الثلاثاء، 17 يونيو 2014

ريتشارد راميريز .. المتعقب الليلي

راميريز .. رسول الشيطان ..
" أنه شيء لا يمكنك أن تفهمه , لكن لدي شيء لأقوله , في الحقيقة لدي الكثير لأقوله , لكن الآن ليس الوقت ولا المكان المناسب . لا أعلم لماذا أضيع وقتي وأبذر أنفاسي . لكن ماذا بحق الجحيم ؟ .. بالنسبة لما قيل عن حياتي , كانت هناك أكاذيب في الماضي وستكون هناك أكاذيب في المستقبل . أنا لا أؤمن بالنفاق , بالمبادئ الأخلاقية لما يسمى بالمجتمع المتحضر . لا أحتاج إلى النظر ابعد من جدران هذه الحجرة لأرى الكاذبين والحاقدين والقتلة واللصوص وأولئك الجبناء المصابين بجنون العظمة , طفيليات الأرض , كل منهم في مهنته الشرعية . أنتم أيها الديدان تشعروني بالاشمئزاز , المنافقون منكم والجميع . لا أحد يعلم حقيقة ما أقول أفضل من أولئك الذين يقتلون الناس لغايات سياسية , سرا وعلانية , كما تفعل حكومات العالم التي تقتل بأسم الله والوطن أو لأي سبب وعذر آخر يروه مناسبا لتحقيق مآربهم . لست بحاجة لسماع مسوغاتكم الاجتماعية .. لقد سمعتها كلها في السابق , لكن الحقيقة تبقى هي هي " .
هكذا أجاب ريتشارد راميريز حينما سأله القاضي في قاعة المحكمة عن الدافع وراء جرائمه . وقد يظن البعض بأنه ما قاله هو مجرد هراء غير مترابط لمدمن مختل . لكن لو قرأنا كلماته بدقة لوجدنا - للأسف – أنها لا تخلو من بعض الحقيقة . هناك فعلا مجرمين في هذا العالم لا يحاسبهم ولا يدينهم أحد , لا بالعكس , تراهم يخطرون بملابس أنيقة ويجلسون خلف مكاتب فاخرة ويتمتعون بالسلطة والمال والاحترام , مع أنهم لا يختلفون كثيرا عن راميريز .. فهم أيضا , بشكل أو بآخر , مجرد لصوص وقتلة ومغتصبين . الفارق الوحيد بينهم وبين راميريز هو أن ما يقومون به شرعي , أو بالأحرى تم إضفاء لباس الشرعية عليه بمبررات ومسوغات شتى .
طبعا هذا لا يبيح لراميريز وغيره قتل الناس , لكننا آثرنا أن نبدأ بهذه المقدمة المأخوذة من فم بطل القصة لكي نعطيك عزيزي القارئ لمحة عن طرز تفكير هذا السفاح الرهيب , ولتدرك بأن أغلب الجرائم التي تقترف في هذا العالم هي في أساسها نابعة عن الشعور بعدم المساواة وغياب العدالة الاجتماعية , مما يولد كراهية للمجتمع لدى بعض الأشخاص .
رايميرز مع أمه وأبيه وأبنة شقيقه ..
لكن دعونا الآن نترك قاعة المحكمة حيث يمثل راميريز بتهمة قتل العديد من الأبرياء , ولنعد بالزمن إلى الوراء , تحديدا إلى يوم 29 فبراير (شباط) 1960 في مدينة ال باسو بولاية تكساس الأمريكية حيث ولد طفل بريء جميل أطلق عليه والداه أسم ريتشارد وكان مقدرا له أن يصبح الرجل الذي سينشر الخوف على طول الساحل الغربي للولايات المتحدة .
كان تسلسله الأخير بين ستة أطفال لعائلة كادحة فقيرة . والده جوليان راميريز كان شرطيا في المكسيك , لكنه هاجر مع عائلته إلى الولايات المتحدة فأصبح عاملا في محطة للقطارات . كان رجلا عصبيا حاد المزاج يضرب أطفاله ويعنفهم لأتفه الأسباب . أما الأم , مارسيدس راميريز , فكانت عاملة مصنع , سيدة طيبة متدينة , بذلت كل ما في وسعها لكي يشب أولادها كأشخاص محترمين ومستقيمين , لكن الرياح أتت بما لا تشتهيه سفنها .
راميريز كان طفلا هادئا , نال الحب والرعاية من لدن عائلته , خصوصا شقيقته الكبرى روث , التي تعلقت به كأنه أبنها , وظلت مخلصة له حتى لحظاته الأخيرة . لكن طفولة راميريز لم تخلو من بعض المنغصات , بسبب فقر العائلة , وحدة مزاج الأب , والمحيط الذي تعيش فيه الأسرة حيث تتفشى البطالة والجريمة والمخدرات .

الضربة

راميريز في السادسة ..
مثلما ذكرنا في مقال سابق , فالعديد من القتلة المتسلسلين تعرضوا لحادث خطير في طفولتهم وصباهم , غالبا ضربة على الرأس كان لها الأثر الأكبر في تغيير آلية عمل أدمغتهم . عائلاتهم والمقربين منهم قالوا بأن شخصياتهم تغيرت جذريا بعد الضربة .. تحولوا إلى شخص آخر .. سريع الغضب , لا يزن ردود أفعاله وتصرفاته جيدا , لا يحاسب نفسه , ولا يعرف معنى الندم على أخطائه . وهذا هو بالضبط ما حصل لراميريز , فعندما بلغ العامين من عمره تعرض لإصابة خطيرة , إذ وقعت عليه حمالة الملابس فشجت رأسه , وأحتاج تقطيب جرحه إلى 13 غرزة . ومرة أخرى عندما بلغ عامه السادس تعرض لضربة موجعة على رأسه , صدمته أرجوحة بينما كان يلعب في المنتزه فسقط مغشيا عليه , وأصبح يعاني من نوبات صرع استمرت معه لبضعة سنوات .

أبن العم السادي

راميريز في صباه ..
حين بلغ راميريز العاشرة من عمره عاد أبن عمه (مايك) من فيتنام حيث كان يخدم في صفوف القوات الخاصة الأمريكية . مايك كان شخصا ساديا كريها ترك أثرا مدمرا على نفسية وسلوك راميريز , إذ راح يريه صورا ما كان لطفل بعمره أن يراها , صورا بشعة يظهر فيها مايك وهو يعذب ويغتصب ويقتل النساء الفيتناميات , إحدى تلك الصور التقطها له رفاقه وهو يغتصب امرأة , وفي صورة لاحقة يظهر ممسكا بالرأس المقطوع لنفس المرأة المسكينة .
وربما كنوع من التباهي , أخذ مايك يعلم أبن عمه الصغير أساليب القتال التي تلقاها خلال تدريباته في القوات الخاصة , والتي تتركز على التسلل بخفة ومباغتة الضحية بهجوم سريع لا يترك له أي فرصة للدفاع . علمه أيضا كيف يستمتع بتقطيع أوصال ضحاياه بالسكين , وهي دروس سيضعها راميزير موضع التطبيق لاحقا في حياته .
مع مايك أيضا بدأت رحلة راميريز الطويلة مع المخدرات , أخذ يتعاطاها وهو مازال طفلا في العاشرة من عمره . لكن أسوأ تأثيرات مايك تمثلت في قتله لزوجته أمام أنظار راميريز , أطلق الرصاص على رأسها فتناثر دماغها على وجه راميريز , قتلها لأنها طلبت منه أن يجد لنفسه عملا بدلا من تسكعه وإدمانه المخدرات . والغريب أن مايك لم يعاقب سوى بأربعة سنوات حبس , إذ نال حكما مخففا بدعوى أن الجريمة ارتكبت تحت تأثير الانفعال والغضب الشديد . راميريز لم ينسى أبدا ذلك المشهد الدموي , ولا النشوة العارمة التي اعترته حينما تناثرت دماء زوجة مايك على وجهه , وخلال السنوات القادمة سيحرص على إعادة تمثيل ذلك المشهد مرارا وتكرارا .. لكن بطريقته الخاصة .

النسيب المتلصص

التلصص على الآخرين ..
كأنما كان مقدرا لراميريز أن لا يصاحب سوى الأشرار والأراذل من الناس , فببلوغه الثالثة عشر من عمره بدأ يتهرب من المدرسة والمنزل , ربما فرارا من غضب والده وتعنيفه المستمر , في البداية وجد ملاذا في مقبرة قريبة , كان ينام وحيدا بين القبور , ثم انتقل بعد فترة للعيش مع شقيقته الكبرى روث وزوجها روبيرتو الذي كان متلصصا ليليا بامتياز ؛ والمتلصص عزيزي القارئ هو ذلك الشخص الذي يعشق مراقبة الناس سرا أثناء قيامهم بأمور شخصية وخاصة جدا , كتبديل الملابس والاستحمام وممارسة الجنس .. وقد يقدم على أمور خطيرة ومجنونة في سبيل إشباع رغباته , كأن ينتهك حريم منازل الجيران ليختلس النظر عبر النوافذ وثقوب الجدران التي يصنعها بنفسه .
علاقة روبيرتو مع راميريز توطدت بسرعة , فأخذ يصطحبه معه في جولاته الليلية , وراح يعلمه كيفية التسلل لمنازل الآخرين بخفة والتلصص عليهم من دون أن يشعروا بذلك . وبالتدريج تحولت هذه الهواية الشاذة إلى حرفة ومهنة لدى راميريز , فهو لم يعد يكتفي بالتلصص , وإنما راح يسرق المنازل التي يتسلل إليها من اجل أن يوفر المال اللازم لشراء الكوكايين الذي يتعاطاه , ولم يعد يكتفي باختلاس النظر , بل أصبح يمد يده بجرأة ووقاحة متلمسا أجساد النساء . وشيئا فشيئا أصبح لديه سجل حافل بالسرقة والتحرش الجنسي لدى الشرطة .

رسول الشيطان

كان ينام وحيدا في مقبرة ..
هناك من يرى بأن الفترة التي قضاها راميريز وحيدا في المقبرة كان لها الأثر الأكبر في صياغة أفكاره وتوجهاته , سألوه مرة بعد القبض عليه عن أفضل مكان يود قضاء السهرة فيه فأجاب قائلا : " شرب الخمر تحت ضوء القمر في مقبرة مهجورة" . برأي البعض فأن السلام والأمان الذي وجده راميريز في كنف الموتى , والذي لم يجده للأسف في كنف الأحياء , تحول بالتدريج إلى كره شديد للمجتمع .. أصبح الناس برأيه مجموعة من المنافقين البارعين في التمثيل والتظاهر بالوداعة والطيبة فيما هم يقترفون جميع الأمور السيئة سرا , ولو كان الأمر بيده لقضى عليهم جميعا , عبر عن ذلك مرة قائلا بأن أعظم أمنياته تتمثل في : " أن أضع إصبعي على زر التحكم بتفجير القنابل النووية " ! .. هذا الكره الشديد دفعه للبحث عن عالم آخر يمكن أن ينتمي إليه ويصبح جزءا منه , وقد عثر على ضالته في جماعات عبدة الشيطان (Satanism ) .
أصبح مولعا بعبادة الشيطان ..
يتذكر بعض زملائه في المدرسة بأنه كان يتهرب من الحصص ليتواجد في المكتبة ويقرأ عن الشيطان . كان مولعا حد العشق بالشيطان .. ذلك الشرير المتمرد على كل شيء . وبالمقابل أصبح لديه نفور شديد من الله , حين كانوا يسألونه لماذا ؟ .. كان يجيب ببساطة : " إذا كان الله سيحاسبني ويعاقبني على أخطائي فلماذا أعبده ؟ .. أليس من الأفضل أن أعبد من يكافئني ويثيبني على أخطائي ! " . وعبثا حاولت أمه الكاثوليكية الملتزمة أن تعيده إلى جادة الصواب , أرسلته إلى جمعية لدراسة الكتاب المقدس , فأخذ يقرأ الآيات بالمقلوب ! . وبالتدريج تولدت لديه قناعة لا تتزعزع بأنه قد تم اختياره بعناية ليكون من أتباع إبليس المخلصين , وبأن مكانة مرموقة تنتظره في ملكوت الظلام إلى جانب أقرانه من القتلة والسفاحين . هذه القناعات الغريبة انعكست على سلوكه , فوشم جسده النحيل بنجمة الشيطان وطرز بها أركان حجرته , وأصبح شغوفا بموسيقى الميتال , خصوصا أغاني فرقة (AC / Dc ) الأسترالية التي يقال بأن جرائمه مقتبسة من إحدى أغنياتها بعنوان "الجوال الليلي " . أصبح يرتدي الملابس السوداء المزينة برموز وأيقونات الشيطان , وصار الناس ينفرون منه ويخشونه بسبب مظهره المخيف ونظراته المفعمة بالحقد , فأشعره ذلك بنشوة عارمة لا تقل روعة عن تلك التي يحصل عليها من المخدرات , فهو الآن مخيف تماما كالشياطين التي يعشقها ويتمنى أن يكون منها , هو الآن يمتلك نفس قواها الخارقة , يستطيع التسلل إلى بيوت الناس من دون أن يشعر به أحد , ويستطيع نشر الموت والرعب من دون أن يردعه أحد .

الوحش ينطلق

طلقة في الرأس طريقته المفضلة .. صورة واحدة من ضحاياه ..
لا أحد يعلم متى شرع راميريز بقتل الناس , ولا العدد الحقيقي لضحاياه , بحسب ما ذكره هو لأحد زملائه في السجن فأنه قتل عشرين أنسانا خلال حياته . الشرطة تعتقد بأنه أقترف عدة جرائم قتل في مطلع شبابه , ربما كانت ضحيته الأولى طفلة في التاسعة من العمر عثر عليها شقيقها مشنوقة في قبو منزلهم , وتبين بتشريح جثتها بأنها تعرضت لضرب مبرح واغتصبت قبل أن يقوم المهاجم بشنقها . أصابع الاتهام تشير إلى راميريز لأنه كان يسكن قريبا من منزل الضحية في تلك الفترة ولديه سوابق عديدة بالتحرش الجنسي بالأطفال .
رسميا فأن مشوار راميريز الفعلي مع القتل ابتدأ في 28 يونيو / أيار عام 1984 , كانت أولى ضحاياه هي جيني فينكو - 79 عاما - . كان القاتل يبحث عن بيت ليسرقه في منطقة غلاسيل بارك في لوس انجلوس , ولأن الجو كان حارا في ذلك الوقت فقد كان من الصعب العثور على نافذة مفتوحة في تلك الأنحاء . لكن أخيرا وجد ضالته , فجيني كانت قد تركت أحدى النوافذ مفتوحة , وعبر هذه النافذة تسلل راميريز إلى شقتها من دون أن يصدر أي صوت حتى أن العجوز لم تشعر به طيلة مكوثه في منزلها , وبعد فترة من البحث لم يجد شيئا يذكر فاستشاط غضبا ودخل إلى غرفة العجوز النائمة فوقف بجانبها واخرج سكينا من طيات ملابسه ثم أنهال عليها طعنا في صدرها حتى مل من طعنها فقام بسد فمها بيده ثم نحرها كالنعجة .. لكن هل يكفي هذا كله قاتل مجنون مثله ؟؟ ..
للأسف لا... فقد قام بعد ذلك باغتصابها وهي ميتة ..
دايلي اوكازاكي .. ضحية ..
بعد اقل من سنة على مقتل جيني فينكو , قام راميريز بانتقاء ضحيته الثانية , ففي ليلة 27 مارس سنة 1985 عادت ماريا هرنانديز - 22 عاما – إل منزلها بعد يوم عمل طويل وشاق , وما أن دخلت بسيارتها للمرآب وأغلقت الباب حتى فوجئت بشخص طويل القامة يأتي من ورائها شاهرا مسدسه بوجهها , فراحت تتوسل أن يتركها على قيد الحياة , لكن القاتل المتعطش للدماء أطلق النار عليها فسقطت صريعة ... أو بالأحرى تظاهرت بذلك , فعندما أطلق القاتل النار عليها قامت بردة فعل طبيعية فرفعت يدها فارتطمت الرصاصة بميدالية المفاتيح الخاصة بها .
لسوء الحظ لم تكن ماريا وحيدة في المنزل , فصديقتها دايلي اوكازاكي - 43 عاما – كانت تعيش معها , وحين سمعت صوت الرصاصة اختبأت في المطبخ , وبقيت مختبئة عندما دخل راميريز إلى المنزل , لكنها للأسف لم تصبر كفاية , إذ خرجت من مخبأها بعد فترة ظنا بأن القاتل قد غادر , بينما كان هو في الحقيقة ينتظرها في الغرفة المجاورة , وما أن مدت رأسها لتستطلع الوضع حتى عالجها برصاصة في رأسها فخرت صريعة في الحال . أما ماريا فقد نهضت واكتشفت بأن الرصاصة جرحت يدها فقط , فركضت باتجاه الشارع , لكنها لم تبعد كثيرا حتى خرج راميريز من المنزل , فأصابها الذعر وعادت أدراجها إلى المرآب وهي تبكي بهستيرية ظنا منها بأن القاتل المجنون سيلحق بها ويقتلها , لكن لشدة دهشتها فقد تركها ورحل .
جويس نيلسون .. ضحية ..
عندما وصلت الشرطة إلى مكان الحادث لم يعثروا سوى على قبعة القاتل مجهول الهوية , ولم يستطع المحققون معرفة الكثير من ماريا لأنها كانت في حالة صدمة , كل ما عرفوه هو أن القاتل شاب لاتيني ذو قامة طويلة يرتدي ملابس سوداء .
كان راميريز في اشد حالاته غضبا بسبب فشل عمليته الأخيرة , ولهذا قام بعد اقل من ساعة بقتل ضحيته الثالثة , كان يريد الهرب بطريقة أسرع , فقام بكل بساطة بفتح باب سيارة تسان ليان يو - 30 عاما - ورميها خارجا حوالي المترين ثم إطلاق النار عليها من دون أن ينظر إليها واخذ سيارتها وهرب بعيدا .
بعد أسبوعين في 27 مارس / آذار تسلل راميريز إلى منزل فنسنت زازارا - 64 عاما - وزوجته ماكسين - 44 عاما - , كان منزلهما يقع في أطراف مدينة ويتر بمقاطعة لوس انجلوس . راميريز قتل الزوج بثلاث رصاصات بينما كان مستلقيا على الأريكة , وأطلق ثلاث رصاصات أخرى على الزوجة العجوز لكنها لم تمت في الحال فشرع بطعنها ونحت رسوما بالسكين على جسدها , واقتلع عينيها من محجريهما , تاركا وراءه جثة مشوهة يصعب النظر إليها لهول منظرها .
عائلة زازارا .. ضحايا ..
وفي 14 مايو / أيار عام 1985 أقتحم راميرز منزلا آخر يعود لـ بيل دوي - 66 عاما - وزوجته المقعدة ليليان - 56 عاما - , قام بمباغتة بيل أولا فقتله بإطلاق النار على رأسه بينما كان مستلقيا في غرفة نومه , ثم قام بتقييد ليليان واغتصابها , ثم سرق المنزل وولى هاربا .
بعد أقل من أسبوعين ضرب راميريز مجددا , هذه المرة في مونروفيا , الضحية هي روث ويلسون - 41 عاما - , قام بتقييدها هي وأبنها ذو العشرة أعوام ثم شرع بسرقة كل ما خف حمله وغلا ثمنه , وقبل أن يغادر عاد إلى روث واغتصبها , وفي لحظة كرم نادرة منه , ربما لأنها أعجبته , فقد تركها حية هي وأبنها . وتعتبر روث هي الضحية الأولى التي أعطت أوصافا دقيقة عن القاتل الغامض .
أم تحتضن أبنها الذي أتى لحراستها بسبب الرعب الذي سببه راميريز آنذاك ..
وباستمرار مسلسل الجرائم المرتكزة على اقتحام البيوت الآمنة وقتل من فيها فقد بدأت الصحافة ووسائل الأعلام تتحدث عن قاتل طليق أسبغوا عليه لقب "المتعقب الليلي" , وساد جو من الرعب والترقب على طول الساحل الغربي لأمريكا , خصوصا في ولاية كاليفورنيا حيث وقعت جميع الجرائم , أصبح الناس حريصين على قفل أبوابهم ونوافذهم , وصار الأبناء والأحفاد يأتون لبيوت ذويهم من كبار السن ليقوموا بحراستهم .
الشرطة بدورها جندت كل إمكاناتها وأطلقت حملة واسعة للإيقاع بالسفاح , لكن كل جهودها باءت بالفشل , فراميريز كان حريصا على أن لا يترك أثرا ورائه , وكان ينتقي ضحاياه بعشوائية وبدون تخطيط مسبق وفي أماكن متباعدة .
سيدة تحمل سلاحا لحماية نفسها بسبب رعب راميريز
في 29 مايو / أيار قاد راميريز سيارة بنز سوداء مسروقة إلى مدينة مونروفيا في مقاطعة لوس أنجلوس وتوقف بها أمام منزل المعلمة المتقاعدة مابيل - 83 عاما - وشقيقتها المقعدة فلورانس - 81 عاما - . تسلل إلى المنزل عبر نافذة مفتوحة وهجم على الشقيقتين فقام بضربهما وتقييدهما وشرع بسرقة كل محتويات المنزل الثمينة , ثم عاد وأغتصب فلورانس ورسم نجمة الشيطان على فخذها ثم تركها مع أختها وهما في حالة يرثى لها, ولم يتم اكتشاف الجريمة إلا بعد يومين , عثر الجيران على الشقيقتين وهما في حالة غيبوبة . ولاحقا ماتت مابيل في المستشفى أما فلورانس فقد نجت .
بعد ثلاثة أيام أقتحم راميريز منزلا آخر في أركاديا بمقاطعة لوس انجلوس , الضحية كانت سيدة عجوز تدعى ماري لويز - 75 عاما - , ضربها على رأسها بمصباح المنضدة بينما كانت نائمة في سريرها , ثم أتى بسكين كبيرة من المطبخ وراح يطعنها مرارا حتى مزق جسدها أربا .
عائلة نيدلنغ .. ضحايا ..
وفي 5 تموز / يوليو ظهر راميريز مجددا , هذه المرة في سييرا ميدرا بمقاطعة لوس انجلوس , تسلل إلى منزل المراهقة ويتني بينيت – 16 عاما – وهاجمها بينما كانت نائمة , ضربها على رأسها بقضيب معدني حتى توقفت عن الحركة والتنفس ثم توجه إلى المطبخ بحثا عن سكين ليذبحها , لكنه لم يعثر على سكين مناسبة , فقرر أن يشنقها بسلك الهاتف , وبينما هو يلف السلك على رقبتها فتحت الفتاة عينها فجأة وأخذت تتنفس بسرعة , ففر راميريز مذعورا ظنا بأن معجزة قد حصلت . أما الفتاة المسكينة فنقلت إلى المستشفى ونجت بعد أن تم تقطيب رأسها بـ 478 غرزة .
بعد يومين تسلل راميريز إلى منزل السيدة جويس نيلسون – 61 – عاما , فلكمها وركلها بقسوة حتى ماتت , ثم تسلل إلى منزل مجاور يعود للسيدة صوفيا دكمن – 63 عاما - فقام بضربها وحاول اغتصابها ولم يتركها إلا بعد أن سلمته كل مجوهراتها وأقسمت له بالشيطان بأنها أعطته كل ما تملكه .
صورة عممتها الشرطة آنذلك للسفاح حسب أوصاف الضحايا ..
في 20 تموز / يوليو خرج راميريز مجددا بحثا عن ضحية , هذه المرة وقع اختياره على منزل ماكسون نيدلنغ – 68 عاما – وزوجته ليلى – 66 عاما - , هاجمها بواسطة مانشيتي – مدية طويلة – ومثل بجثتيهما ثم سرق المنزل وغادر . وفي نفس الليلة قرابة الساعة الرابعة فجرا عاد فأقتحم منزل عائلة خوفينانث , قتل الزوج برصاصة في الرأس ثم هدد الزوجة بقتل أبنها ذو الثمانية أعوام ما لم تسلمه كل المال والمجوهرات في المنزل , ولم يغادر إلا بعد أن اغتصبها وأجبرها على أن تقسم بالشيطان بأنها أعطته كل ما تملك .
في السادس من آب / أغسطس قاد راميريز سيارة مسروقة نحو ضواحي مدينة لوس انجلوس وتسلل إلى منزل كريس بيترسون - 38 عاما - وزوجته فرجينيا – 27 عاما – , أطلق النار على رأس فرجينيا أولا فسقطت تتخبط بدمها , ثم أطلق النار على كريس فأصابه , لكن لشدة دهشته نهض كريس مجددا وهاجمه بقوة , فأطلق عليه رصاصتين أخريين لكنه أخطئه , وأمام بطولة كريس لم يجد راميريز بدا من الهرب . ولحسن الحظ فقد نجا كلا الزوجان من إصابتيهما .
سكينة ابو واث .. تتحدث عن تجربتها ..
بعد يومين توجه راميريز إلى مدينة دياموند بار في مقاطعة لوس أنجلوس وتسلل إلى منزل الياس ابو واث – 31 عاما – وزوجته سكينة – 27 - , فقتل الزوج النائم أولا برصاصة بالرأس ثم قيد أبنه وهدد بقتله ما لم تسلمه سكينة كل مقتنيات المنزل الثمينة , ولم يرحل إلا بعد أن قام باغتصابها وجعلها تقسم بالشيطان أنها لم تخفي شيئا عنه .
في 18 آب / أغسطس ترك راميريز لوس انجلوس وذهب إلى سان فرانسيسكو , هناك أقتحم منزل بيتر بان – 66 عاما – وزوجته باربرا – 62 عاما – فقتل الزوج أولا برصاصة في الرأس واغتصب الزوجة قبل أن يرديها قتيلة هي الأخرى , ولم ينس أن يترك توقيعه قبل أن يغادر , فرسم نجمة الشيطان بدماء ضحاياه على حائط غرفة النوم .
بيل كارنيز يتحدث عن تجربته ..
بعد أسبوع , في 24 آب / أغسطس , قاد راميريز سيارة تويوتا برتقالية اللون مسروقة إلى مدينة ميسيون فيجو الواقعة في مقاطعة أورانج , تسلل من الباب الخلفي لمنزل بيل كارنيز – 29 عاما – وأطلق ثلاث رصاصات على رأسه بينما كان نائما ثم بدأ بضرب خطيبته كارول سميث – 27 عاما – وهو يصرخ كالمجنون قائلا : "أنا المتعقب الليلي" , جعلها تقسم بأنها تحب الشيطان وهدد بقتلها لو كذبت عليه أو حاولت أن تختلس النظر إلى وجهه , وبعد أن سرق المنزل قام باغتصابها ثم طلب منها أن تخبر الشرطة بأن : "المتعقب الليلي كان هنا" .
أثناء مغادرة راميريز لمنزل بيل كارنز شاهده صبي من الجيران يدعى جيمس روميرو , الصبي أرتاب في هذا الرجل الغريب ذو الملابس السوداء فقرر أن يسجل أرقام لوحة سيارته . وما أن غادر راميريز حتى علا صراخ كارول التي استطاعت أن تفك قيدها ثم زحفت إلى منزل الجيران تطلب النجدة , وسرعان ما وصلت الشرطة وعربات الإسعاف فقامت بنقل بيل كارنيز إلى المستشفى والذي بشكل لا يصدق نجا من موت محقق بعد أن اخرج الأطباء رصاصتين من رأسه .
الصبي جيمس روميرو .. الطفل الذي أوقع براميريز .. اهدته الشرطة سيارة صغيرة كمكافأة ..
خلال التحقيق أعطت كارول أوصافا دقيقة عن المهاجم , وهي أوصاف جاءت مطابقة لتلك التي أدلى بها بقية الناجون من ضحايا راميريز . فأدركت الشرطة بأنها إزاء نفس الشخص , وجاء المنعطف الكبير في القضية عندما أتصل والدا جيمس روميرو بالشرطة وأخبروهم بأن أبنهم قام بتسجيل أرقام لوحة سيارة المهاجم , فأصبح لدى الشرطة لأول مرة رأس خيط يمكن أن يقودهم للسفاح , وبالحال شرعت الشرطة بحملة بحث واسعة عن السيارة حتى عثروا عليها بعد بضعة أيام متروكة على جانب طريق فرعي خارج مدينة لوس انجلوس , وتبين أن السيارة مسروقة , لكن المحققين أجروا مسحا شاملا عليها بحثا عن بصمات الأصابع . ومع أن راميريز كان حريصا كل الحرص على مسح جميع بصماته , إلا أن الشرطة عثرت على بصمة واحدة كان راميريز قد تركها وراءه , وبالبحث في أرشيف الشرطة توصل المحققون إلى أن البصمة تعود لريتشارد راميريز , وهو شاب في العشرينات من العمر لديه سجل حافل بالمخالفات المرورية والتحرش الجنسي وتعاطي المخدرات , وتأكدوا من أنه الشخص المطلوب من خلال عرض صورته المحفوظة في سجلات الشرطة على الضحايا . والآن وقد انكشفت هوية "المتعقب الليلي" فأن الوصول إليه أصبح مسألة وقت ليس إلا , خصوصا بعد أن عممت الشرطة صورته على جميع وسائل الإعلام , وظهر رئيس الشرطة بنفسه في مؤتمر صحفي وهو يمسك بصورة راميريز موجها كلامه إليه : " نحن نعرف الآن من تكون , وقريبا سيعرفك الجميع , لن يكون هناك مكان تستطيع الاختباء فيه " .

الوحش في قبضة العدالة

الشرطة وهي تحاول انتزاع راميريز من الحشود التي امسكت به ..
على سطح فندق سيسل في لوس انجلوس , كان راميريز يجلس كل يوم في حجرته المستأجرة ليطالع الصحف المحلية و نشرات الأخبار , كان شغوفا بمتابعة تداعيات جرائمه , مستمتعا بكونه حديث الناس . لكنه لسوء حظه لم يكن متواجدا في حجرته في اليوم الذي عممت فيه الشرطة صورته , كان في زيارة لأخيه في أريزونا , وهكذا لم يعلم بأن الجميع في أمريكا باتوا يعرفونه . وعندما عاد في يوم 31 أب / أغسطس كان غافلا تماما عن انكشاف هويته , فراح يمشى في الطرقات من دون خوف أو وجل حتى مر ببعض النسوة العجائز اللواتي نظرن إليه بغرابة ثم صرخن برعب : "ال ماتدور" , أي القاتل باللغة الاسبانية , فأدرك راميريز بأن هناك خطبا ما , وأخذ يسرع بخطواته حتى مر بمكتبة فأنتبه صدفة لصورته المنشورة على صفحات الجرائد الأولى , فأصيب بالفزع , وراح يركض مذعورا هربا من الصيحات التي بدأت تطارده , وكعادته حاول أن يسرق سيارة , فهجم على سيدة وحاول إخراجها بالقوة من سيارتها , لكن بعض المارة ضربوه فأنقذوا السيدة , فأبتعد مهرولا تطارده الصيحات والأنظار , وحاول سرقة سيارة أخرى , لكن الفشل كان نصيبه هذه المرة أيضا , ثم أخذ يقفز من فوق أسوار المنازل مخترقا الحدائق الخاصة حتى وجد نفسه في نهاية المطاف محصورا في أحد الأزقة الفرعية , كان منظره بائسا في تلك اللحظة , بدا كجرذ مذعور يبحث عبثا عن جحر صغير يختبأ فيه , وخلال لحظات أحاط به الرجال من كل جانب وعاجله أحدهم بضربه قوية على أم رأسه بقضيب معدني فسقط أرضا وتلقاه الناس بالركلات حتى وصلت الشرطة فانتزعته منهم بشق الأنفس .

المحاكمة

أول ظهور في قاعة المحكمة ..
ابتدأت محاكمة راميريز عام 1988 , أي بعد ثلاثة أعوام من إلقاء القبض عليه . وخلال ظهوره الأول في قاعة المحكمة رفع كفه وقد رسم عليها نجمة الشيطان وصرخ عاليا : "المجد للشيطان" .
محاكمة راميريز كانت الأكثر جذبا لوسائل الإعلام في تاريخ لوس أنجلوس وأكثرها تكلفة , إذ كلفت دافعي الضرائب الأمريكيين قرابة المليونين دولار . وشهدت جلساتها الطويلة تصرفات غريبة من قبل القاتل الذي بدا غير مباليا ولا نادما على أفعاله , بالعكس كان مستمتعا بالأضواء كأنه نجم سينمائي , وتمكن من إثارة الرعب في قلوب المحلفين وأعضاء المحكمة رغم القيود التي تكبل معصميه , إذ سرت في بداية محاكمته شائعة مفادها بأن راميريز يخطط لتهريب مسدس إلى داخل القاعة ليردي به المدعي العام , فتم وضع كاشف معادن على باب القاعة وأخضع جميع الداخلين لتفتيش دقيق وصارم .
لم يبدي أي ندم ..
وخلال جلسة أخرى تغيبت عضوة في هيئة المحلفين عن الحضور , ليتبين لاحقا بأنها ماتت مقتولة بالرصاص في شقتها , وساد جو من الفزع والهلع الشديد بين المحلفين , إذ ظن بعضهم بأن لراميريز يد في مقتل زميلتهم , خصوصا وأنه هدد بالانتقام في أكثر من مناسبة , لكن تبين لاحقا بأن المحلفة تعرضت للقتل على يد صديقها الذي عثرت الشرطة على جثته في نفس الشقة والأرجح أنه مات منتحرا . وسرعان ما تم استبدال العضوة القتيلة بعضوة جديدة , غير أن الخوف ظل مخيما على قاعة المحكمة إلى درجة أن العضوة الجديدة رفضت العودة إلى منزلها بعد انتهاء الجلسة وطلبت وضع حماية لها .
اقارب الضحايا يجهشون بالبكاء ..
كان وصف الإدعاء العام والشهود لتفاصيل الجرائم مرعبا أيضا , وراح بعض الناجون , وكذلك أقارب الضحايا , يبكون بحرقة عند استماعهم لهذه التفاصيل المروعة . أما راميريز فكان غير مباليا ولا مراعيا لمشاعر ضحاياه , قال مرة : "اعشق قتل الناس . أعشق رؤيتهم يموتون . أقوم بإطلاق النار على رؤوسهم فيتشنجون ويتقلبون في أنحاء المكان ثم يتوقفون , أو أقوم بتقطيعهم بالسكين وأراقب وجوههم وهي تتحول إلى بيضاء شاحبة . أعشق كل ذلك الدم . طلبت من إحدى السيدات مرة أن تعطيني كل مالها , قالت لا , فقمت بتقطيعها وأخرجت عيناها من محجريهما " .
حصل على الكثير من المعجبات !! ..
الأكثر غرابة في محاكمة راميريز هو إعجاب وهيام النساء به .. كان أمرا يصعب تصديقه , كيف لسفاح سادي مختل أن يحصل على كل هذا العدد من المعجبات ؟! .. كانت تصله عشرات رسائل العشق يوميا , الكثير من النساء أرسلن صورهن للسفاح عارضات عليه أنفسهن , والعديد منهن قمن بزيارته فعلا داخل السجن . كان الأمر مصدر إزعاج للسلطات إلى درجة أنهم قاموا بنقله إلى سجن آخر يصعب الوصول إليه ليتخلصوا من حشد المعجبات المهووسات . وبعد عدة أعوام تزوج راميريز من إحدى معجباته , وهي صحفية مستقلة تدعى دورين ليوي , والتي قالت بأنها ستقتل نفسها في اليوم الذي سيعدمون فيه راميريز , لكن المفارقة هي أن راميريز طلقها وتزوج بواحدة أخرى في الثالثة والعشرين من عمرها .
مع زوجته الأولى .. وصورة لخطيبته الشابة ..
محاكمة راميريز انتهت في 20 أيلول / سبتمبر عام 1989 , وجدته المحكمة مذنبا بـ 13 جريمة قتل و 5 محاولات شروع في قتل و11 اغتصاب و14 سرقة مسلحة , وصدر عليه 19 حكما بالإعدام في حجرة الغاز . راميريز علق على حكم إعدامه قائلا للصحفيين بسخرية : "أراكم في ديزني لاند " .. ثم خاطب المحلفين قائلا  : "أيتها الديدان الحقيرة انتم تثيرون اشمئزازي , سوف أعود وانتقم , إبليس يعيش في داخلنا جميعا " .
وفي الحقيقة فأن راميريز لم يعدم أبدا , وذلك بسبب طول إجراءات الإعدام في ولاية كاليفورنيا , وبالنهاية مات على سرير إحدى المستشفيات في 7 حزيران / يونيو عام 2013 بسبب سرطان الغدد اللمفاوية , مات وهو في الثالثة والخمسين من عمره , ولم يبدي أي ندم على ما فعله حتى آخر لحظة في حياته . سألوه مرة قبل موته : هل هناك شيء في حياتك تتمنى تغييره ؟ .. فأجاب : "لا شيء .. باستثناء المكان الذي أنا فيه الآن" .

ختاما ..

هذا ما سجلته دفاتر الحكومة ضد هذا القاتل المجنون .
وأنت عزيزي القارئ ما هي تفسيراتك المبررة لهذا القاتل ؟؟ .
أهو المجتمع الذي يحيط به والذي لم يعيره اهتماما ؟؟؟ .. أم هي الحروب التي تضمنت تصرفات خالية من الإنسانية والتي رسخت في عقل طفل صغير ؟؟ .. أم هو مجنون لا يستحق التبرير ؟؟ .
انتظر آرائكم بفارغ الصبر .

الجمعة، 13 يونيو 2014

لمحات من عالم الجن

إذا كملت معي هذا المقال فأنت قوي القلب
كلنا من غير شك قد سمع عن الجن وقرأنا عنه ما يكفي لإشباع فضولنا عنهم . لكننا عزيزي القارئ في هذه السطور المتواضعة سنتعرف على أشياء لم تكن في الحسبان عن هذا العالم الخفي .. فهل أنت مستعد ؟ .. هل قلبك قوي بما يكفي ؟ .. هل تستطيع التكملة ؟ .. إذا كملت معي هذا المقال فأنت قوي القلب وإذا لم تكن كذلك فأنصحك بعدم الدخول ..
هيا نبدأ ...
قبل عدة أشهر روى لي بعض الأصدقاء قصة عن معالج روحاني في احد الدول العربية .. هذا المعالج عمره قرابة المائة عام وهو خبير في علاج السرطانات وحالات المس .
هذا المعالج له قصه عجيبة , ففي إحدى الليالي ذهبت إليه امرأة بعدما سمعت عنه بأنه متمرس في علاج المس وبعض الأمراض المستعصية العلاج لدى الأطباء .
اخذت الام ابنها الى المعالج الروحاني ..
هذه المرأة كان لديها ابن يبلغ من العمر 16 عام مصاب بالمس , وقد لاحظت عليه بعض العلامات أثبتت بما لا يدع مجالا للشك بأنه ممسوس من الجن . وبالفعل استعانت هذه المرأة بأحد الأقارب بعد أن أخبرته بأنها ستذهب إلى هذا المعالج لان حالة ابنها أصبحت حرجه , وقطعا معا مئات الأميال حتى وصلوا بحمد الله إلى المعالج .. وتم تشخيص حالة الابن فوجده بالفعل ممسوسا , وقد طلب المعالج من الأم وقريبها أن يمكثوا قليلا ريثما يقوم بقراءة بعض الآيات القرآنية لكي يخرج هذا الجني من الجسد .
خلال الجلسة الأولى قام المعالج ببعض الأمور , منها قراءة القران طبعا , زائدا الزجر , وهو لإجبار الجني على الخروج وإلا سيحرق .
كان الجني ذكيا جدا ففي حالة القراءة يخرج ومن ثم يعود ! ...
واستغربت الأم وقريبها من هذا الأمر من ما ادخل الريبة في قلوبهما من قدرة هذا المعالج .. فتارة الولد طبيعي .. وتارة يتكلم بلسان الجني .. وتارة يلطم نفسه !! ..
وقد اخبرهم المعالج أن هذه اغرب حالة مرت عليه في حياته , وهو في هذه المهنة زهاء الخمسين عاما .
خلال الجلسة الثانية أكثر المعالج من الزجر , وأكثر من القراءة بشكل ملفت حتى ابتدأ الولد بالغثيان وتشنج كثيرا مما ادخل الرعب في قلوب الحاضرين . ثم اخبرهم المعالج أن الأمر قد انتهى فتنفست الأم الصعداء ..
المفاجأة ..
اخبر المعالج أهل الولد بأنه لابد أن يحادث هذا الجني لكي لا يعود مطلقا .. وكان هذا ما دار بينهم من حوار ...
الشيخ : لماذا دخلت جسده ؟ .
الجني : لأنه أذاني ذات مرة وصب علي ماءا حارا .
نحن مثلكم بني البشر ..
الشيخ : ألا تعلم أن هذا ظلم ؟ .
الجني : .. لا يجيب ...
الشيخ : اخبرني عن الجن قليلا .
الجني : نحن مثلكم بني البشر في كل شيء نأكل ونشرب وننام ونولد ونموت .
الشيخ : شاع أن عيونكم دائما حمراء .. هل هذا صحيح ؟ .
الجني : ليس دائما .. لكنها غير مستديرة كعيون البشر لكنها بيضاوية .
الشيخ : صف لي أكثر .
الجني : آذاننا كإذن الحصان , وأنوفنا في وسط وجوهنا تماما كالإنس , وشعرنا كثير جدا في الإناث لكنه قليل في الرجال الذين يكثر فيهم الصلع .
الشيخ : ماذا عن أرجلكم وأيديكم ؟ .
الجني : أيدينا كأيديكم إلا أنها تختلف في طولها , فهي أطول بالنسبة لأجسامنا , وأظافرنا طويلة , أما الأقدام فهي مفلطحة ومدببه الأصابع .
الشيخ : ما ألوانكم ؟ .
الجني : مختلفة .. لكن معظمها سوداء .
الشيخ : هل إبليس أبو الجن ؟ .
الجني : لا إبليس من الجن وليس أبا لهم .
الشيخ : فما اسم أبا الجان إذن ؟ .
الجني : اسمه سموم .
الشيخ : ما الفرق بين الجن والشيطان ؟ .
الجني : الشيطان جني وليس كل جني شيطان .
الشيخ : كم عمرك ؟ .
الجني : 180 عاما مازلت صغيرا !! .
الشيخ : اخبرني عن الجن بصوره عامة .
كل قبيلة يحكمها ملك ..
الجني : نظام الحياة عندنا معقد , فكل قبيلة يحكمها ملك . ليس عندنا نظام شورى , وإنما القوة هي التي تحكم , أما قبائلنا فكثيرة , اذكر لك منهم بنو القماقم وبنو القيقعان والدناهشه وبني غيلان والطماطمه والشماشقه ... والابالسه وهم اولاد ابليس .
الشيخ : كيف يتم تحضير الجن ؟ .. اذكر لي بالتفصيل .
الجني : عزازير يحضر في الحمام ولابد للشخص أن يكون نجسا .. زيتون وهو يحضر في الحمام على هيئة قطه سوداء .. ساروخ لابد أن تكون (عريانا) وتتلو العزيمة لتحضره .. دنهش يأتيك على هيئة شخص لابس عمامة ..
أما بنات إبليس.. فذات المحاسن تحضر لك بعد قراءة العزيمة في المقابر .. عائنه يكتب الساحر طلاسم في يده وبعدها ينام فتأتيه وتوقظه .. بنات الخناس يحضرن لك في الحمام ويطلبن منك الزواج بإحداهن .. ميمونة يقرا الساحر طلاسم وتعاويذ وينام على غير طهارة فتاتيه وتوقظه ..
ناصور مارد يخافه أكثر السحرة .. سنجاب ابن البواب يحضر في الحمام وله طلاسم وعزائم يقولها الساحر .
الشيخ : بماذا تتشكلون ؟ .
الجني : نتشكل بكل الأشكال .. لكن أحب الأشكال إلينا هي القطط والكلاب والحيات .
الشيخ : انتم أنواع أليس كذلك ؟ .
الجني : نعم .
الشيخ : من الذي تخشونه من الجن ؟ .
الجني : المارد لأنه عدواني جدا .
الشيخ : أنت ماذا ؟ .
الجني : أنا من سكان البيوت (عامر) .
الشيخ : هل لكم محاكم وقضاه ؟ .
الجني : نعم مثلكم تماما .
الشيخ : أين يسكن الجن غالبا ؟
نستطيع اخذ اشكال القطط السوداء ..
الجني : نحب الجبال كثيرا وخاصة الجبال العالية والبحار أيضا وخاصة المحيطات والجزر .
الشيخ : إذا تمثل الجني بإنسان كيف أميزه إذا كنت لا اعلم ؟ .
الجني : تميزه بأمران .. الأول أن عيناه تكون بيضاوية وليست مستديرة كعيون البشر . وان نفسه يكون حارا جدا .
الشيخ : هل تكون قدماه كأقدام حمار فعلا ؟ .
الجني : لا ليس دائما .
الشيخ : هل للجن قرنان كما سمعنا ؟ .
الجني : نعم ولكن تتفاوت أحجامهم من جني لآخر .
الشيخ : أنت من أي قبيلة ؟ .
الجن : من العوامر .. عوامر البيوت .
الشيخ : هل تستطيع الطيران ؟ .
الجني : لا هذه خاصية عند بعض الجن وليس بمقدورهم الطيران كلهم .
الشيخ : يعني الجن لا يستطيعون الطيران وإنما هي خاصية فقط .
بعض الجن فقط يمتلكون القدرة على الطيران ..
الجني : هناك نوع يسمى الجن الطيار وهو منعزل عن الجن لأنه غالبا ما يكون طائرا في الهواء أما معظم الجن فهم لا يطيرون وإنما مثلكم .
الشيخ : ما اسمك ؟ .
الجني : مصطفى .
الشيخ : يعني أنت مسلم ؟ .
الجني : نعم .
الشيخ : هل تبت أم لا ؟ .
الجني : أعاهد الله أنني لن أعود أبدا .
الشيخ : تقسم بالله ؟ .
الجني : نعم .
الشيخ : انصرف هداك الله .
وعاد الولد إلى بيته سالما بعد أن عذبه هذا الجني وفرحت أمه فرحا شديدا وذبحت له كرامة واعدت لذلك وليمة وفرح الجميع بعودة الولد إلى المدرسة بعد ان كان مغيبا طيلة الفترة التي كان فيها ممسوسا . وقد كبر وهو الآن مدير في إحدى الشركات الكبيرة في إحدى الدول العربية.
ونستخلص من كلام الجني أن الجن يحضر ولكن بطلاسم معينة , وان الجن أجسام وأجساد وليس كما يدعي البعض أنهم أرواح , وان الجن يأكلون ويشربون ويولدون ويموتون , وان الجن قبائل كثيرة , وان الجن تتشكل غالبا بأشكال القطط والحيات والكلاب وغالبا ما تكون سوداء , وان الجن في حقيقتهم يكثر فيهم سواد البشرة , وان أشكالهم الحقيقية ليست مرعبه كما نتصور ولكنها غريبة , وان أعمارهم طويلة جدا بالمقارنة مع البشر , وإننا معرضون لخطرهم في أي لحظه لكن لذلك علامات , وان الجن ليس بمقدورهم الطيران كما كنا نعتقد وإنما هي خاصية توجد عند بعضهم , وان الجن نستطيع أن نميزه إذا تشكل بصورة إنسان , وان الجن فيهم ما يسمى بالعمار وهم معنا في بيوتنا ولا نراهم , وان الجن فيهم الصالح والطالح , ويجب أن نحذر منهم وألا نصب ماءا حارا في مكان خالي أو في الحمامات عندما نستحم مثلا فعلينا الحذر لأنهم موجودون في الحمام كما نعلم , وأنهم يفضلون العيش في الأماكن المرتفعة وليس كما كنا نعتقد سابقا بأنهم تحت الأرض أو أنهم يفضلون العيش في الأراضي القاحلة كالصحراوات أو شابه , وأنهم يسكنون البحار أيضا وخاصة المحيطات والجزر , وأنهم لن يؤذوننا ما لم نؤذهم مباشرة .

تزاوج الجن والإنس

تزواج الجن والانس موضوع شغل الكثيرين ..
تزاوج الجن من الإنس هو موضوع شغل فكر الكثيرين على مر العصور لأنه حاله فريدة .. لكن هل هو ممكن حقا ؟ .
في البدء سنتطرق لعدة أمور أولها كيف يتم ذلك ؟ ..
ثم سنعرج على كيفية اللقاء بين الزوجين كيف تكون؟
وأخيرا سنذكر مقتطفات من بعض الكتب المختصة بهذا الأمر ..
الزواج هو لقاء الزوجين ذكر و أنثى ومن أهم أهدافه حفظ النوع لنا كبشر وهو سنة من سنن الحياة منذ أن خلق الله أبونا ادم والى أن تندثر الحياة على وجه المعمورة .. وقد جاء في الذكر الحكيم : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) .
نأتي الآن لموضوع التزاوج مع الجن ..
قبل عدة أشهر وأنا في احد الأسواق , و كنت حينها أتسوق وكان معي صديقي . دخلنا إحدى العطارات (محل لبيع الأبخرة والعطور) وكنا نريد عودا وهو معروف .. قبل هذا بزمن طويل كنت قد سمعت عن شيء يدعى لبان الذكر , وهو نوع من الأبخرة أيضا , وقد تذكرته فجأة فأخبرت البائع عن هذا البخور وسألته هل هو موجود ؟ ..
كان رده غريبا جدا , فقال لي انه موجود , لكنه ممنوع ! ..
قلت له : إذن كيف تبيعه ؟ ..
قال لي بان هنالك زبائن معينين يأتون ليشتروه أما بقية الناس فلا ! ..
قلت له لماذا ؟ ..
قال بالحرف الواحد : إن هذا البخور له علاقة بالجن ..
تعجبت بشدة وقد أذهلني هذا الموضوع , وخرجنا من العطار وكنت أتحدث مع صديقي وانا بين مصدق ومكذب . وبعد عدة أيام اتصلت على احد أصدقائي وهو في الخارج وكان مشهورا بيننا في الصغر بأنه ذو قدرات خياليه .. المهم اتصلت به وقلت له أعطني اسم كتاب يهتم بعلم الأرواح فقال لي الأمر هين عليك بهذا الكتاب وأعطاني اسمه .
بالفعل اقتنيت الكتاب بصعوبة كبيره , مع العلم انه في الانترنيت غير موجود .
وكان محور الكتاب كله هو تنزيل الجن , كان الكتاب مخيفا حقا , وقديما جدا , عندما تمسك به تشعر بقشعريرة .. لكني قويت قلبي وقرأته , و رويدا رويدا علمت أشياء لم أكن اعلمها في السابق ..
ملاحظه مهمة " ما سأنشره الآن خطير جدا وهو من الكتاب بالنص ..

تحضير ملكة الجمال للزواج

ملكة جمال الجن ..
هذه الملكة تحكم على 3700 ملك , وكل ملك يحكم على 700 قبيلة لا يعلم عددها إلا الله
طريقة العمل
بعدان تأخذ الإذن الروحاني ... (تم حذف هذه الفقرة من قبل إدارة الموقع ) .. ففي الليلة الثامنة ترى نورا ملأ المكان , فلا تخف . وفي الليلة التاسعة ترى قططا سود وبيض .. فلا تخف . وفي الليلة العاشرة ترى نساء كثيرة كالقمر ويقولون لك خذ واحدة منا واترك هذا العمل .. فقل لهم أريد ملكة الجمال فيذهبون عنك . ويأتيك في الليلة الحادية عشر نساء كالقمر وفي وسطهن ملكة الجمال كالشمس عليها ملابس وحلى لا تقدر بثمن , وخلفهن القاضي فيلقوا عليك السلام , فرد السلام وقم واقفا , فيكتب القاضي لكما الكتاب وقد فزت بملكة الجمال فاحمد الله على ذلك وهذه هي العزيمة .. (تم حذف هذه الفقرة من قبل إدارة الموقع ) .

استخدام عفره بنت عفار

وهي للمحبة , مجيبة سريعا ... (تم حذف هذه الفقرة من قبل إدارة الموقع ) .
.................
هذه مقتطفات من الكتاب واسمه ( ............ ) وهو كتاب خطير جدا ومرجع لقدامى السحرة .

كيفية الزواج

يقول لي احد المختصين وهو مطلع وليس ساحر .. أن الزواج من الجن أمر شائع وهو في غاية السهولة ولا يحتاج إلى       هذا الزخم الموجود في الكتب من طلاسم وسهر وخلوات إلى الخ..
وقد سألته أيضا عن الهيئة التي تظهر بها الجنية أو الجني , فقال لي تظهر لك بالصورة التي تريدها أنت , لكن لها شرط ..
قلت له وما هو ؟ ..
قال لي الجنية تشترط عليك بمجرد أن أصبحتم أزواج ألا تتزوج من انسيه وإلا فالويل لك ! ..
وقد حكى لي قصة قديمه محتواها ان هنالك رجل ضاقت به السبل فكلما تقدم لخطبة إحدى الفتيات قوبل بالرفض , فما كان منه إلا أن ذهب لأحد السحرة وطلب منه الزواج من جنيه , فوافق الساحر , وتمت فعلا مراسم الزواج , وكان من ضمن الشروط الشرط الذي ذكر سابقا , فعاش الرجل مع زوجته الجنية وكانت تأتيه بصورة فتاه سمراء ولكنها فاتنة .
وفي بعض الأيام كان في مقر عمله وكانت صديقته في العمل أعجبت به لهدوئه فصارحته وطلبت منه الزواج فوافق ونسى العقد المبرم بينه وبين الجنية زوجته . وفي نفس اليوم الذي تقدم فيه لخطبة الفتاه وجدوه مقتولا وآثار الخدوش تملأ وجهه !!  ...
فارتعشت جدا لما قال وأصابتني الدهشة .. وهذه مجرد واحدة من آلاف القصص , ولكم الحرية في التصديق أو التكذيب ..

الأحد، 8 يونيو 2014

رسالة من العالم الآخر


ماذا يحدث بعد الموت .. اللغز الاكبر في تاريخ البشر ..
ماذا يحدث بعد الموت ؟ .. هذا هو أعظم سؤال في تاريخ البشرية . اللغز الذي أعيا العلماء والعباقرة والفلاسفة ..
طبعا أغلب الناس وبوحي من معتقداتهم الدينية يؤمنون بوجود حياة أخرى بعد الموت , لكن الواقع يقول بأن أحدا لم يذهب إلى الطرف الآخر وعاد ليخبرنا بما حصل معه بالضبط . لذلك ومن اجل فك طلاسم هذا اللغز , لجأ البعض إلى البحث عن دلائل وإشارات يمكن أن تقود إلى معرفة ما يجري للبشر بعد الموت , وتم التركيز بشكل خاص على ما يسمى بتجارب الاقتراب من الموت التي حدثت لأناس فارقوا الحياة مؤقتا لأسباب شتى , مما أتاح لهم قضاء دقائق قليلة في عالم الأموات شاهدوا خلالها أمورا تتفق بشكل أو آخر مع تصوراتنا المسبقة عن العالم الآخر  .. كرؤية نور ساطع يغشى الأبصار مع شعور لا يوصف بالسكينة والراحة وأحيانا رؤية الأهل والأقارب الميتون .. وغيرها من الأمور .. لكن رغم كل الشهادات والقصص الموثقة فأن بعض العلماء والأطباء لديهم شكوكهم , إذ يرى هؤلاء بأن كل تلك التجارب هي في الحقيقة انعكاس للهلوسة الذهنية التي تصيب الدماغ المحتضر في لحظاته الأخيرة قبل أن يقوم بإطفاء نفسه .
لكن بغض النظر عما يقوله العلماء الماديين فأن معظم الناس لم يتوقفوا يوما عن الإيمان بوجود ذلك العالم المنشود الذي تذهب أرواحهم إليه لتعيش الخلود الأبدي . ولم يتورع بعضهم عن خوض تجارب في غاية الغرابة لتعضيد إيمانهم . وهو بالضبط ما سنتطرق إليه في هذا المقال .. أي أكثر التجارب غرابة وجنونا لإثبات وجود العالم الآخر .
السيد توماس برادفورد
في مساء السادس من شباط / فبراير عام 1921 جلس المهندس الكهربائي توماس لين برادفورد ليتناول عشاءه بمفرده كما أعتاد أن يفعل كل مساء , وبعد أن أكمل تناول طعامه جلس على أريكته ليدخن السيجار ويرتشف قهوته بهدوء , وما أن انتهى من ذلك حتى قام فأشعل الموقد النفطي ثم كسر الأنبوب الذي يسحب الدخان من الموقد إلى الخارج الشقة , ثم أغلق جميع الأبواب والنوافذ بأحكام شديد , وعاد فتمدد على أريكته في غرفة الجلوس حتى غلبه النعاس فغط في نوم طويل لم يصحو منه أبدا .
جثة السيد برادفورد اكتشفت في اليوم التالي في شقته بمدينة ديترويت الأمريكية , وقد عثرت الشرطة على رسالة فوق آلته الطابعة تشرح أسباب انتحاره , وهذه الأسباب تتلخص في سعيه لإثبات وجود حياة أخرى بعد الموت ... كيف ؟ .. هذا هو السؤال الذي سعى المحققون للعثور على إجابة له حتى توصلوا إلى أن السيد برادفورد كان يبدي اهتماما بالغا بالمسائل الروحية , وقد نشر إعلانا مقتضبا في إحدى الجرائد قبل واقعة انتحاره بأربعة أسابيع يبحث فيه عن شخص  : " تكون لديه اهتمامات بالعلوم الروحانية " .
وبعد عدة أيام على نشر الإعلان تلقى السيد برادفورد برقية من سيدة تدعى روث دوران تعرض التعاون معه . في الحقيقة السيدة دوران لم تكن لها أية ميول روحانية لكن ردها على الإعلان كان بحسب ما قالته لاحقا : "مجرد نزوة" .
السيد برادفورد والسيدة دوران التقيا عدة مرات , وبحسب ما قالته السيدة دوران للشرطة فأنها لم تكن تعلم أبدا بأن السيد برادفورد سيقتل نفسه , ولم يخبرها هو بأي شيء عن الانتحار , كل ما علمته منه بأن هناك تجربة روحية عظيمة على وشك البدء , وبأنه سيتصل بها قريبا ليعطيها تعليمات حول دورها في التجربة .
في الحقيقة السيدة دوران لم تعلم بطبيعة تلك التجربة والتعليمات إلا من الشرطة التي أطلعتها على رسالة الانتحار التي تركها السيد برادفورد وراءه . والتي كتب فيها بأن كشف لغز الموت يحتاج لعقلين متناغمين , يبقى أحدهم على الأرض فيما يذهب الثاني إلى العالم الآخر , ومن هناك يجري اتصالا بصاحبه على الأرض ليخبره بتفاصيل وأسرار ما يحدث بعد الموت .
يالها من فكرة مجنونة !! .. والعجيب أن السيد برادفورد وضعها موضع التنفيذ فعلا فقتل نفسه لكي يتصل لاحقا بالسيدة دوران من العالم الآخر فيثبت للجميع بأنه هناك فعلا حياة بعد الموت .
ورغم أن السيدة دوران أبعدت عن نفسها كل شبهة تواطؤ أو تحريض للسيد برادفورد على قتل نفسه , لكنها كانت مؤمنة بأن تجربته ستنجح , وبأن روحه ستتصل بها من العالم الآخر , حتى أنها قالت للصحفيين : " أنا صديقته .. وفي حالة عادت روحه إلى الأرض فأنا أؤمن بأنه سيأتي إلي أولا " .
صورة لإحدى جلسات تحضير الأرواح ..
لكن يبدو أن حدس السيدة دوران لم يكن في محله , فروح السيد برادفورد لم تأتي إليها أولا , بل ذهبت لسيدة أخرى تدعى لولو ماك كانت مهتمة بالروحانيات أيضا . السيدة لولو أخبرت الصحفيين بأنها تمكنت من الاتصال بروح السيد برادفورد أثناء إحدى جلسات تحضير الأرواح التي كانت تعقدها في منزلها من حين لآخر . قالت بأن روح السيد برادفورد لم تتحدث كثيرا خلال تلك الجلسة , كان صوته ضعيفا ومتعبا , ولم يردد سوى عبارة واحدة : "أنا توماس برادفورد" .
بحسب السيدة لولو فأن روح برادفورد لازلت ضعيفة ومشوشة تحاول أن تخطو أولى خطواتها في عالم الأموات , الأمر أشبه بطفل حديث الولادة , فهو يستغرق وقتا ليتعلم النطق والمشي , وكذلك الأرواح في العالم الآخر , فقد يتطلب الأمر عدة سنوات لكي تتعلم كيف تتواصل مع الآخرين .
قصة اتصال السيدة لولو بروح السيد برادفورد تصدرت عناوين الصحف المحلية في ديترويت , وقد بعث هذا بشيء من الغيرة في نفس السيدة دوران التي قررت هي أيضا أن تعقد جلسات لتحضير الأرواح في منزلها , علها تتمكن من التواصل مع روح صديقها الذي أصبح حديث الناس في المدينة .
وبالفعل عقدت السيدة دوران جلسة تحضير أرواح في منزلها بعد مرور أسبوع على انتحار السيد برادفورد , وبدت واثقة خلالها من أنها ستتمكن من الاتصال بروح صديقها الراحل .
الجلسة بدأت في ساعة متأخرة من الليل حيث السكون يساعد في تقوية الذبذبات الروحية . تم إطفاء الأنوار ما خلا ضوء خافت مصدره شمعة يتيمة , وتحلق الجميع حول طاولة خشبية مدورة وهم يمسكون بأيدي بعض ... ساد صمت ثقيل لبضعة دقائق , ثم فجأة دخلت السيدة دوران حالة جلاء روحي وزعمت بأنها تسمع أصواتا وطلبت من احد الحضور أن يسجل ما تقوله , وكانت كلماتها كالآتي :
الارواح تحتفظ بأشكالها بعد الموت .. صورة مشهورة لشبح مقبرة باجلور جروف تم التقاطها عام 1991 .. شبح امراة تستريح على شاهد القبر ..
" أنا الأستاذ .. أتحدث إليكم من العالم الآخر , لقد مررت من خلال الحجب , أرشدتني أصواتكم على الوصول إليكم .
أنا ببساطة شعرت بالنعاس ونمت , ثم استيقظت ولم أدرك بالبداية أني فارقت الحياة . لم أشعر بأي تغيرات واضحة وكبيرة . كنت أعتقد بأن الأمر سيكون مختلفا بشكل كبير , لكنه ليس كذلك , الإنسان يحتفظ بالخطوط العريضة لشكله بعد الموت لكنه يفتقد وجوده المادي .
أنا لم أرحل أو أسافر بعيدا بعد , أنا مازلت في الظلمة , أشاهد الكثير من أرواح الناس , وجميعهم يبدون طبيعيين .
هنا لا توجد مسؤوليات كما في الحياة , يشعر المرء بالنشوة والسعادة , يلتقي ويجتمع ذوي الطبيعة الواحدة مع بعضهم , لقد اجتمعت هنا مع باحثين مثلي . أنا غير نادم على ما فعلته .
لازالت في المستوى الأولى من العالم الآخر , هناك سلسلة مستويات أخرى أقوم حاليا بأجراء بحوث عنها , فنحن سكان المستوى الأول جاهلون بما يوجد في المستويات الأخرى , تماما كما يجهل البشر ما ينتظرهم بعد الموت " .
إلى هنا انتهت رسالة روح السيد برادفرود .. وما أن أتمت السيدة دوران نطق آخر كلماتها حتى فقدت وعيها , وحين أفاقت مجددا سألها رفاقها فيما إذا كانت متأكدة من أن الكلمات التي رددتها هي كلمات السيد برادفورد بالفعل . فأجابت السيدة دوران قائلة : "أنا مقتنعة تماما , أنا لم أسمع صوت روح من قبل , كان هذا صوت الأستاذ , من دون أدنى شك " .
ولاحقا زعمت السيدة دوران أنها أجرت عدة جلسات أخرى تواصلت من خلالها مجددا مع السيد برادفورد , حتى أنه تجلى لها في إحدى تلك الجلسات .
لكن يبقى العيب الرئيسي في قصة السيد برادفورد , على الرغم من غرابتها , هو أنها غير قابلة للإثبات . فمن قال بأن السيدة دوران تقول الحقيقة ؟ .. وكيف يمكن التأكد من ذلك ؟ .. وهل يعقل أن تكون الحياة الأخرى بهذه الصورة ؟ .. أرواح تسير على غير هدى وتفعل ما يحلو لها في عالم يعيش الجميع فيه بنشوة وسعادة .. حتى أحمق مثل السيد برادفورد قام بقتل نفسه يعيش بسعادة هناك ويجري المزيد من البحوث .. ومن يدري .. ربما ينتحر هناك مرة أخرى ليذهب إلى المستوى التالي !! ..
على العموم .. وعلى الرغم من غباوة الوصف .. فأنا أتمنى فعلا أن تكون الحياة الأخرى بهذه الصورة .
السير اوليفر لودج .. كان عالما مهتما بالروحانيات
لكن تجربة السيد برادفورد , على الرغم من عيوبها , أوحت لأشخاص آخرين بفكرة تكرار نفس التجربة لكن بطريقة أكثر ذكاءا . وكان بطل التجربة التالية هو عالم فيزياء يشار له بالبنان , أسمه اوليفر لودج وهو رئيس جامعة بريمنغهام الانجليزية .
إلى جانب كونه عالما كان السيد لودج متدينا ومؤمنا بشدة بالروحانيات . لهذا قام بوضع خطة محكمة لإثبات وجود الحياة الأخرى . حيث كتب رسالة سرية قبل وفاته عام 1940 وقام بوضعها داخل سبعة مغلفات , في كل مغلف هناك لغز رياضي معقد يقود حله إلى السؤال في المغلف التالي وهكذا وصولا إلى الرسالة في المغلف الأخير , وبحسب وصية السيد لودج يجب أن تعرض المغلفات بعد موته على أربعة وسطاء روحيون يجتمعون في مكان واحد ويشرف عليهم مجموعة من الأساتذة الأكاديميين . على هؤلاء الوسطاء أن يتصلوا بروح السيد لودج في العالم الآخر ليحصلوا على إجابات الأسئلة في المغلفات من روح السيد لودج , لأنه الوحيد القادر على حلها . حصولهم على الإجابات الصحيحة سيثبت بأنهم لا يكذبون , وبأنهم تمكنوا حقا من تحضير روح السيد لودج , وبالتالي فالحياة الأخرى حقيقة لا يمكن إنكارها .
مشكلة اختبار السيد لودنج هو أن الأسئلة التي وضعها داخل مغلفاته كانت صعبة ومعقدة إلى درجة أنه حتى الأساتذة الأكاديميين الذين أشرفوا على الاختبار لم يكن باستطاعتهم التأكد من أن الجواب الذي حصل عليه الوسطاء من روح السيد لودنج هو الجواب الصحيح . وهكذا فأنه بعد عدة جلسات مل الجميع فأوقفوا الاختبار ثم قاموا بفتح المغلف الأخير لعلهم يعثرون فيه على الأجوبة , لكن لشدة دهشتهم لم تكن هناك سوى ورقة بيضاء مكتوب عليها نوتات موسيقية ! .. ولا أحد يعلم لحد اليوم هل كان السيد لودنج أحمقا أصيب بالخرف في أواخر حياته , أم أن الأمر برمته كان مجرد مزحة سمجة .
السيد ثوليس .. نسي الشفرة ! ..
بعد رحيل السيد لودنج بعدة عقود قام شخص آخر بإجراء تجربة مماثلة لإثبات وجود الحياة ما بعد الموت . أسمه السيد روبرت هنري ثوليس , وهو عالم نفس بريطاني مهتم بعلم ما وراء النفس (باراسيكولجي) , وكان أيضا من هواة التشفير .
السيد ثوليس كتب قبل موته رسالتين مشفرتين كان متأكدا بأن أحدا سواه لن يتمكن من فك تشفيرهما . وطلب في وصيته أن يتبارى الوسطاء الروحيين للاتصال بروحه بعد موته من اجل أن يأخذوا مفتاح التشفير منه ,و أي واحد منهم ينجح في فك التشفير سيثبت بما لا يقبل الشك بأنه قد تمكن من الاتصال بروح السيد ثوليس وبالتالي فأن الحياة الأخرى موجودة .
كانت خطة محكمة وذكية .. عيبها الوحيد هو أنه منذ موت السيد ثوليس عام 1984 ولحد يومنا هذا لم يتمكن أحد من الحصول على مفتاح التشفير . أكثر من مئة وسيط روحي حاولوا الاتصال بروح السيد ثوليس , لكن جميع المحاولات لم تفضي لشيء . أطرف تلك المحاولات نفذها ثمانية وسطاء روحيين مجتمعين , بذلوا كل جهودهم وألاعيبهم ليغروا روح السيد ثوليس بالحضور , وبعد جهد كبير نجحوا في تحضير روحه , لكن الطريف في الأمر هو أن روح السيد ثوليس عجزت عن تذكر مفتاح التشفير , ربما نسيتها نتيجة الأهوال التي كابدتها بعد الموت !! .
الطبيب دانكن مكدوغال
وبما أننا نتكلم عن التجارب الغريبة لإثبات حياة ما بعد الموت , فلا ضير من ذكر تجربة أخرى في غاية الغرابة أجراها طبيب أمريكي يدعى دانكن ماكدوغال عام 1907 , وقد تطرقنا لقصته بالتفصيل في أحد مقالاتنا . تجربة الطبيب ماكدوغال كانت تقوم على فكرة بسيطة , وهي أن يقوم بوزن الجسد البشري قبل وبعد الموت , والفرق سيمثل وزن الروح البشرية ! . وبالفعل أحضر السيد دانكن بضعة مرضى مصابين بالسل وقام بالعناية بهم – السل في ذلك الزمان كان مرض قاتل كالسرطان – ودأب على قياس أوزانهم بواسطة ميزان دقيق جدا صنعه خصيصا لتجربته , ثم قاس أوزانهم مرة أخرى مباشرة بعد موتهم , وكان دائما هناك نقص في الوزن , مما قاده إلى استنتاج غريبة , وهو أن وزن الروح البشرية يبلغ 21 غرام ! . ورغم استهزاء الأوساط الأكاديمية بتجربة الطبيب ماكدوغال إلا أنه كان مصرا على نجاحها , ومنذ ذلك الحين أصبحت عبارة 21 غرام متداولة بين الناس في أمريكا للإشارة إلى الروح البشرية .
طبعا هذه التجارب التي ذكرناها هنا ليست سوى عينة عن التجارب الكثيرة التي أجراها البشر للوصول إلى حقيقة ما يجري بعد الموت . وفي المقال القادم الذي ننوي كتابته سنتطرق إلى ظاهرة عجيبة ترتبط بالموت ويعتبرها البعض دليلا على وجود الحياة الأخرى . هذه الظاهرة تتمثل في ظهور أصوات غامضة ومجهولة تنسب عادة للأشباح والأرواح على أسطوانات وأشرطة التسجيل الصوتي . حتما جميعنا شاهدنا هذه الظاهرة في أفلام الرعب , وربما اعتقدنا بأنها مجرد خيال , لكنها في الواقع ظاهرة حقيقية ومعروفة منذ فترة طويلة .

الخميس، 5 يونيو 2014

عمارة رشدي بالإسكندرية


ما سر الغموض الذي يحيط بهذه العمارة ؟ ..
عمارة ضخمة ذات لون كئيب توقف عندها الزمن , كأنها تغط في سبات عميق وطويل غير آبهة بكل ما يدور حولها من صخب ولغط وضجيج . وغير آبهة أيضا بالشهرة الكبيرة التي حازت عليها عبر السنين , فهي معروفة لدى كل سكان الإسكندرية ، خصوصا سكان منطقة رشدي التي تنتصب على جانب أحد شوارعها تلك العمارة المهجورة التي أصبحت مدار الكثير من الأساطير , والتي يقال بأنها هجرت منذ زمن طويل بسبب ما كان يحدث فيها من أشياء وأمور غريبة .. أمور لا تخطر على بال ولا يمكن أن نراها سوى في أفلام الرعب السينمائية .
ما الذي حصل بالضبط ؟ ..
حوادث فظيعة عزيزي القارئ .. أمور مأساوية جعلت ساكني تلك العمارة المشئومة يلعنون اليوم الأسود الذي وطئت أقدامهم فيها أرضها الملعونة ..
العمارة متروكة منذ ستينيات القرن المنصرم ..
هناك قصص كثيرة يرويها الناس , بعضها تتحدث عن رجل ألقى بنفسه من الطابق الأخير لسبب مجهول ، وكان صراخه المرعب الذي شق سكون الليل هو آخر ما تركه وراءه .. وهناك أيضا ذلك الرجل اليوناني الذي غرق هو وجميع أفراد عائلته في حادث مركب صيد بعد يومين فقط من سكنه بالعمارة .. وهناك أيضا قصة العريس الذي شاهد الدماء تسيل من جدران شقته ثم لاحقه قط اسود كبير ! ..
الغرائب والأحداث الغامضة استمرت بالوقوع داخل العمارة حتى اقفل الحراس أبوابها بالخشب و الحجارة وتركوها لأشباحها وعفاريتها المشاكسة ... ومنذ ذلك الحين أصبح الناس في الإسكندرية يتحاشون مجرد النظر إليها , ويمرون مسرعين من أمامها لئلا تطاردهم بشرورها ..
لكن ما سبب اللعنة التي حلت بالعمارة ؟ ..
بعض الأساطير تزعم بأن العمارة كانت في طور البناء عندما وقع مصحف من احد العمال و بنيت العمارة فوقه .. وهناك من يقول بأن أرض العمارة بنيت فوق مسجد كان قد تعرض للهدم من قبل المقاول الذي شيد العمارة .. وهناك أيضا من يقول بأن العمارة بنيت فوق مقبرة , وبأن بعض المدفونين في تلك المقبرة كانوا قد ماتوا في حوادث مأساوية غامضة , لذا سكنت عفاريتهم تلك العمارة وراحت ترعب كل من يجرؤ على السكن فيها . وقصة أخرى تزعم بأن هناك مقاولان اشتركا في بناء العمارة , لكن أحدهما قام بالنصب على الآخر وسلب أمواله , فأنتقم هذا الأخير بعمل تعويذة (عمل ) لدى أحد السحرة المتمرسين بالسحر الأسود , وقام بدفن التعويذة في أساسات المبنى لكي لا يصل إليها أحد .

قصص عجيبة

النحس يطارد جميع ساكني العمارة ..
القصة أو الأسطورة الأكثر رواجا حول المبنى هو أنه شيد عام 1961 , وكان صاحبه رجل يوناني أحضر أسرته لتعيش معه , لكن لم تمر سوى أيام قلائل على سكنه في العمارة حتى مات هو وأولاده بعد أن غرقت مركبهم أثناء خروجهم في رحلة صيد .. وبعد موت "الخواجه" باعت زوجته العمارة وغادرت البلاد .
صاحب العمارة الجديد قرر أن يؤجر شققها , لكن النحس طارد كل من حاول السكن فيها , فالرجل الذي استأجر الدور الأول مات في حريق هائل اندلع في شقته بعد فترة قصيرة من سكنه فيها , أما الطبيب الذي استأجر الدور الثاني فقد  مات بحادث سيارة بعد أيام قلائل على افتتاح عيادته . الدور الثالث استأجرته امرأة تعيش لوحدها لأن أولادها يعملون في الخارج , وبعد أيام قليلة عثروا عليها مقتولة ولم يعرف القاتل أبدا . هناك أيضا شركة تجارية استأجرت الدور الرابع لكنها سرعان ما أفلست ومات صاحبها منتحرا .
أما أشهر القصص فهي عن ذلك العريس البائس الذي دفعته أزمة السكن لتحدي قوى الشر التي تهيمن على العمارة فتجرأ على استئجار إحدى شققها .. حدث ذلك مطلع تسعينيات القرن المنصرم .. ويقال بأن الليلة الأولى لذلك العريس المسكين في العمارة كانت ليلة حمراء صاخبة .. ليس لأنها ليلة الدخلة .. لكن بسبب ما جرى فيها من أمور تفوق الخيال ..
فيلم وثائقي عن العمارة ..
ففي تلك الليلة الدهماء شاهد العريس وعروسه بقعا من الدم تسيل من على الجدران , ثم راحت الحنفيات تسكب ماءا أحمر كالدم , وظهر لهما قط أسود عملاق , وحين حاولا الفرار من القط وجدوا امرأة مقطوعة الرأس تنتظرهم في الصالة , وكان رأسها المقطوع مرميا على الأرض وهو يضحك بصوت مفزع .. العروسان المرعوبان ركضا نحو باب الشقة .. فوجدا بأن الباب قد اختفى , وكان هناك رجل أسود مخيف المنظر ذو أنياب طويلة وحادة ينتظرهم , ففتح فمه ليبتلعهم ولم يشعرا بعد ذلك بشيء .. ووجدهما الناس في صباح اليوم التالي مغشي عليها في الشارع وهما شبه عاريين .
ويقال بأن كل من سكن العمارة بعد ذلك كان يجد أثاثه محطما وملقيا بالشارع في الصباح ! .. وبأن العفاريت كانت تهز المبنى لترعب ساكنيه .. والدم يتدفق من الحنفيات .. والأبواب والشبابيك تفتح وتغلق من تلقاء نفسها ..
وحين أتوا بشيخ ليقرأ على العمارة ويخلصها من عفاريتها .. اختفى سلم العمارة ! .. نعم عزيزي القارئ .. لم يجد الشيخ سلما ليصعد عليه .. وحين حاول دخول شقق الدور الأرضي اختفت أبواب الشقق !! .. ويقال بأنه بعد فترة على ذلك حضر شيخ آخر وسخر من حكايات الناس عن العفاريت التي تسكن العمارة .. وقرر أن يسكن وحيدا في العمارة لكي يثبت للناس بأن كل ما يدور حولها من حكايات هي مجرد خرافات لا أساس لها من الصحة .. وفعلا مر اليوم الأول بسلام من دون أي حوادث .. والثاني كذلك .. والثالث .. والرابع .. حتى ظن الناس بأن كلام الشيخ مضبوط وبأن كل ما يدور حول العمارة هو مجرد هراء .. لكن هذا الاستنتاج لم يدم طويلا .. ففي اليوم السابع أستيقظ الناس ليجدوا الشيخ ملقى في الشارع وأثاثه من حوله محطم ومبعثر على الأرض , وحين سألوه عن من فعل به هذا لم يستطع أن يجيبهم من شدة رعبه , ويقال بأن مات بعد أيام قليلة من شدة الصدمة .

اقتحام العمارة

اقتحام العمارة 2012
بعيدا عن كل ما قيل ويقال عن العمارة فأن البعض من سكان الحي القدماء يقولون بأن كل الأساطير حول العمارة لا أساس لها من الصحة , وأن سبب بقاء تلك العمارة خالية من السكان حتى يومنا هذا هو أن صاحبها مات بعد الانتهاء من بنائها بفترة قصيرة فأختلف ورثته حولها وبقيت العمارة مهجورة حتى يومنا هذا بسبب ذلك الخلاف .
وهذه القصة يؤكدها حادث اقتحام مجموعة من الشباب للعمارة عام 2012 بناء على دعوة وجهها أحدهم على الفيسبوك , وهناك صور وفيديوهات على النت يظهر فيها هؤلاء الشباب وهم يلوحون بأيديهم من شرفات العمارة بعد أن دخلوا إليها عبر مرآب سيارات مجاور لها , وقد تحدث بعض هؤلاء الشباب المقتحمين قائلين بأنهم لم يروا شيئا غريبا أو خارقا للعادة في الداخل , وأن العمارة غير مكتملة البناء , حيث أن الجدران ما زالت غير مكسوة بالجبس , مما يدل على أن أحدا لم يسكن في هذه العمارة بالسابق , وبالتالي فأن كل القصص التي قيلت عن المبنى لا أساس لها من الصحة .
لكن بغض النظر عن اقتحام المبنى فأن الكثير من الناس مازالوا يؤمنون بأن سرا كبيرا يكتنف هذه العمارة .. لو كان هناك خلاف بين الورثة فعلا فهل يعقل أن يستمر منذ الستينات وحتى الآن ! .. وهل من المنطقي ترك هكذا عقار ضخم يساوي الملايين متروكا ومهملا بهذه الصورة .. طيب من الذي يدفع راتب الحارس وعائلته ؟ .. ومن الذي قام بسد باب العمارة بالطوب .. لماذا كل هذا الغموض والسرية .. ومن هم أولئك الأشخاص الذين يأتون إلى العمارة ليلا بسيارات حديثة ويغادرونها قبل طلوع الصباح كما يزعم بعض سكان المنطقة .. هل هناك أمر يجري داخل هذا المبنى ويحاول المسئولون عنه إخفائه والتستر عليه وراء حكايات العفاريت والأشباح ؟ .. كل هذه أسئلة تبقى من دون جواب ..