت حقيقة القصص التي تدور عن المبنى، لا تنسى عزيزي القارئ بأن ضخامة البناء وتاريخه المأساوي قد يكون لها الأثر الأكبر في جعل الناس تتخيل الكثير من الأمور داخله، فعلى سبيل المثال لا يوجد في السجلات الرسمية ما يثبت انتحار ممرضتان في الغرفة 502 لكن شهرة القصة قد توحي لزوار المبنى بالكثير من التخيلات. ولا ننسى أثر العامل النفسي، فزوار المبنى سمعوا مقدما أمورا غريبة ومخيفة حول ما يجري داخل خرائب المصحة لذلك هم يتوقعون رؤية هذه الأمور عند تجوالهم في الداخل، وعليه فقد يصبح أي ظل أو بقعة داكنة شبحا .. ويصبح أي صوت بفعل الريح صادر عن شبح.
وبصراحة فأن سجلات مصحة ويفرلي هيلز الرسمية تؤكد موت آلاف الناس داخلها وبصورة مأساوية خلال عدة عقود. لكن يجب أن نتذكر بأن جميع مستشفيات العالم تشهد موت العديد من المرضى فهل يعني هذا أن جميع مستشفيات العالم مسكونة بالأشباح؟!.
على العموم يبقى خيار تصديق أو تكذيب هذه القصة متروك إليك عزيزي القارئ .. ومن يدري ربما تكون هناك أشباح حقيقية داخل ويفرلي هيلز!.

عاد من "الموت" بعد 18 عاما !!!


الزومبي هو جثة متحركة، ميت عاد للحياة لكنه فاقد للشعور، يسير ويتصرف بشكل أخرق، ويهاجم كل ما يراه في طريقه. وغالبا ما نشاهد هذه الشخصية الغريبة والمخيفة في أفلام الرعب، لكن ربما القليلين منا هم الذين كلفوا أنفسهم عناء التساؤل عن حقيقتها.

فهل هناك زومبي حقا .. أي موتى عادوا للحياة ؟ ..

لقد اجمع العلماء بأن الموتى لا يعودون إلى الحياة أبدا، فبتوقف القلب عن الخفقان، وبموت العقل، تبدأ خلايا الجسد بالتحلل سريعا، مما يعني استحالة إعادة الجسم إلى لحياة.

لكن كلارفيوس نارسس عاد إلى الحياة بعد موته بثمانية عشر عاما ؟! ..
قصة كلارفيوس نارسس ، وهو رجل من هايتي ، تلك الدولة الصغيرة في البحر الكاريبي ، تبدأ في 2 مايو / أيار 1962، فبعد عودته من خارج المنزل، سقط كلارفيوس فجأة فاقدا الوعي داخل حجرته ونقله أهله إلى المستشفى حيث فحصه الأطباء وأعلنوه ميتا جراء سكتة قلبية. وقد صادق على شهادة وفاته طبيبان أمريكيان، وقامت عائلته بدفنه في مساء نفس اليوم.

حتى الآن كل شيء طبيعي وعادي ..

لكن بعد 18 عاما كاملة على موت كلارفيوس ودفنه .... ظهر الرجل مجددا في قريته بلحمه وشحمه! ، وقد تعرف الجميع عليه بسرعة وتأكدوا من شخصيته.

لكن كيف عاد إلى الحياة ؟! ..
صورة تظهر جانبا من طقوس الفودو في هاييتي
كلارفيوس أخبر عائلته وأهل قريته بأن أحد كهنة الفودو (الأسياد) أتى إلى المقبرة ليلا بعد أن دفنوه ، فنبش القبر وأستخرج جسده ثم سقاه شرابا ما وأعاده إلى الحياة! .. ومن ساعتها أصبح كلارفيوس عبدا لذلك لكاهن، يأتمر بكل أوامره، وقد أستخدمه الكاهن للعمل في أحد حقول السكر. وطوال سنوات مديدة ضل كلارفيوس يعمل عبدا لدى ذلك الكاهن، حتى أتى اليوم الذي مات فيه الكاهن فتحرر كلارفيوس وعاد إلى قريته.

لكن كيف يمكن لشيء كهذا أن يحدث ؟ ..

لا تتعجب عزيزي القارئ، فهذه من الأشياء العادية في هايتي، إذ يعتبر الإيمان بقصص الزومبي ، جزءا من الفلكلور الهايتي، وركنا من أركان عقيدة الفودو التي يتبعها أغلب السكان.

لكن كيف يمكن تفسير ذلك من الناحية العلمية ، كيف لميت أن يعود إلى الحياة، ونحن هنا نتكلم عن ميت فحصه الأطباء وصادقوا على وفاته وجرى دفنه في المقبرة.

الأطباء والعلماء لا يصدقون طبعا بإمكانية إعادة الموتى للحياة، هذا الأمر بالنسبة لهم محال، لكنهم في ذات الوقت لا يعرفون على وجه الدقة كيف يقوم كهنة الفودو بصناعة الزومبي. لديهم تصورات ونظريات حول ذلك. وأكثر تلك النظريات ترجيحا، تفترض بأن الكاهن يقوم أولا بتعيين ضحيته، ثم يقوم بطريقة ما، ربما أثناء نوم الضحية، بزرق خلطة من الأعشاب والمواد الطبية التقليدية عبر جرح صغير إلى داخل جسد الضحية، ويعتقد العلماء بأن المادة الرئيسية في تلك الخلطة تتكون من سم سمكة النفاخ الذي يسبب حالة فريدة من الشلل تكون أشبه بالموت، حيث يؤدي إلى تخفيض نبضات القلب فتكاد تصبح غير محسوسة. وهكذا فحتى الأطباء المتمرسين يمكن أن ينخدعوا ويعتقدوا بأن الضحية قد مات فعلا.

وبعد دفن الضحية من قبل أهله، يذهب الكاهن إلى المقبرة في مساء نفس اليوم ويقوم باستخراج جسد الضحية، ثم يسقيه بعقارين، الأول يعمل على استعادة المريض لقدرته على الحركة والنطق، والثاني يؤثر على ذاكرته فيسلبه جزءا كبيرا من وعيه ويجعله منقادا بالكامل للكاهن. وما دام الكاهن على قيد الحياة فأنه يستمر بإعطاء العقار الثاني لضحيته كل يوم حتى لا يستعيد إرادته ويتمرد على أوامر الكاهن.

سكان هاييتي أنفسهم لا يقبلون بهذه النظريات ، حيث يؤمن معظمهم بأن كهنتهم لديهم القدرة حقا على إعادة الحياة للموتى.

كانت نظراته حاقدة...

ذات يوم من أيام السنة الماضية, كنت أمشي في المنزل وعيني على هاتفي .. شعرت بأحد يقف بجانبي الأيمن.. بسرعة حولت نظري إلى جانبي الأيمن فرأيت رجلًا يبدو بالخمسين من عمره يرتدي ثوبًا أبيض و معطفً أسود .. كان ينظر لي بحقدً شديد !
لم أصرخ أو أهرب بل بقيت أنظر له, كنت أريد أن أرى هل هو أحدَ أقاربي ؟ .. لكنِ لم أراه جيدا .. فتقدمت نحوه , لكنه أبتعد إلى الخلف و نظراته لا تتغير , وكلما تقدمت نحوه أبتعد هو إلى الخلف! 
ثم نادت أختي بأسمي فالتفتت لها ثم بسرعة نظرت أمامي كان الرجل قد اختفى !
وفي نفس اليوم ذهبت إلى أمي و حدثتها عن الرجل فقالت لي بأنها شاهدته في صغرها "رجل يبدو بالخمسين من عمره, يرتدي ثوبًا أبيض و معطفً أسود و ينظر بنظرات حقدّ" .. كانت أمي خائفة و أنا كذلك , ثم قالت لي بأن لا أقلق أنهُ مجرد تخيلات من الصغر ..
بعد تلك الحادثة بأسبوع ذهبنا لزيارة جدتي , وبالطبع أخبرَتها أمي عن الرجل فصدمت جدتي و قالت بأنها رأت نفس الرجل في صغرها " رجلًا يبدو بالخمسين من عمره, يرتدي ثوبًا أبيض و معطفً أسود و ينظر بنظرات حقدّ" .. كنا خائفين بشده ! أردنا أن نعرف ذلك الرجل ! ..
لكنَ لا نعرف من هوَ .
قالت جدتي: "أول مرة رأيته كان عمري 13 سنه , و ظللت أراه إلى أن بلغتّ 18 سنه , عندما بلغت 18 سنة بدأت لا أراه..!" و أمي كذلك ! .
الآن أنا أبلغ من العمر 14 سنه .. فهل سأظل أراه إلى أن أبلغ من العمر 18 سنه ثمً لا أراه؟ .. أنها مده طويلة .. و لكن.. من هوَ ذلك الرجل ؟ ..
 إلى الآن.. لم أستطع نسيان نظراته لي .. و لا أعتقد بأني سأنساها .. أبدًا..!!

إنها تلك الظلال المراوغة التي تظهر في طرف العين وتختفي فور أن ندير وجوهنا ..



هل هذا أنا الذي أري انعكاس ظلي أمامي أم أنه لشخص آخر ؟ .. لكنه يتحرك فيما أنا مازلت واقفا مكاني ! .. ماذا يحدث لي ؟ .. ما هذا الذي مر مسرعا على الحائط ؟ .. هل افقد عقلي أم هناك شخص ما يسكن معي دون أن اعرف ...
إذا كنت عزيزي القارئ من سيئي الحظ الذين شاهدوا مثل هذه الظلال المخيفة والغريبة وكنت تبحث عن إجابات لما شاهدته فتعال معنا لنتعرف على هذه الظاهرة وما هي تفسيراتها .
يظهرون ويختفون بسرعة ..
في البداية ظاهرة أصحاب الظلال السوداء ليست بجديدة , فهناك قصص وأساطير ضاربة في القدم تتحدث عن كائنات الظل . وهناك مشاهدات تعود لقرون عديدة . إنها تلك الظلال المراوغة التي تظهر في طرف العين وتختفي فور أن ندير وجوهنا إليها , أو تظهر كانعكاس علي شاشة التلفاز لكن حين نلتفت لا نري أحد ورائنا . أو نكون جالسين نقرأ كتاب ونشعر فجأة بشيء يمر من أمامنا بسرعة .. شيء داكن ومعتم .. لكن حين نرفع رأسنا لا نرى شيء ! ..
أحيانا قد يأتي أصحاب الظلال السوداء بأشكال وملامح محددة , لعل أشهرها هو ذلك الذي يطلق عليه صاحب القبعة , والذي يصفه البعض بأنه ظل لشخص يرتدي قبعة ذات طراز عتيق . وهناك أيضا من زعموا بأن لبعض تلك الكائنات السوداء عيون حمراء . وقد يظهر أصحاب الظلال السوداء في احد أركان الحجرة .. أو يتوارى خلف التلفاز .. أو خلف كرسي وقطعة أثاث .
ويقال بأن تلك الكائنات الداكنة تتغذي علي خوفنا منها . ويقال أيضا أنها تظهر عند المواقف التي يكون مخزون المشاعر السلبية كبيرا لدى الإنسان , فتلك المشاعر - بحسب البعض - تجعلهم أكثر وضوحا وقوة .
ويشاع بأن أصحاب الظل الأسود يظهرون في الأماكن التي تشهد أحداثا غير طبيعة , كالأماكن المسكونة , حيث يعتقد بوجود صلة بينهم وبين مشاهدات الجن والأشباح , ويقال بأن القرين قد يأخذ شكل ظل الإنسان وانعكاس صورته . 
الظل هو كيان منفصل بحد ذاته لدى الفراعنة ..
العديد من الأساطير القديمة ربطت ما بين كائنات الظل والعالم الآخر , لا بل أن الظل بحسب المعتقدات الفرعونية كان جزءا من أجزاء الروح الخمسة , يطلق عليه أسم (Sheut ) , وهو يبقى بعد موت الإنسان وفناء الجسد . وفي المعتقدات السومرية والإغريقية فأن أرواح الموتى تتحول إلى ظلال داكنة في العالم السفلي تحت الأرض .
فهل يمكن أن يكون ذلك الخيال أو الظل الذي لمحته بطرف عينك , أو الذي مر مسرعا من أمامك .. هل هو أحد تلك الكائنات الماورائية التي ذكرتها الأساطير القديمة .
الأمر بالتأكيد يسبب الكثير من الحيرة والخوف لمن تعرضوا لهكذا الموقف .
لكن المطمئن في الأمر هو أن أصحاب الظلال السوداء عادة ما يكونوا غير مؤذيين , فهم على ما يبدو مهتمين بمراقبة تصرفاتنا أثناء حياتنا اليومية أكثر من أي شيء آخر . لكن هناك أيضا مزاعم قليلة بالتعرض للهجوم من قبلهم .

هل من تفسير لهذه الظاهرة ؟

تعددت التفسيرات لظاهرة أصحاب الظلال السوداء بسبب طبيعتها الغريبة والمراوغة .
بعض الباحثين في الأمور الخارقة للطبيعة يعتقدون أن تلك الكائنات هي شياطين متنكرة في شكل أنساني أو أشكال أخري , لكن لا يعرف سبب ظهورها بتلك الطريقة , وهل تتعمد تخويف الناس أم لا .
هل اصحاب الظل هم الاشباح ؟ ..
هناك أيضا من يرون أن تلك الظاهرة في حقيقتها عبارة عن أشباح لأناس كانوا أشرارا خلال حياتهم , ولهذا تستمتع أرواحهم الخبيثة بترويع الأحياء . لكن هذه النظرية تبدو صعبة التصديق من خلال تمحيص وتدقيق شهادات الناس الذي زعموا رؤية هذه الكائنات , فعلى عكس الأشباح التي تكون عادة ذات هيئة وملامح مميزة يمكن من خلالها التعرف على صاحبها والحقبة التاريخية التي ينتمي إليها , فأن صاحب الظل الأسود لا توجد له مواصفات أو ملامح محددة , فقط كتلة سوداء قد تأخذ إطارا بشريا أو قد تكون بدون أي ملامح على الإطلاق .
هناك تفسيرات أخرى تزعم بأن هذه الظاهرة مرتبطة بتجارب الخروج من الجسد . فهؤلاء الخارجون من أجسادهم مؤقتا يمكن أن يظهروا للآخرين على هيئة ظل اسود . وهذه النظرية ذكرها الكاتب جيري جارسون في كتابه الموسوم " نحن جميعا نسافر خارج الجسد " .
رأي آخر ينسب الظاهرة إلى الكائنات الفضائية , حيث يرى أصحاب هذا الرأي بأن الفضائيين يتنكرون في هيئة ظل اسود لكي يراقبون تفاصيل حياتنا اليومية من دون أن نشعر بهم , ولكي يسهل عليهم خطف البشر من دون أن يفطن لوجودهم أحد .
هناك أيضا من يزعم بأن أصحاب الظلال السوداء هم مسافرون عبر الزمن جاءوا من المستقبل لرؤية الماضي ولهذا يظهرون كأشكال باهتة غير ذات ملامح .
أما أقدم النظريات وأكثرها ترجيحا حتى الآن فهي تلك التي تزعم بأن تلك الكائنات الغامضة قادمة من بعد آخر , حيث تفترض النظرية بأن تلك الظلال تعود لكائنات تعيش في بعد موازي لبعدنا , ولسبب أو لآخر يحدث أحيانا أن يتداخل البعدان , مما يتيح لأصحاب الظلال السوداء فرصة الظهور في عالمنا .

السبت، 8 فبراير 2014

عفريت المؤاساة … يجلس بجوار الحزانى ليواسيهم

وفى احدى زيارتنا للمقابر تذكر والدى اشقاءه الذين خطفهم الموت مبكرا فجلس بجوار قبرهم واجهش بالبكاء
وبالمصادفة كان يمر من امام مقبرتنا العم صالح جارنا فى المقابر فسمع صوت البكاء واتجه نحو والدى واخذ يربت على كتفه قائلا .. يكفى بكاء ونحيب لن يفيد بشي مثلما قال عفريت المؤاساة  ...
عفريت المؤاساة! .. كانت عبارة مخيفة لها رنين في قلبي قبل أذني ونظرت إلى العم صالح مشدوها وأجاب العم صالح عن سؤالي قبل أن اطرحه  قال انتم تعلمون انه كان لى ابنا فقدته وهو فى ريعان شبابه وظللت سنين عديدة اتى هنا وانوح عليه وفى احدى المرات توفى احد الاقارب وذهبت مع العائلة لدفنه ، وكما فى كل مرة تركت الجمع يبداون فى الدفن وذهبت بعيدا قاصدا مقبرة ابنى رغم عتمة الليل الموحشه ورائحة الموت ورهبة المكان .. ولما وصلت للمقبرة ألقيت جسدي على قبر ابني وأخذت أنوح وابكي ...
فسمعت صوتا من الخلف يقول : لك سنين عديدة وأنت تاتى الى هنا وتنوح على ابنك يكفى بكاء لن يفيد بشى ..
واقترب منى هذا الشخص وأنا مازلت غارقا في دموعي وقال : هيا ضع يدك على لاساعدك على النهوض ..
فخيل لي أنه أحد المشيعين ..
فخيل لي انه احد المشيعين .. ولما وضعت يدي عليه اخترق ذراعي جسده وكأني اتكأت على هواء فانتصبت مذعورا واذا بى امام عفريت وجه لوجه عينيه تتوقدان كانهم جمر يلتهب وفمه يتسع كبئر عميق ..
خيم الصمت لثواني طويلة مرت علينا كأنها سنوات .. وكل منا يحدق فى وجه الاخر ..
هل اركض أنا ... أم سوف يتلاشى هو ؟ .. رحت أسال نفسي  ..
وبدون ما اشعر أغمضت عيني وصرخت صرخة كاد أن يفزع منها الأموات وأطلقت ساقي للريح هاربا مذعورا
فخرجت ضحكة مخيفة من العفريت تلاشى صداها فى سكون الليل بين الاموات ..
وصرت اركض فى المقابر والرعب يدب فى قلبى ويزداد الخوف اكثر واكثر ومع كل خرفشة ورقة او صوت ات من بعيد تخيل لى ان العفريت يركض خلفى .. وعودت من حيث أتيت لكني لم أجد احد من المشيعين ... لقد رحلوا وتركوني ..

امتلئ قلبي بالذعر بعد أن وجدت نفسي وحيدا وشعرت بان روحي تبتعد عن جسدي وأخذت أحملق كثيرا في الأفق لتعود الطمأنينة إلى قلبي بعد أن رأيت احد الأشخاص يشق الظلام بنور الشعلة ... لقد شعروا بعدم وجودي ورجعوا يبحثوا عنى  وتوقف العم صالح عن الكلام وذهب الى مقبرته وهو يدك الأرض بعصاه الغليظة

الجمعة، 7 فبراير 2014

طاوي الليل

طاوي الليل

طاوي الليل .. يتجسد ليلا في الطرقات ..
أسطورة نشأنا معها حكاها البعض مؤمنا بأنها حقيقة ونقلها البعض مندهشا بأنها غريبة
ارتجفنا معها صغارا ولاحقت مغامراتنا الليلية ونحن شبابا
(العظروط)  او (طاوي الليل) أسطورة يمنية خالصة لكنها كغيرها من الأساطير تمد جدائلها الطويلة إلى كل مكان فنجد شبيهاتها في كل ثقافات الشعوب .
(العظروط )  أو (طاوي الليل) نوع من الجان يتجسد ليلا في الطرقات قد يظنه الإنسان من بعيد ادميا لكنه ما إن يقترب منه ويدقق في ملامحه وتفاصيل جسده حتى يقشعر بدنه فرقا ورعبا فهذا الكائن المرعب لا يمت لعالمنا بصلة ..
وينتفخ الجني المرعب ويزداد طوله بشكل مهول كأنه عمود من دخان ،  فيتجمد من يراه خوفا ورهبه
ثم وببساطة بعيدة كل البعد عن هذا الاستعراض المفزع يختفي ذلك الشيء في دياجير الظلام
من سمات هذا الكائن ظهوره المتكرر في نفس المكان واستعراضه الصامت المرعب واختفائه دون أن يلحق بمن يشاهده أي ضرر عدا الضرر النفسي الذي قد يصل إلى الجنون أو الذبحة القلبية 
وذلك دأب الأشباح المرعبة أو بعضها في كل الثقافات

الخميس، 6 فبراير 2014

القط الأسود

لست أتوقع منكم، بل لست أطلب أن تصدقوا الوقائع التي أسطرها هنا لقصة هي أغرب القصص وإن كانت في الآن عينه مألوفة للغاية.
سوف أكون مجنوناً لو توقعت أن تصدقوا ذلك، لأن حواسي ذاتها ترفض أن تصدق ما شهدته ولمسته.
غير أنني لست مجنوناً – ومن المؤكد أنني لا أحلم- وإذ كنت ملاقياً حتفي غداً فلا بد لي من أن أزيح هذا العبء عن روحي.
ما أرمي إليه هو أن أبسط أمام العالم، بوضوح ودقة، وبلا أي تعليق، سلسلة من الوقائع العادية جداً. إنها الوقائع التي عصفت بي أهوالها و واصلت تعذيبي ودمرتني. مع ذلك لن أحاول تفسيرها وإذا كنت لا أجد فيها غير الرعب فإنها لن تبدو للآخرين مرعبة بقدر ما ستبدو نوعاً من الخيال الغرائبي المعقد.
قد يجيء في مقبل الأيام ألمعي حصيف يبين له تفكيره أن هذا الكابوس مجرد أحداث عادية – وربما جاء ألمعي آخر أكثر رصانة وأرسخ منطقاً وتفكيره أقل استعداداً للإثارة من تفكيري، ليرى في الأحداث التي أعرضها بهلع مجرد تعاقب مألوف لأسباب طبيعية ونتائجها المنطقية.
عُرِفْت منذ طفولتي بوداعتي ومزاجي الإنساني الرقيق، حتى أن رقة قلبي كانت على درجة من الإفراط جعلتني موضوع تندر بين زملائي. وقد تميزت بولع خاص بالحيوانات مما جعل أبواي يعبّران عن تدليلهما لي بإهدائي أنواعاً من الحيوانات المنزلية. مع هذه الحيوانات كنت أمضي معظم أوقاتي ، ولم أعرف سعادة تفوق سعادتي حين كنت أطعمها وأداعبها. نمت هذه الطباع الغريبة مع نموي، وكانت لي في طور الرجولة أكبر منابع المتعة.
الذين عرفوا مشاعر الولع بكلب أمين ذكي سوف يفهمون بسهولة ما أود قوله عن مدى البهجة المستمدة من العناية بحيوان أليف. إن في تعلق الحيوان بصاحبه تعلقاً ينـكر الـذات ويضـحي بها ما يخترق قلب الإنسان الذي هيأت له الظروف أن يعاني من خسة الصداقة وضعف الوفاء عند الجنس البشري.
تزوجت في سن مبكرة، وقد أسعدني أن أجد في مزاج زوجتي ما لا يناقض مزاجي. وإذ لاحظت ولعي بالحيوانات المنزلية لم تترك مناسبة تمر دون أن تقتني منها الأجناس الأكثر إمتاعاً وإيناساً. هكذا تجمع لدينا طيور وأسماك ذهبية وكلب أصيل وأرانب وقرد صغير وقط.
كان هذا القط كبير الحجم بشكل مميز، جميل الشكل، أسود اللون بتمامه، وعلى قدر عجيب من الذكاء، كانت زوجتي التي لا أثر للمعتقدات الخرافية في تفكيرها، حين تتحدث عن ذكائه تشير إلى الحكايات الشعبية القديمة التي تعتبر القطط السود سحرة متنكرين. هذه الإشارات لا تعني أنها كانت في يوم من الأيام جادة حول هذه المسألة. أذكر هذا لسبب وحيد هو أنه لم يرد إلى ذهني قبل هذه اللحظة.
كان بلوتو – وهذا هو اسم القط- حيواني المدلل وأنيسي المفضل، أطعمه بنفسي، ويلازمني حيثما تحركت في البيت. بل كنت أجد صعوبة لمنعه من اللحاق بي في الشارع.
دامت صداقتنا على هذه الحال سنوات عديدة، تبدل خلالها مزاجي وساء سلوكي بفعل إدماني للخمر (إني أحمرّ خجلاً إذ أعترف بذلك) ويوما بعد يوم تزايدت حدة مزاجي وشراستي، واستعدادي للهيجان، وتزايد استهتاري بمشاعر الآخرين. ولكم عانيت وتألمت بسبب التعابير القاسية التي رحت أوجهها إلى زوجتي، حتى أنني في النهاية لجأت إلى العنف الجسدي في التعامل معها.
وبالطبع فقد استشعرت حيواناتي هذا التغير في مزاجي. ولم أكتف بإهمالها بل أسأت معاملتها. وإذا كان قد بقي لبلوتو بعض الاعتبار مما حال دون إساءتي إليه فإنني لم أستشعر دائماً في الإساءة إلى الأرانب أو القرد، أو حتى الكلب، كلما اقتربت مني مصادفة أو بدافع عاطفي. غير أن مرضي قد تغلب علي – وأي مرض كالمسكرات!- ومع الأيام حتى بلوتو الذي صار هرماً ومن ثم عنيداً نكداً بدأ يعاني من نتائج مزاجي المعتل.
ذات ليل كنت عائداً إلى البيت من البلدة التي كثر ترددي إليها وقد تعتعني السكر؛ وخيل إلي أن القط يتجنب حضوري؛ فقبضت عليه، وإذ أفزعته حركاتي العنيفة جرحني بأسنانه جرحاً طفيفاً فتملكني غضب الأبالسة. وبدا أن روحي القديمة قد اندفعت على الفور طائرة من جسدي؛ وارتعد كل عرق في هيكلي بفعل حقد شيطاني غذاه المخدر. فتناولت من جيب سترتي مطواة، فتحتها وقبضت على عنق الحيوان المسكين واقتلعت عامداً إحدى عينيه من محجرها! إنني احتقن، أحترق، أرتعد حين أكتب تفاصيل هذه الفظاعة الجهنمية.
لما استعدت رشدي في الصباح – لما نام هياج الفسوق الذي شهده الليل- عانيت شعوراً هو مزيج من الرعب والندم بسبب الجريمة التي ارتكبتها، غير أن ذلك كان في أحسن الحالات شعوراً ضعيفاً وملتبساً لم يبلغ مني الأعماق. ومن جديد استحوذ علي الإفراط في الشراب. وسرعان ما أغرقت الخمرة كل ذكرى لتلك الواقعة.
في هذه الأثناء أخذ القط يتماثل للشفاء تدريجياً. صحيح أن تجويف العين الفارغ كان يشكل منظراً مخيفاً لكن لم يبد عليه أنه يتألم، وعاد يتنقل في البيت كسابق عهده، غير أنه كما هو متوقع، كان ينطلق وقد استبد به الذعر كلما اقتربت منه. كانت ماتزال لدي بقايا من القلب القديم بحيث ينتابني الحزن إزاء هذه الكراهية الصارخة التي يبديها لي كائن أحبني ذات يوم. لكن سرعان ما حل الانزعاج محل الحزن. وأخيراً جاءت روح الانحراف لتدفعني إلى السقوط الذي لا نهوض منه. هذه الروح لا توليها الفلسفة أي اعتبار. مع ذلك لست واثقاً من وجود روحي في الحياة أكثر من ثقتي أن الانحراف واحد من النوازع البدائية في القلب البشري، واحد من الملكات أو المشاعر الأصيلة التي توجه سلوك الإنسان. من منا لم يضبط نفسه عشرات المرات وهو يقترف إثماً أو حماقة لا لسبب غير كون هذا العمل محرماً؟ أليس لدينا ميل دائم، حتى في أحسن حالات وعينا، إلى خرق ما يعرف بالقانون لمجرد علمنا بأنه قانون؟ روح الانحراف هذه هي التي تحركت تدفعني إلى السقوط النهائي. إنها رغبة النفس الدفينة لمشاكسة ذاتها – لتهشيم طبيعة ذاتها- لاقتراف الإثم لوجه الإثم، هذه الرغبة التي لا يسبر غورها هي التي حرضتني على مواصلة الأذى ضد الحيوان الأعزل، وأخيراً الإجهاز عليه.
فلم باتجك سلافيسا
لففت حول عنقه أنشوطه وعلقته بغصن شجرة ..
ذات صباح وعن سابق تصور وتصميم لففت حول عنقه أنشوطه وعلقته بغصن شجرة ..شنقته والدموع تتدفق من عيني، وفي قلبي تضطرم أمرّ مشاعر الندم؛ شنقته لعلمي أنني بذلك أقترف خطيئة، خطيئة مميتة سوف تعرض روحي الخالدة للهلاك الأبدي، وتنزلها إن كان أمر كهذا معقولاً، حيث لا تبلغها رحمة أرحم الراحمين والمنتقم الجبار.
في الليلة التي وقع فيها هذا الفعل الشنيع، استيقظت من النوم على صوت النيران. كان اللهب يلتهم ستائر سريري والبيت بكامله يشتعل. ولم ننج أنا وزوجتي والخادم من الهلاك إلا بصعوبة كبيرة. كان الدمار تاماً. ابتلعت النيران كل ما أملك في هذه الدنيا، واستسلمت مذ ذاك للقنوط واليأس.
لم يبلغ بي الضعف مبلغاً يجعلني أسعى لإقامة علاقة سببية بين النتيجة وبين الفظاعة التي ارتكبتها والكارثة التي حلت بي. لكنني أقدم سلسلة من الوقائع وآمل ألا أترك أي حلقة مفقودة في هذا التسلسل.
في اليوم الذي أعقب الحريق ذهبت أزور الأنقاض. كانت الجدران جميعها قد تهاوت باستثناء جدار واحد، هذا الجدار الذي نجا بمفرده لم يكن سميكاً لأنه جدار داخلي يفصل بين الحجرات ويقع في وسط البيت، وإليه كان يستند سريري من جهة الرأس. وقد صمد طلاء هذا الجدار و تجصيصه أمام فعل النيران. وهو أمر عزوته إلى كون التجصيص حديثاً. أمام هذا الجدار كان يتجمهر حشد من الناس وبدا أن عدداً كبيراً منهم يتفحص جانباً مخصوصاً منه باهتمام شديد، فحركت فضولي تعابير تصدر عن هذا الحشد من نوع (عجيب!) (غريب!) دنوت لأرى رسماً على الجدار الأبيض كأنه حفر نافر يمثل قطاً عملاقاً. كان الحفر مدهشاً بدقته ووضوحه، وبدا حبل يلتف حول عنق الحيوان.
عندما وقع نظري لأول مرة على هذا الشبح، إذ لم أكن أستطيع أن أعتبره أقل من ذلك، استبد بي أشد العجب وأفظع الذعر. غير أن التفكير المحلل جاء ينقذني من ذلك. لقد كان القط على ما أذكر معلقاً في حديقة متاخمة للبيت؛ فلما ارتفعت صيحات التحذير من النار، غصت الحديقة فوراً بالناس، ولابد أن شخصاً ما قد انتزعه من الشجرة وقذف به عبر النافذة إلى غرفتي، وربما كان القصد من ذلك تنبيهي من النوم. ولابد أن سقوط الجدران الأخرى قد ضغط ضحية وحشيتي على مادة الجص الحديث للطلاء؛ اختلط كلس هذا الطلاء بالنشادر المتصاعد من الجثة وتفاعل به بتأثير النيران فأحدث الرسم النافر الذي رأيته.
ومع أنني قدمت هذا التفسير لأريح عقلي، إن لم أكن قد فعلت ذلك لأريح ضميري، فإن المشهد الغريب الذي وصفته لم يتوقف عن التأثير في مخيلتي، وعلى مدى أشهر لم أستطع أن أتخلص من هاجس القط؛ خلال هذه الفترة عاودني شعور بدا لي أنه الندم، ولم يكن في الحقيقة كذلك. لم يكن أكثر من أسف على فقد حيوان، وتفكير بالحصول على بديل من النوع نفسه والشكل نفسه ليحل محله.
في إحدى الليالي، فيما كنت جالساً، شبه مخبول، في وكر من أوكار العار، إذ أنني أدمنت الآن ارتياد هذه الأماكن الموبوءة، جذب انتباهي فجأة شيء أسود فوق برميل ضخم من براميل الجن أو شراب الروم، البراميل التي تشكل قطع الأثاث الرئيسية في ذلك المكان، كنت طوال دقائق أحدق بثبات في رأس البرميل، وما سبب دهشتي هو أنني لم أتبين للحال طبيعة الشيء باستثناء شيء واحد. إذ لم تكن في أي مكان من جسم بلوتو شعرة بيضاء واحدة؛وكانت لهذا القط بقعة بيضاء غير واضحة الحدود تتوزع على منطقة الصدر بكاملها.
حالما لمسته نهض وأخذ يخط بصوت مرتفع ويتمسح بيدي، وبدا مسروراً باهتمامي له، وإذن هذا هو بالضبط ما كنت أبحث عنه. للحال عرضت على صاحب البيت شراءه، لكن هذا أجاب بأنه لا يملكه ولا يعرف شيئاً عنه، ولم يره من قبل.
واصلت مداعبتي له، ولما تهيأت للذهاب، اتخذ وضعية تبين أنه يريد مرافقتي، فتركته يصحبني، وكنت بين الحين والآخر أتوقف وأربت على ظهره أو أمسح رأسه. لما وصل إلى البيت بدا أليفاً ولم يظهر عليه أي استغراب. وعلى الفور صار أثيراً لدى زوجتي.
أما أنا فسرعان ما وجدت المقت يتصاعد في أعماقي، وكان هذا عكس ما توقعته. ولم أستطع أن أفهم كيف تعلق القط بي ولا سبب هذا التعلق الواضح الذي أثار اشمئزازي وأزعجني. وأخذ الانزعاج والاشمئزاز يتزايدان شيئاً فشيئاً ويتحولان إلى كراهية مريرة، فأخذت أتجنب هذا الكائن؛ كان إحساس ما بالعار، وذكرى فظاعتي السابقة يمسكان بي عن إلحاق الأذى الجسدي به. وامتنعت طوال أسابيع عن ضربه أو معاملته بعنف، لكن تدريجياً - وبتدرج متسارع- أخذت أنظر إليه بكره لا يوصف وأبتعد بصمت عن حضوره البغيض كما أبتعد عن لهاث مصاب بالطاعون.
ما أكدَّ كرهي لهذا الحيوان هو اكتشافي، صبيحة اليوم التالي لوصوله أنه مثل بلوتو، قد فقد إحدى عينيه، غير أن هذا زاد من عطف زوجتي عليه لأنها كما ذكرت تملك قدراً عظيماً من المشاعر الإنسانية التي كانت ذات يوم ملامحي المميزة، ومنبعاً لأكثر المسرات براءة ونقاء.
كان هيام القط بي يزداد بازدياد بغضي له، فكان يتبع خطواتي بثبات يصعب إيضاحه، فحيثما جلست، كان يجثم تحت مقعدي، أو يقفز إلى ركبتي ويغمرني بمداعباته المقززة، فإذا نهضت لأمشي اندفع بين قدمي وأوشك أو يوقعني، أو غرز مخالبه الطويلة الحادة في ثيابي ليتسلق إلى صدري، ومع أنني كنت أتحرق في مناسبات كهذه لقتله بضربة واحدة فقد كنت أمتنع عن ذلك بسبب من ذكرى جريمتي السابقة إلى حد ما، لكن بصورة أخص – ولأعترف بذلك حالاً- بسبب الرعب من هذا الحيوان.
لم يكن هذا الرعب خوفاً من شر مادي مجسد، مع ذلك أحار كيف أحدده بغير ذلك، يخجلني أن أعترف أجل، حتى في زنزانة المجرمين هذه، يكاد يخجلني الاعتراف بأن الرعب والهلع اللذين أوقعهما في نفسي هذا الحيوان ازدادا حدة بسبب من وهم لا يقبله العقل.
كانت زوجتي قد لفتت انتباهي، أكثر من مرة إلى طبيعة البقعة البيضاء على صدر القط، والتي أشرت إليها سابقاً، تلك العلامة التي تشكل الفارق الوحيد بين هذا الحيوان الغريب وذاك الذي قتلته.
هذه البقعة على اتساعها لم تكن لها حدود واضحة، غير أنها شيئاً فشياً وبتدرج يكاد لا يلحظ، تدرج صارع عقلي لكي يدحضه ويعتبره وهماً، اكتسبت شكلاً محدداً بوضوح تام. صار لها الآن شكل ارتعد لذكر اسمه ..هذا الشكل هو ما جعلني أشمئز وأرتعب، وأتمنى التخلص من الحيوان لو تجرأت ، كان الآن صورة لشيء بغيض شيء مروع هو المشنقة! أوه أيّ آلة شنيعة جهنمية للفظاعة والجريمة للنزع والموت!
والآن لقد انحدرت إلى درك ينحط بي عن صفة الإنسانية! كيف ينزل بي حيوان بهيم – قتلت مثله عن سابق تصميم- حيوان بهيم ينزل بي أنا الإنسان المخلوق على صورة كريمة، كل هذا الويل الذي لا يحتمل! وا أسفاه! ما عدت أعرف رحمة الراحة لا في النهار ولا في الليل! ففي النهار لم يكن ذلك البهيم ليفارقني لحظة واحدة، وفي الليل كنت أهب من النوم مراراً يتملكني ذعر شديد لأجد لهاث ذلك الشيء فوق وجهي، وثقل جسمه الضخم – مثل كابوس متجسد لا أقوى على زحزحته- يجثم أبدياً فوق قلبي.
وهكذا انهارت بقايا الخير الواهية تحت وطأة هذا العذاب، وصارت أفكار الشر خدين روحي، أشدَّ الأفكار حلكة وشيطانية، ازدادت مزاجيتي سوداوية حتى تحولت إلى كراهية للأشياء كلها وللجنس البشري بأسره، وأخذت نوبات غضبي المفاجئة المتكررة التي لم أعد أتحكم بها واستسلمت لها كالأعمى، أخذت تطال وا أسفاه زوجتي، أعظم الصابرين على الآلام.
رافقتني ذات يوم لقضاء بعض الأعمال المنزلية في قبو المبنى القديم حيث أرغمتنا الفاقة على السكنى، تبعني القط على الدرج وكاد يرميني، فاستشاط غضبي الجنوني؛ رفعت فأساً متناسياً ما كان من خوفي الصبياني الذي أوقفني حتى الآن، وسددت ضربة إلى الحيوان كانت ستقضي عليه لو أنها نزلت حيث تمنيت، غير أن يد زوجتي أوقفت هذه الضربة. كان هذا التدخل بمثابة منخاس دفع بغضبي إلى الهياج الشيطاني؛ انتزعت يدي من قبضة زوجتي و دفنت الفأس في رأسها، فسقطت ميتة دون أن تصدر عنها كلمة.
لما ارتكبت هذه الجريمة البشعة، جلست على الفور أفكر في التخلص من الجثة. عرفت أنني لا أستطيع إخراجها من البيت لا في الليل ولا في النهار دون أن أخاطر بتنبيه الجيران. مرت برأسي خطط عديدة. فكرت بأن أقطع الجثة إرباً ثم أتخلص منها بالحرق. وفكرت في حفر قبر لها في أرض القبو. كما فكرت في إلقائها في بئر الحوش، أو أن أحشرها في صندوق بضاعة وأستدعي حمالاً لأخذها من البيت. وأخيراً اهتديت إلى أفضل خطة للتخلص منها. قررت أن أبنيها في جدار القبو، كما كان الرهبان في القرون الوسطى يبنون ضحاياهم في الجدران.
كان القبو مناسباً لهذه الغاية. فقد كان بناء جدرانه مخلخلاً وقد تم توريق الجدران حديثاً بملاط خشن حالت الرطوبة دون تصلبه. وفوق ذلك كان في أحد الجدران تجويف بشكل المدخنة تم ردمه بحيث تستوي أجزاء الجدار، وتأكد لي أن باستطاعتي انتزاع قطع الطوب من هذا التجويف وإدخال الجثة، وبناء التجويف ليعود الجدار كما كان بحيث لا ترتاب العين في أي تغيير.
ولم تخطئ حساباتي. استعنت بمخل لانتزاع قطع الطوب، وأوقفت الجثة بتأن لصق الجدار الداخلي ودعمتها لتحتفظ بوضع الوقوف، فيما كنت أدقق لأعيد كل شيء إلى ما كان عليه. كنت قد أحضرت الملاط والرمل والوبر، فهيأت الخليط بمنتهى الدقة والعناية بحيث لا يميز من الملاط السابق، وأعدت كل قطعة طوب إلى مكانها. عندما أكملت العمل أحسست بالرضا عن النتيجة. لم يكن يبدو على الجدار أدنى أثر يدل على أنه قد لمس. نظفت الأرض بمنتهى العناية ونظرت حولي منتصراً وقلت في نفسي: ’’لم يذهب جهدي سدىً‘‘.
كانت الخطوة الثانية هي البحث عن الحيوان الذي سبب لي هذه الفاجعة الرهيبة، ذلك أنني قررت القضاء عليه، لوعثرت عليه في تلك اللحظة لما كان هنالك من شك في أمر مصيره؛ لكن يبدو أن الحيوان الذكي أدرك عنف غضبي فاختفى متجنباً رؤيتي وأنا في ذلك المزاج.
يستحيل علي أن أصف عمق الراحة والسكينة التي أتاحها لروحي غياب ذلك الحيوان. لم يعد للظهور تلك الليلة. وهكذا ولأول مرة منذ وصوله إلى البيت نمت بعمق وهدوء، أجل نمت على الرغم من وزر الجريمة الرابض فوق روحي.
مر اليوم الثاني ثم الثالث ولم يظهر معذبي، ومن جديد تنفست بحرية. لقد أصيب الوحش بالذعر فنجا بنفسه نهائياً! ولن يكون علي أن أتحمله بعد الآن! كانت سعادتي بذلك عظيمة! ولم يؤرق مضجعي وزر الجريمة السوداء إلا لماماً. جرت بعض التحقيقات وقدمت أجوبة جاهزة. بل كانت هناك تحريات، غير أن شيئاً ما لم يكتشف، وأدركت أن مستقبل سعادتي في أمان.
فلم باتجك سلافيسا
كنت قد بنيت الجدار والقط داخل القبر
في اليوم الرابع بعد وقوع الجريمة جاءت فرقة من الشرطة إلى البيت بشكل لم أتوقعه وبدأت تحريات واستجوابات دقيقة، لكن بما أنني كنت مطمئنا إلى إخفاء الجثة لم أشعر بأي حرج. سألني ضباط الشرطة أن أرافقهم إلى القبو، فلم ترتعد فيَّ عضلة واحدة. كان قلبي ينبض بهدوء كقلب بريء نائم. رحت أذرع القبو جيئة وذهاباً عاقداً ذراعي فوق صدري. اقتنع رجال الشرطة بنتائج بحثهم واستعدوا للذهاب، كانت النشوة في قلبي أقوى من أن أكتمها. كنت أتحرق لقول كلمة واحدة، لفرط ما أطربني الانتصار، ولكي أزيد يقينهم ببراءتي.
’’أيها السادة - قلت أخيراً، لما كان الفريق يصعد الدرج - يسرني أن أكون قد بددت كل شكوككم. أتمنى لكم تمام الصحة ومزيداً من اللباقة، بالمناسبة أيها السادة، هذا بيت مكين البناء - في رغبتي العارمة لقول شيء سهل،لم أجد ما أتلفظ به - إنه بيت مبني بشكل ممتاز. هذه الجدران- هاأنتم ذاهبون أيها السادة- هذه الجدران متماسكة تماماً‘‘
وهنا ، وبنوع من الزهو المتشنج- طرقت طرقاً قوياً على الجدار بعصا كانت بيدي، تماماً في الموضع الذي أخفيت فيه زوجة قلبي.
لكن ليحمني الله من مخالب إبليس الأبالسة! لم تكد اهتزازات ضربتي تغرق في الصمت حتى جاوبني صوت من داخل القبر! صرخة مكتومة متقطعة بدأت كبكاء طفل، لكن سرعان ما أخذت تتعاظم وتتضخم لتغدو صرخة واحدة هائلة مديدة شاذة غريبة وغير آدمية بالمرة.. غدت عواء.. عويلاً مجلجلاً يطلقه مزيج من الرعب والظفر، وكأنما تتصاعد من قيعان الجحيم تتعاون فيها حناجر الملعونين في سعير عذاباتهم والشياطين إذ يهللون اللعنات.
من الحماقة أن أحدثكم عن الأفكار التي تلاطمت في رأسي.. ترنحت منهاراً وتهاويت مستنداً إلى الجدار المقابل.. للحظة واحدة ظل فريق الشرطة مسمراً على الدرج بفعل الرعب والاستغراب. وفي اللحظة التالية كانت بضع عشرة ذراعاً شديدة تهدم الجدار. أنهار قطعة واحدة. كانت الجثة قد تحللت إلى درجة كبيرة و غطاها الدم المتجمد، وهي تنتصب واقفة أمام أعين المشاهدين وعلى رأسها يقف القط الأسود الكريه بفمه الأحمر المفتوح وعينه الوحيدة النارية، القط الذي دفعتني أفعاله إلى الجريمة ثم أسلمني صوته الكاشف إلى حبل المشنقة. كنت قد بنيت الجدار والقط داخل القبر.