الاثنين، 28 أبريل 2014

أشهر صور الأشباح وأكثرها إثارة للجدل

ربما تكون الصورة من أنجع الوسائل في إقناع الآخرين بصدق المزاعم حول قضية ما، ولهذا السبب غدت آلة ‏التصوير منذ اختراعها سلاحا فتاكا لغسل العقول وإرغامها أحيانا على القبول بما لا يمكن تصديقه، وقد برع في ‏استخدامها لهذا الغرض العديد من المحتالين والدجالين فتراكمت بمرور الزمن آلاف الصور المزعومة عن ‏الأشباح والصحون الطائرة والوحوش الخرافية. ورغم أن الخبراء اثبتوا أن اغلب هذه الصور مزيفة تم استخدام ‏حيل وتقنيات مختلفة في تركيبها، لكن هناك نسبة قليلة جدا، قد لا تتجاوز عدد أصابع اليد، أصبحت مثارا لجدل ‏طويل بين من يعتقد بأنها مزيفة ببراعة كبيرة، وآخر يؤمن بأنها حقيقية. وقد اخترنا في هذه المقالة أشهر هذه ‏الصور مع ذكر قصة كلٌ منها تاركين الحكم حول مصداقيتها للقراء الأعزاء.‏
صور الأشباح .. هل هي حقيقة ام زيف ؟
في يوم ما من صيف عام 1826 التقطت أول صورة فوتوغرافية في تاريخ البشرية على يد الفرنسي جوزيف نيبس، ولم تمض سوى سنوات قليلة على ذلك التاريخ حتى حدثت طفرات هائلة في مجال التصوير الفوتوغرافي (أول صورة ملونة التقطت عام 1861) فتوصل المصورون الأوائل إلى تقنيات متطورة في حيل تركيب ودمج الصور مع بعضها، وهكذا ظهرت أولى صور الأشباح في التاريخ وشهدت رواجا منقطع النظير بين الناس البسطاء والسذج في أواخر القرن التاسع عشر الذين آمنوا بأنها صور حقيقية وأن آلة التصوير (الكاميرا) بإمكانها التقاط صور الأشباح حقا!، وهي فرضية روج لها البعض رغم انه لا يوجد أي دليل علمي يثبت صحتها.
من صور الاشباح المزيفة التي شهدت رواجا كبيرا قبل قرن من الزمان
المبيعات الكبيرة التي حققتها صور الأشباح والشهرة التي حاز عليها مصوريها صارت حافزا لظهور الآلاف من هذه الصور خلال المائة والخمسون عاما المنصرمة. ويمكنك عزيزي القارئ الاطلاع على بعض هذه الصور بمجرد كتابة كلمة "Ghost " في أي محرك بحث انترنيتي. وبالطبع اغلب هذه الصور تمت فبركتها بسذاجة بحيث يمكن إدراك زيفها من النظرة الأولى، لكن هناك أيضا القليل منها تم إعداده بعناية كبيرة إلى درجة إن زيفها ربما انطلى حتى على خبراء التصوير المحترفين.
أن القبول بحقيقة أي صورة شبحية يخضع لمعايير عديدة، منها على سبيل المثال طبيعة المكان الذي التقطت فيه الصورة .. هل التقطت في مكان تكثر فيه قصص الأشباح ؟ هل التقطت عن طريق الصدفة ؟ هل كان هناك شهود ؟ من الذي التقط الصورة ؟ هل هو مصور محترف أم شخص عادي ؟ .. الخ. وبتطبيق هذه المعايير، إضافة طبعا للجوانب التقنية والاحترافية، فأن الكم الهائل من صور الأشباح المزعومة سيتبخر بسرعة ولن يتبقى سوى صور معدودات يمكن القول بأنها محيرة وتثير أكثر من علامة الاستفهام حول حقيقتها.
وأدناه سنعرض بشيء من التفصيل لقصص البعض من هذه الصور الشهيرة :

1 –شبح السيدة البنية (The Brown lady ) :

شبح السيدة ذات الرداء البني والى اعلى اليسار لوحة تصور اللورد جارلز
 أشهر صور الأشباح قاطبة، التقطت في قصر راينهام الريفي (Raynham Hall ) في انجلترا عام 1936 من قبل المصورين الكابتن بروفاند ومساعده اندري شيرا عندما كان الاثنان يعدان تقريرا مصورا عن القصر لصالح مجلة الحياة الريفية "Country Life ".
صورة الشبح الشهيرة التقطت عن طريق الصدفة على سلم البهو الكبير للقصر القديم الذي يعود تاريخ بناءه إلى عام 1619 والمملوك لعائلة تاونشيند الارستقراطية الثرية.
شبح السيدة البنية له قصة طويلة تعود إلى عام 1726، ففي تلك السنة نقل اللورد شارلز تاونشيد تابوت زوجته دورثي إلى الكنيسة ثم إلى المقبرة حيث تم دفنها في مراسم مهيبة حضرها العديد من أعيان ولوردات انجلترا.
لكن هل ماتت السيدة دورثي تاونشيد حقا وتم دفنها في ذلك اليوم ؟ الأسطورة تقول لا، فالتابوت الذي دفنه اللورد شارلز كان خاليا تماما!، ودورثي التي حضر اغلب أعيان المملكة جنازتها كانت ما تزال حية ترزق في قصر اللورد الريفي، أي قصر راينهام الذي ذكرناه في بداية قصتنا.
السيدة دورثي كانت في الحقيقة سجينة قصر راينهام، فاللورد شارلز أخفى زوجته بعيدا عن أعين الجميع، حتى عن أولادها، بسبب شكه في سلوكها والشائعات التي انتشرت آنذاك عن خيانتها له مع لورد آخر.
هناك من يقول بأن الأمر برمته كان مجرد شكوك ضخمها زوج غيور اشتهر بعصبيته المفرطة، فيما يذهب آخرون إلى أن شكوك اللورد كانت في محلها وانه قبض على زوجته متلبسة بالخيانة.
على العموم، أيا كانت حقيقة خيانة اللايدي دورثي تاونشيد لزوجها فأن الأسطورة تقول بأنها عاشت حبيسة القصر لسنوات طويلة أعقبت دفنها رسميا، ولم تكن حياتها رغيدة طبعا، لأن زوجها القاسي أذاقها صنوف المهانة والعذاب. وفي النهاية، في ليلة باردة من شتاء عام 1733  قام اللورد شارلز في إحدى نوبات غضبه الجنونية بشنق زوجته دورثي فوق سلم بهو القصر وتركها معلقة هناك، جثة الزوجة التعيسة أنزلت عند الصباح ودفنت في مكان مجهول داخل القصر لا يعلمه سوى اللورد وبعض ثقات خدمه.
لورد شارلز لم يزر القصر مرة أخرى خلال حياته التي لم تدم طويلا حيث مات في عام 1738، لكن نزلاء القصر ومنذ عام 1733 بدءوا يتحدثون عن سيدة مجهولة ترتدي ثوبا بنيا تتجول داخل الممرات والدهاليز المظلمة في بعض الليالي، أحيانا كانت تقف عند سلم البهو فيعلو صوت نحيبها لبرهة قبل ان تختفي وتتلاشى كالأثير. الذين شاهدوا شبح السيدة البنية قالوا بأنها كانت امرأة دقيقة الملامح ذات شعر ذهبي طويل وجسم أهيف رشيق، لكن وجهها كان متجهما عبوسا زاده بشاعة اختفاء العيون تماما وتحولها إلى ثقوب جوفاء كبيرة.
حوادث مشاهدة الشبح تكررت عبر القرون وفي مناسبات عدة يطول شرحها، لكن الحادثة الأخيرة وقعت في عام 1936 عندما تمكن مصورا مجلة الحياة الريفية من التقاط صورة الشبح عن طريق الصدفة فوق سلم البهو، ومنذ ذلك الحين اختفى الشبح تماما ولم يره احد مرة أخرى.
هناك من يعتبر صورة شبح السيدة البنية دليلا قويا على وجود الأشباح. فيما يعتبرها آخرون مجرد خدعة رخيصة تم فيها تركيب صورتين معا أو ربما عن طريق وضع القليل من الزيت على عدسة آلة التصوير.

2 – شبح فريدي جاكسون (Freddy Jackson ) :

شبح فريدي جاكسون
هذه الصورة نشرت لأول مرة عام 1975 من قبل السير فيكتور غودارد الضابط المتقاعد في سلاح الجو الملكي البريطاني. الصورة التقطت عام 1919 لمجموعة من ضباط وجنود السرية التي كان السير غودارد يخدم فيها كطيار.
للوهلة الأولى تبدو الصورة عادية، مثلها مثل ملايين الصور الجماعية الملتقطة خلال القرن المنصرم. لكن عند تدقيق النظر في المنطقة التي تقع خلف الشخص الرابع من اليسار في الصف العلوي، سنميز وجها شاحبا باهتا جعل افرد السرية آنذاك يصابون بالهلع والذهول. انه وجه فريدي جاكسون فني الطائرات الذي قتل في حادثة مروعة عندما إصابته مروحة إحدى الطائرات في رأسه أثناء تصليحه لها، المثير والمدهش في الأمر هو أن فريدي مات قبل التقاط الصورة بيومين!! ويبدو أن شبح فريدي المسكين لم يدرك حقيقة أنه أصبح في عداد الموتى لذلك وقف لالتقاط الصورة مع زملاءه ظنا منه بأنه لا يزال على قيد الحياة.
صورة فريدي جاكسون حازت على شهرة واسعة منذ أن نشرت لأول مرة عام 1975 ضمن كتاب من تأليف السير غودارد، وهناك اليوم مئات المواقع على الانترنت تتحدث عن هذه الصورة وقصتها. لكن شهرة الصورة لم تمنع المشككين من التساؤل حول حقيقتها، فالسير فيكتور غودارد "Sir Robert Victor Goddard " هو شخص حقيقي عاش زهاء التسعين عاما وخدم لسنوات طويلة كضابط طيار في سلاح الجو الملكي البريطاني ترقى خلالها في المراتب ونال العديد من أوسمة الشجاعة البريطانية والأمريكية. لكن الرجل رغم بسالته ومجده الحربي، خصوصا في الحرب العالمية الثانية، كان معروفا أيضا بأطواره وقصصه الغريبة، فقد اهتم لفترة من الزمن بالصحون الطائرة والروحانيات، وروى العديد من القصص الغريبة التي زعم أنها حدثت معه خلال حياته والتي تحولت إحداها إلى فلم سينمائي عام 1955 بعنوان "The Night My Number Came Up ".
شخصية سير غودراد الغريبة الأطوار هي التي ألقت بظلال الشك على صورة فريدي جاكسون وجعلت المرتابين في حقيقتها يعتقدون بأنه زيف الصورة ولفق قصتها من اجل إثبات معتقداته الروحانية.

3 – شبح عذراء المقبرة (Madonna of Bachelor's Grove ) :

شبح عذراء المقبرة والى الاسقل صورة للمقبرة
باجلور غروف هي مقبرة قديمة مهجورة شبيهة بتلك المقابر المخيفة التي نشاهدها في أفلام الرعب السينمائية. مقبرة نسجت حولها بمرور السنين الكثير من القصص المخيفة حتى غدت إحدى أشهر الأماكن المسكونة في الولايات المتحدة.
هناك على شواهد قبورها المتآكلة والمتكسرة يمكن للإنسان أن يقرأ تاريخ موت أولئك الراقدين بصمت تحت الثرى، أقدم تلك الشواهد يعود إلى عام 1838 فيما أحدثها عهدا يرجع إلى عام 1965 وهي السنة التي أغلقت فيها المقبرة تماما ومنع دفن المزيد من الموتى فيها.
في سبعينيات القرن المنصرم، وللاختباء عن أعين الشرطة، بدأ بعض الشباب يؤون إلى المقبرة المهجورة لتعاطي المخدرات، وفي تلك الفترة بالذات بدأت تنتشر قصص الأشباح وصارت ارض الموت المنبوذة تلك تجتذب إليها بالتدريج مجاميع مختلفة من الباحثين عن المغامرة والمؤمنون بالسحر وعبدة الشيطان. وقد قام هؤلاء الشباب المهووسون بسرقة اغلب شواهد القبور وصخورها حتى لم يتبقى في النهاية سوى بعض الشواهد الثقيلة التي عجزوا عن اقتلاعها.
أشباح المقبرة لها قصص مختلفة، هناك من يزعم أن بعضها يعود لأشخاص قتلهم آل كابوني رجل العصابات المعروف في عشرينيات القرن المنصرم، فموقع المقبرة المنعزل والمنقطع عن العمران عند أطراف مدينة شيكاغو جعلها مكانا مثاليا لتصفية منافسي وأعداء رجل المافيا الأقوى آنذاك. ورغم انه من الناحية التاريخية لا يوجد أي دليل يؤكد صحة هذه القصص إلا أن بعض الناس يؤمنون بحدوثها ويؤكدون بأن الشخص الذي يدخل إلى المقبرة ليلا ويتمتع بحاسة سمع مرهفة فأنه سيسمع بالتأكيد أنات وصرخات أولئك الذين دفنهم آل كابوني وهم أحياء تحت الكتل الصخرية الضخمة التي تغطي القبور.
قصة أخرى تتحدث عن مزارع كان يحرث الأرض مع حصانه في يوم ما من عام 1870 حين غاص الاثنان في إحدى البرك الطينية وماتا معا. البعض يزعم أن شبح المزارع وحصانه لازالا يتجولان داخل المقبرة ويحرثان الأرض كما كانا يفعلان في حياتهما، لكن حين يمر الحصان ببركة ماء فأنه ينطلق مذعورا ساحبا معه صاحبه المزارع المسكين الذي يبدأ بالصراخ طلبا للمساعدة لكن بدون جدوى.
هناك قصص كثيرة أخرى ومشاهدات لا تعد ولا تحصى للأشباح في المقبرة. كل هذا دفع فريقا من أعضاء جمعية الأبحاث الروحانية (GRS ) بزيارة باجلور غروف في عام 1991 لغرض تقصي الحقائق ومعرفة حقيقة الأشباح الهائمة هناك. أعضاء الفريق تجولوا لعدة ساعات كانت المقبرة خلالها خالية تماما من البشر. وقبل مغادرتهم بقليل قامت إحدى عضوات الفريق وتدعى ماريا هوف بالتقاط بعض الصور لشواهد القبور بواسطة كاميرا حرارية فائقة السرعة، إحدى هذه الصور كان لها وقع الصاعقة على أعضاء الفريق لأنها أظهرت ما بدا انه شبح امرأة ترتدي ثوبا ابيضا طويلا وتجلس بهدوء وسكينة فوق شاهد احد القبور.
صورة السيدة البيضاء أو عذراء باجلور غروف سرعان ما أصبحت من أشهر صور الأشباح، لكنها مثل غيرها من الصور لم تسلم من الانتقاد والتشكيك، فالبعض يعتقد بأنها مجرد صورة لامرأة حقيقية تجلس فوق القبر ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بعالم الأشباح.

4 – شبح المقعد الخلفي (The Back Seat Ghost ) :

شبح السيدة في المقعد الخلفي
يا ترى ما هو المكان الذي يذهب إليه الناس المرة تلو المرة من اجل زيارة شخص ما و هم موقنون بأنهم لن يروه أبدا ؟. إنها المقبرة بالتأكيد حيث يرقد الموتى بصمت وسكينة بانتظار أن يزورهم والد أو ولد .. حبيب أو قريب ليخفف عنهم بصوته الحزين شيئا من وحشة زنزانتهم الأبدية المظلمة.
الزائر غالبا ما يجلس بجوار القبر يناجيه ويحادثه بعين دامعة وقلب كسير من دون أن يسمع ردا ولا جوابا، فأنى للموتى أن يتحدثون؟. لكن يا ترى ماذا سيكون شعور هذا الزائر لو علم بأن روح صاحب القبر الذي أتى لزيارته تجلس إلى جواره أو تقف فوق رأسه من حيث لا يعلم !؟ هذا هو بالضبط ما حصل مع السيدة مابيل جينري التي ذهبت برفقة زوجها في يوم ما من عام 1959 لزيارة قبر والدتها. الزوجان أوقفا سيارتهما السوداء عند أطراف المقبرة حيث ترجلت السيدة مابيل ومشت نحو قبر أمها مصطحبة معها آلة التصوير من اجل التقاط بعض الصور.
السيدة مابيل أنهت زيارتها بسرعة وقفلت عائدة نحو السيارة حيث ينتظرها زوجها، لكن قبل أن تصل إلى غايتها بعدة ياردات توقفت والتقطت صورة سريعة لزوجها الجالس وحيدا في المقعد الأمامي ثم أسرعت وركبت إلى جانبه لينطلق الاثنان بالسيارة تاركين المقبرة خلف ظهورهم.
بعد عدة أيام جلس الزوجان في منزلهما يشاهدان الصور التي التقطاها في المقبرة، لم يتوقعا رؤية شيء غير عادي. لكن فجأة تسمرت عينا السيدة مابيل على الصورة التي التقطتها لزوجها عند أطراف المقبرة، ما شاهدته في الصورة كان محيرا ومربكا، فهي متأكدة تماما بأن السيارة في ذلك اليوم كانت خالية إلا من زوجها الذي كان يجلس في المقعد الأمامي منتظرا عودتها وحيدا، لكن في الصورة ظهر بوضوح وجه امرأة تجلس وراء زوجها مباشرة في المقعد الخلفي للسيارة، المدهش أن ملامح السيدة بنظارتها السميكة وملابسها الداكنة لم تكن غريبة أبدا على السيدة مابيل .. لأنها في الحقيقة لم تكن سوى أمها الميتة!!.
قصة شبح المقعد الخلفي محيرة فعلا، إذ يبدو إن روح والدة السيدة مابيل قررت مغادرة قبرها الممل والموحش بصحبة ابنتها فسبقتها إلى السيارة لتجلس في المقعد الخلفي حيث تعودت الجلوس في حياتها. لكن هل هذه قصة قابلة للتصديق!؟ أنا شخصيا بحثت طويلا عن أي معلومة حول السيدة مابيل وزوجها لكني لم أتوصل لشيء، فالمواقع الأجنبية ذكرت القصة بنسق واحد تقريبا كأنما نقل احدهم عن الأخر من دون أية تفاصيل إضافية.

5 -  شبح فتاة الحريق (The Fire Girl ) :

شبح فتاة الحريق
"ويم" هي بلدة صغيرة في مقاطعة شروبشاير الانجليزية. معظم الناس لم يسمعوا بهذه البلدة قبل أن تتناقل وسائل الإعلام خبر احتراق مبنى بلديتها القديم في عام 1995.
السنة اللهب المتصاعدة من المبنى القديم الذي يعود تاريخ إنشاءه إلى عام 1905 سرعان ما اجتذبت إليها العديد من السكان الذين وقفوا يشاهدون بحزن أهم معالم بلدتهم الصغيرة وهو يتلاشى وسط  النيران ويتحول إلى كومة من الرماد.
احد هؤلاء المشاهدين ويدعى توني اوريلي، كان يقف على الجانب الآخر من الشارع ممسكا بآلة تصوير مزودة بعدسة مقربة التقط بواسطتها عدة صور للمبنى المحترق، إحدى هذه الصور كانت غريبة ومحيرة حقا لأنها أظهرت ما بدا بأنه فتاة ترتدي ملابس بيضاء قديمة الطراز وتقف بلا مبالاة عند الباب الرئيسي للمبنى وسط النيران الملتهبة. الفتاة في الصورة أصابت جميع سكان البلدة بالذهول وأعادت إلى أذهانهم القصص القديمة التي كانوا قد سمعوها في طفولتهم حول شبح فتاة تدعى جان جورم.
سجلات البلدة التاريخية تذكر بأن جان جورم هي فتاة عاشت في البلدة عام 1611 وكانت سببا في إحراق العديد من المنازل الخشبية آنذاك بعد أن أشعلت النار سهوا في سقف منزلها المصنوع من القش. الفتاة دفعت ثمن غلطتها غاليا إذ كانت أول المحترقين، لكن يبدو أن روحها المعذبة أبت أن تفارق البلدة واستمرت بالظهور من حين لآخر عبر السنين والقرون.
لم يصدق الجميع طبعا أن الصورة حقيقية، البعض اتهموا اوريلي بفبركتها وتزييفها بحثا على الشهرة.
وللدفاع عن مصداقيته قام توني بعرض صورته المثيرة على الدكتور فارنون هاريسون الخبير في الجمعية الملكية للمصورين البريطانيين. هاريسون عاين الصورة واختبرها جيدا قبل أن يعلن بأنها حقيقية وانه لم يستطع العثور على أي اثر للاحتيال فيها.
رأي الدكتور هاريسون أعطى صورة الشبح مصداقية كبيرة فغدت بسرعة إحدى أشهر صور الأشباح في العالم وتم نشرها في العديد من الصحف والمجلات ومواقع الانترنيت.

لكن هل كانت الصورة حقيقية فعلا ؟

صورة تثبت زيف شبح فتاة الحريق
كلا للأسف لم تكن كذلك، وقد لعبت الصدفة دورا كبيرا في كشف زيفها. ففي عام 2010 كان براين لير من مدينة شروبشاير الانجليزية يتصفح عددا من بطاقات المعايدة القديمة عندما شاهد عن طريق الصدفة صورة فوتوغرافية ملتقطة لشارع في بلدة "ويم" عام 1922. الصورة بدت عادية جدا، مجرد منظر كئيب لشارع قديم في بلدة انجليزية صغيرة، لكن نظر براين الثاقب انتبه إلى فتاة كانت تقف في الصورة عند ناصية الشارع وترتدي ملابس بيضاء قديمة الطراز، بلير تعرف على الفتاة في الحال .. إنها نفس فتاة صورة شبح المبنى المحترق!.
توني اوريلي الذي التقط صورة فتاة الحريق مات عام 2005، وحتى آخر لحظة في حياته كان يصر على أن صورته حقيقية، ويبدو ان الرجل لم يكن يعتقد أبدا بأن حيلته يمكن ان تنكشف، لكنه بالطبع لم يضع في حسبانه دقة نظر وقوة ذاكرة شاب من مدينة شروبشاير يدعى براين لير.
قصة شبح فتاة الحريق هي دليل واضح على حجم الزيف والكذب الذي يمكن أن يمارسه بعض الأشخاص من اجل الوصول إلى الشهرة، وهي أيضا مثال جيد على مدى سذاجة بعض الناس وسهولة تصديقهم للأكاذيب، ولهذا السبب نجد اليوم على شبكة الانترنت مئات الصور المزعومة للأشباح (*) تتداولها المواقع والمنتديات المختلفة ونرى البعض يصر على أنها حقيقية متناسين أن فبركة الصور في القرن الحادي والعشرين صارت من السهولة بمكان إلى درجة أن الأطفال أيضا أصبح بإمكانهم دمجها والتلاعب فيها بواسطة بعض برامج الحاسوب البسيطة.
* لماذا الإيمان بالأشباح ؟ فليس الناس البسطاء والسذج وحدهم يؤمنون بها، بل هناك أسماء وشخصيات على درجة عالية من الثقافة والمعرفة امنوا بالأشباح أيضا وبحثوا في الروحانيات وتشعبوا فيها.
إن الاهتمام بهذه القضية يعود في أساسه إلى تعلقها وارتباطها بالسؤال الأزلي حول الموت وماهيته، وهو سؤال يخامر عقول جميع البشر بدون استثناء من دون أن يجدوا له جوابا شافيا، وذلك لسبب بسيط، لأن الموتى لا يعودون ولا يخبرون أحدا بما حدث لهم بعد أن فارقوا الحياة. ولهذا ترى الناس يميلون إلى الأديان والغيبيات، ليس لأيمانهم بالأخلاق القويمة والفضائل العليا كما يدعون، أو لتنزههم عن الشهوات كما يزعمون. فهم في النهاية بشر يحبون المال والجنس والمتع الدنيوية مثل الآخرين، لكنهم يجدون في الغيبيات جوابا لأسئلتهم المربكة حول الموت وهي تعطيهم أملا متجددا في الحياة الثانية الأزلية الخالدة. ذلك أن الناس يخشون الفناء وترتعد فرائصهم رعبا عند التفكير بظلمة القبر وتلك الحشرات والهوام الصغيرة التي ستنهش أجسادهم البضة الرقيقة، لهذا تراهم يعبدون الله ويتوسلون إليه ليحصلوا على الحياة الخالدة الأبدية ولو علموا بأن لا حياة بعد الموت ولا عقاب ولا ثواب لما صلى ولا صام احد من جميع الأديان ولتسابقوا وتهافتوا على متع الدنيا الزائلة قبل فوات الأوان. وقد يعود الاهتمام بالأشباح إلى أنها بالطبع من أقوى الأدلة على وجود تلك الحياة الخالدة التي يتطلع الإنسان إلى إماطة اللثام عن أسرارها ليزداد قلبه يقينا بأنه ماضي في الطريق الصحيح وفي أن هناك حقا حياة أخرى تنتظره بعد الموت.

السبت، 26 أبريل 2014

ساحرة بيل .. مواجهة مرعبة بين الإنسان و قوى ما وراء الطبيعة‏

الكراهية و البغضاء هي للأسف من أكثر المشاعر رواجا لدى بني البشر , لأسباب شتى كالاختلاف في الرأي أو ‏القومية أو الجنس أو العقيدة أو الجاه و المقام .. الخ , لذلك ليس عجيبا أن يكون للإنسان عدو , صريح أو مستتر , ‏لكن العجيب و الغريب هو أن يدخل الإنسان في عداوة مع مخلوقات و كائنات من عالم أخر مثل الأشباح و الجن ‏‏, كائنات لا يمكنه رؤيتها و لا التنبؤ بتصرفاتها و أفعالها , و المزارع الأمريكي جون بيل هو احد هؤلاء ‏الأشخاص المساكين الذين دخلوا في مواجهة غير متكافئة مع قوى ما وراء الطبيعة , مواجهة كلفته حياته و ‏سببت الأذى لعائلته فتحولت إلى واحدة من اغرب قصص الرعب الأمريكية.‏

هل يمكن للمخلوقات الخفية كالأشباح و الجن الانتقام من الانسان و قتله؟!

الى اليسار ملصق احد افلام الرعب الامريكية التي تتناول قصة ساحرة بيل و الى اليمين صورة حقيقية لمنزل جون بيل الذي وقعت الاحداث الغريبة داخله
جون بيل كان مزارعا بسيطا و رجلا ورعا و مستقيما أمضى الشطر الأكبر من حياته في العمل بكد من اجل توفير لقمة العيش لزوجته لوسي و أطفاله الأربعة , كان حلم حياته هو أن يمتلك مزرعة خاصة به , و من اجل كسب المال الكافي لتحقيق حلمه , تطوع جون للعمل في الجيش و خدم لعدة سنوات تحت أمرة الجنرال اندرو جاكسون الذي سيصبح في المستقبل الرئيس السابع للولايات المتحدة. و في عام 1804 ترك الجيش و حقق حلمه القديم أخيرا حين اشترى قطعة ارض كبيرة في ريف ولاية تينسي و انتقل للعيش هناك مع عائلته. اتسمت السنوات الأولى للعائلة في أرضهم الجديدة بالهدوء حيث لم يعكر صفوها أي حادث يستحق الذكر باستثناء ولادة لوسي لطفلة جميلة أسموها إليزابيث و كانوا ينادونها (بيتسي) , و بمرور الزمن و نتيجة لمثابرة جون و أولاده و عملهم الدءوب تحولت مزرعتهم تدريجيا إلى حقول نظرة خضراء و أخذت تدر عليهم مبلغا لا بأس به من المال مما جعل جون بيل يظن انه سيقضي ما تبقى له من العمر في رفاهية و سلام , لكن أحيانا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن , و رياح جون بيل كانت محملة بغيوم سوداء تحمل شرورا كثيرة ستحيل حياة المزارع المسكين  إلى جحيم لا يطاق في المستقبل القريب.
لا احد يعلم على وجه الدقة كيف و لماذا بدئت الحوادث الغريبة في مزرعة جون بيل , إلا ان اغلب الروايات تتفق على الشرارة الأولى لكل المشاكل حدثت عندما اشترى جون قطعة ارض قريبة من مزرعته تعود ملكيتها لامرأة عجوز تدعى كات بيتس , و رغم ان جون كان رجلا متدينا و ورعا إلا ان شعورا سيئا تولد لدى السيدة بيتس بأنها تعرضت لخديعة كبيرة في صفقة شراء أرضها و لذلك سمعها العديد من الأشخاص في بلدة روبرتسون القريبة تتوعد جون بيل و تلعنه و تقسم بأنها ستنتقم منه شر انتقام , ثم مرت سنوات عدة على هذا الحادث اختفت خلالها السيدة بيتس و لم يسمع عنها أحد بعد ذلك فنسيها الجميع و نسوا مشكلتها مع جون بيل.
و في احد الأيام بينما كان جون يتفقد المزروعات في أرضه لمح فجأة حيوانا غريبا اسودا داكن اللون , بدا لوهلة كأنه كلب لكن وجهه كان غريبا يشبه وجه الأرنب! كان مسخا قبيحا أثار مشاعر الاشمئزاز و الخوف في نفس جون فصوب بندقيته نحوه و عالجه بطلقة أردته قتيلا في الحال ثم قفل عائدا إلى منزله و نسي الموضوع تماما حتى حل المساء حيث اجتمعت العائلة كالعادة لتناول طعام العشاء , فجأة بدء جون بيل و أفراد عائلته يسمعون طرقا خفيفا على الجدران , في البداية ظنوا بأن شخصا ما يحاول سرقة مخزنهم الصغير الملحق بالمنزل فتراكضوا إلى الخارج شاهرين أسلحتهم النارية , لكنهم لم يعثروا على احد فعادوا أدراجهم إلى داخل المنزل و الحيرة تكاد تفقدهم صوابهم لأن صوت الطرق على الجدران استمر طول الليل و لم يستطيعوا أبدا تحديد مصدره , و ازدادت حيرتهم عندما بدء الصوت يزداد قوة و وضوحا في الأيام التالية ثم بدءوا يسمعون صوت خطوات خفية تتجول داخل المنزل و همهمة غير مفهومة لأشخاص يتحدثون كالهمس و أحيانا كان يتسلل إلى غرفهم صوت بعيد كأنه صادر من أعماق الأرض لامرأة تترنم بأغنية قديمة , و رغم أن جون بيل و أبنائه فتشوا كل شبر في المنزل بحثا عن أي خيط يوصلهم إلى مصدر تلك الأصوات إلا ان جهودهم جميعها باءت بالفشل فقد استمر الضجيج و صوت الطرق الخفي يزعجهم و يبث الخوف في قلوبهم للأيام و الليالي التالية , و أخذت الأمور تزداد سوءا بالتدريج , إذ أصبح أطفال جون الصغار يشتكون من ان شخصا ما يتسلل إلى أسرتهم ليلا و يسحب عنهم أغطيتهم و وسائدهم و يلقي بها إلى الأرض , و لسبب غير معروف كانت الابنة بيتسي هي الأكثر عرضة للأذى إذ كانت تتعرض من حين إلى أخر للقرص المؤلم في أنحاء جسدها و أحيانا كانت هناك يد خفية تجر شعرها بقوة أو تضربها على وجهها و تدفعها عن سريرها ملقية بها أرضا.
يوما بعد أخر , كان حياة عائلة جون بيل تتحول إلى كابوس مرعب , و رغم ان جون المسكين كان قد طلب من أفراد عائلته عدم ذكر أي شيء عن موضوع الأحداث الغريبة لأصدقائهم و جيرانهم خشية ان يصبحوا محلا للسخرية و التندر , لكن جون نفسه قرر في النهاية بأنه يجب ان يطلب المساعدة من بعض أصدقائه أو على الأقل أخبارهم بالموضوع عسى ان يجد لديهم تفسيرا لما يحدث في منزله , لذلك توجه إلى منزل جاره و صديقه جيمس جوهانسون و اخبره  بالتفصيل عن جميع الأحداث الغريبة التي جرت في منزله خلال الأيام المنصرمة , في البداية لم يصدق جيمس ما سمعه و ظن ان جون يمزح معه , لكن تجهم جون و النبرة المتوترة في صوته جعلت الابتسامة العريضة التي ارتسمت على شفتي جيمس تتلاشى بالتدريج و اخذ يحدق بريبة إلى جاره البائس و المتهالك أمامه ثم قال له بعد تردد : "هل حقا وقعت هذه الأمور التي أخبرتني عنها للتو في منزلك؟!" , كان الجواب واضحا في النظرة الكئيبة التي ارتسمت على وجه جون فتسلل شيء من الخوف إلى قلب جيمس و أردف و هو يبتلع ريقه بصعوبة :"هل تظن ان هناك شبحا في منزلك؟!" , ساد الصمت لبرهة ثم وضع جون رأسه بين يديه و قال بيأس : "لا اعرف .. لو كنت اعرف لما جئتك طلبا للمساعدة" , مرة أخرى ساد الصمت بين الرجلين حتى بدا ان سكوتهما سيستمر إلى ما لا نهاية , لكن في مساء ذلك اليوم كان جيمس جوهانسون يتوجه صوب منزل جون بيل ليمضي الليلة عنده على أمل ان يفهم ماذا يجري هناك , و قد كانت تلك الليلة بحق هي الأتعس في حياة جيمس جوهانسون على الإطلاق , فما ان حل الظلام حتى أخذت الأصوات الغريبة تتعالى من كل أرجاء المنزل ثم أحس جيمس بأن هناك شخص ما معه في الغرفة فبدء يرتجف رعبا و دفن رأسه تحت الوسادة حتى لا يرى ما يجري حوله لكنه شعر بيد غامضة تمتد بخفة لتسحب فراشه عنه و كاد قلبه يتوقف هلعا عندما تناهى إلى سمعه صوت خافت لامرأة تردد ترنيمة قديمة , بدا الصوت قريبا منه كأنه يهمس في أذنه مما جعله ينتفض مذعورا و أخذ يصرخ بهستيرية : "أحلفك بالله أيا كنت و كائنا ما كنت أن تتركنا بسلام" و ما ان أنهى جملته حتى توقفت جميع الأصوات و غرق المنزل في صمت مريح لم يعرفه منذ عدة أسابيع و استمر حتى صباح اليوم التالي حيث فر جيمس من المنزل على عجل و هو يتلفت حوله من الذعر.
في الأسابيع التالية بدا أن الأصوات في منزل جون أخذت تصبح أكثر وضوحا و قوة و تندمج معا لتتحول تدريجيا إلى صوت امرأة كانت لسبب مجهول تصب لعناتها باستمرار على جون بيل و تلاحقه من غرفة إلى أخرى متوعدة إياه بالموت و الثبور , و استمرت لسبب مجهول أيضا بملاحقة و إيذاء ببيتسي دونا عن جميع أشقائها و شقيقاتها , و في إحدى الليالي فقد جون صوابه و صرخ بيأس و غضب : "من تكونين أيها اللعينة و ماذا تريدين مني؟" و لشدة دهشته جاءه الرد سريعا : "أنا ساحرة بيل" أجابت المرأة الخفية ثم أردفت بنبرة تنم عن كراهية شديدة : "اسمي كات بيتس و سوف انتقم منك و أقتلك شر قتلة" ثم استمر الصوت يصب لعناته على المسكين جون بيل الذي أصابه الذهول و تسأل مع نفسه حول ما إذا كان الصوت هو حقا لكات بيتس ؟ هل هو شبحها و هل هي حقا ساحرة أم إن الصوت يعود لكائنات و مخلوقات شريرة أخرى ؟ أسئلة كثيرة دارت في رأس جون المسكين من دون أن يجد لها جوابا.
شيئا فشيئا انتشرت قصة منزل جون بيل و أصبحت على كل لسان و يقال ان الكثير من الناس زاروا المنزل و استمعوا بأنفسهم إلى صوت كات بيتس و تحدثوا معها و احد هؤلاء كان الجنرال اندرو جاكسون رئيس الولايات المتحدة المستقبلي , كما ان الصوت لم يكتف بلعن جون و تهديده و لكنه استمر أيضا بملاحقة ابنته بيتسي حتى أدى إلى فسخ خطبتها من الشاب الذي أحبته.
و في عام 1819 بدء جون بيل يعاني من آلام في حنجرته و نوبات سعال مستمرة و اخذ يواجه صعوبة في البلع و التنفس حتى أصابه الوهن و سقط طريح الفراش تلاحقه دوما لعنات و تهديدات كات بيتس بالموت الزؤام و استمرت حالته في التدهور حتى وجدوه في صبيحة احد أيام عام 1820 ميتا في فراشه و وجدوا على الطاولة بجانب سريره قارورة غريبة فيها سائل اسود اللون تفوح منها رائحة كريهة و عندما تفحصوا فم جون بيل وجدوا آثار نفس السائل على شفته و لسانه فأيقنوا بأنه شرب من تلك القارورة , و لمعرفة نوع السائل الذي تحتويه قام الابن الأكبر لجون بوضع عدة قطرات منها في فم قطة العائلة فسقطت ميتة في الحال و هنا دوت في أرجاء الغرفة صرخة مجنونة يشوب نبرتها شيء من الفرح و التشفي : "انا قتلته .. سقيته السم و قتلته .. لقد نلت من جون بيل العجوز أخيرا" كان صوت كات بيتس التي أخذت تضحك بهستيرية. و إلى يومنا هذا لم يعرف أي شخص ماذا احتوت القارورة التي شرب منها جون بيل فقد تخلص منها أولاده بسرعة بإلقائها في الموقد حيث احترقت بتوهج عجيب و انتشر منها دخان غريب زهري اللون.
و يبدو ان كات بيتس كانت مصممة على ملاحقة جون بيل المسكين حتى بعد موته فحين انزل تابوته إلى القبر سمع الجميع صوتها و ضحكتها المجنونة و راحت تغني بفرح و لم تتوقف عن ذلك حتى غادر أخر المعزين.
بعد موت جون بيل اختفت كات بيتس لفترة من الزمن ثم عادت في عام 1821 و أخبرت أرملته لوسي بأنها ستتركهم بسلام و لكنها ستعود لزيارتهم بعد سبع سنوات , و بالفعل ساد الهدوء في مزرعة جون بيل لسبع سنوات كاملة لم يقع خلالها أي حادث غريب , لكن في عام 1828 عادت كات بيتس لزيارة العائلة كما سبق ان أخبرتهم و قد أمضت معهم أسبوعين عاشت خلالها كفرد من العائلة و تحدثت معهم في أمور شتى , في احوال الدنيا و شؤون الحياة و تكلمت عن الماضي و الحاضر و المستقبل , و يقال أنها أخبرتهم بعدة نبوءات عن أحداث مستقبلية مثل حدوث الحرب الأهلية الأمريكية (1) , لكنها لم تبح أبدا بسر رغبتها المجنونة في قتل جون بيل و اكتفت بالقول بأنه كانت هناك حكمة في موته و إنها كانت أمرا حتميا و لابد منه , و قبل أن تغادر منزل جون بيل للمرة الأخيرة أخبرت عائلته بأن زيارتها القادمة ستكون بعد 107 أعوام , و يقال أنها عادت بالفعل عام 1935 و زارت احد أحفاد جون بيل و يدعى الدكتور جارلز بيل و الذي قام بتأليف كتاب بهذا الخصوص اسماه "ساحرة بيل".
رغم اختفائها منذ عام 1828 إلا ان الكثير من الناس يؤمنون بأن كات بيتس لم تغادر مزرعة جون بيل أبدا و أنها ظلت تتجول في أرجائها حيث زعم العديد من الناس أنهم لمحوا شبح امرأة غامضة أو سمعوا ترنيمة نسائية قديمة يرددها صوت مجهول , و من غرائب مزرعة جون بيل أيضا وجود كهف عجيب تحت أرضها يطلق عليه الأهالي اسم "كهف ساحرة بيل" و يعتقد ان الساحرة كانت تختبئ فيه و يحتوى الكهف على قبور قديمة للهنود الحمر الذين عاشوا في المنطقة قبل وصول البيض و يبدو ان هذه القبور تعرضت للنبش و سرقت عظامها قبل قرون , و يعتقد الخبراء ان الكهف يمتد لعدة كيلومترات تحت سطح الأرض لكن من المستحيل التوغل داخله لأنه يضيق و يتشعب تدريجيا.
صورة لمدخل كهف الساحرة الموجود تحت مزرعة جون بيل
في الختام ربما تسأل عزيزي القارئ هل هذه قصة حقيقية ؟ أنا شخصيا لا اعلم لكن هناك أناس يظنون أنها حدثت فعلا بشكل أو بأخر , فجون بيل هو شخصية حقيقية و مزرعته لازالت موجودة إلى اليوم و يزورها العديد من الناس و السياح لرؤية المنزل التي جرت الأحداث داخله و الكهف الذي يزعم البعض ان الساحرة كانت تختبئ أو تعيش فيه و هناك أيضا عشرات المواقع على الانترنت التي تتحدث عن القصة بالتفصيل , لكن في المقابل فأن اغلب الناس يؤمنون أن قصة ساحرة بيل هي مجرد أسطورة أو خرافة قديمة و هناك من يعتقد أنها ربما تكون قد بنيت على بعض الأحداث الحقيقية و لكن أضيفت إليها الكثير من الأكاذيب عبر السنين , و قد تم اقتباس القصة في السينما في عدة أفلام رعب أشهرها هو فيلم (Bell Witch Haunting) عام 2004 و فيلم (An American Haunting) عام 2006 و الفلم الأخير يفسر الإحداث الغريبة التي حدثت في المزرعة على ان سببها هو تحرش الأب جون بيل بابنته بيتسي جنسيا و طبعا هذه القصة لا تمت إلى الحقيقة بصلة و لا يوجد تاريخيا أي شيء يثبت حدوثها. في الختام تبقى مسألة تصديق القصة من عدمه متروكة إليك عزيزي القارئ و إذا أردت معرفة المزيد عنها فما عليك سوى كتابة عبارة (The Bell Witch) في أي محرك بحث.
ملاحظة : هناك روايتين لأحداث هذه القصة , الأولى هي التي كتبناها أنفا و هي الأكثر شيوعا , إما الثانية فلا ذكر فيها لكات بيتس و إنما تزعم أن المشاكل بدئت بعد قتل جون بيل للحيوان او المسخ الغريب الشكل في مزرعته , و هي بذلك تتشابه مع قصص الجن الموجودة في التراث العربي , حيث يقوم شخص ما بقتل أفعى أو حيوان ما ثم يتضح بأنه جني و يتم الانتقام من قاتله البشري.
1 – الحرب الأهلية الأمريكية (American Civil War) : حرب وقعت بين عامي 1861 – 1865 بين الحكومة الاتحادية في الشمال برئاسة أبراهام لينكون و بين احد عشر ولاية جنوبية طالبت بالانفصال عن الولايات المتحدة الأمريكية و كان الجنوبيون تحت قيادة جيفرسون ديفيس , و قد لعبت مسألة العبودية دورا رئيسيا في نشوب هذه الحرب فالرئيس لينكون و الحكومة الاتحادية كانوا ضد العبودية و أرادوا إلغائها اما الولايات الجنوبية و هي ولايات زراعية تعتمد بصورة كبيرة على العبيد في إنتاجها و اقتصادها فكانت متمسكة بالإبقاء على العبودية , و قد انتهت الحرب باستسلام الجنوب و إلغاء العبودية قانونيا (عمليا استلزم القضاء على التمييز ضد السود في أمريكا قرن أخر من الزمان). و بما أن الأفلام الأمريكية هي الأكثر رواجا في العالم لذلك اعتقد ان اغلبنا قد سمع بمصطلح الحرب الأهلية الأمريكية و ربما تابعنا مشاهد سينمائية عن معارك الشماليين و الجنوبيين من دون ان نعرف الفرق بينهما , لذلك كمعلومة بسيطة و مفيدة عزيزي القارئ يجب ان تعلم ان الشماليين كانوا يمثلون الحكومة الاتحادية و عاصمتها واشنطن في الشمال و هم الذين انتصروا في الحرب و حافظوا على الولايات المتحدة كما نعرفها اليوم أما الجنوبيين فهم الولايات الجنوبية المطالبة بالانفصال و قد خسروا الحرب.

الخميس، 24 أبريل 2014

9 خرافات عن النحس

"لا تفعل ذلك .. إنه أمر سيء " .. عبارة طالما شنفت أسماعنا منذ نعومة أظفارنا ونحن نهم بالقيام ببعض الأمور , عادة ما يطلقها كبار السن من الأهل والأقارب وهم يلوحون بأصابعهم محذرين . وتنضوي تحت هذه العبارة مجموعة من النواهي والمكروهات التي يجب على الإنسان أن يبتعد عنها ويتجنبها لئلا تعود عليه بالبؤس والنحس والبلاء . والناس منقسمون في آرائهم حول هذه المحذورات , فهناك من يضحك منها ويستهزأ بها , وهناك أيضا من يؤمن بها إلى درجة تؤرق خياله وتنغص عليه حياته .
أذكر شخصيا بأني في فترة ما من حياتي كنت أحرص أشد الحرص على أن تكون أول خطواتي عندما أغادر المنزل بالقدم اليمنى , وأن أفتح الباب وأغلقه باليد اليمنى مع أني أعسر , وقد تحول ذلك إلى هاجس رافقني لفترة طويلة .. إنه وسواس .. وهو لا يعتمد دوما على الموروث الشعبي , بل قد يبتكر الناس أحيانا أشكالا وأنماطا خاصة بهم من هذه الوساوس , كأن يعتقد شخص ما بأن ارتداءه لقميص معين يجلب له الحظ وأن رؤيته لشخص بذاته في الصباح يجلب له النحس .
وعموما فأن الذاكرة البشرية تختزن كما كبيرا ومتنوعا من هذه المحاذير التي يخشاها ويتجنبها الناس , ونحن في مقالنا هذا سنتطرق إلى أكثرها شهرة في عالمنا العربي .

العين الشريرة

يؤمن الناس بالحسد .. ويحاولون درءه بكل وسيلة ..
الحسد بحسب المعجم هو تمني زوال النعمة عن الآخرين . بمعنى آخر هو قدرة العين على إلحاق الأذى بالآخرين , ولهذا تسمى العين الحاسدة بالعين الشريرة . والاعتقاد بالحسد متأصل في منطقتنا العربية , جذوره ضاربة في القدم , ففي مصر الفرعونية اشتهرت عين حورس بأنها تدرأ الحسد , وفي سومر كانوا يعلقون التمائم على أبواب البيوت للغرض ذاته . وكانت العرب في الجاهلية تتطير من العين , خصوصا الملونة منها . والحسد مذكور في القرآن الكريم .
ولدرء الحسد قد يقدم الناس على أمور عجيبة , كأن يطلق بعضهم على أولاده أسماء قبيحة , فترى أحدهم يسمي أبنه "زبالة" ! .. وذلك لكي لا تناله عيون الحاسدين , وهناك من يلبس ولده الصغير ملابس البنات ويطيل شعره , خصوصا عندما يكون الولد جميلا , أو يهمل نظافته حتى ليظن من يراه بأنه متشرد .. كل ذلك من أجل إبعاد العين الشريرة عنه . وقد يمنعون المرأة العاقر من دخول منازلهم , لئلا تحسد أطفالهم ولو عن غير قصد منها  .. هذه الأمور وغيرها لم تكن غريبة عن مجتمعاتنا في الماضي , خصوصا فيما يتعلق بالأطفال , كونهم كانوا يموتون بكثرة لعدم توفر الدواء والطبيب , وكان هناك اعتقاد راسخ بأن مرض الطفل وموته سببه العين الحاسدة . وحتى في أيامنا هذا فليس من الغريب بأن تسمع أما تردد بغضب وهي تحمل طفلها المريض قائلة : " لقد حسدوه .. بالأمس لم يكن به شيء!" .
تلطيخ الحائط بدم الأضحية لدرء الحسد وابعاد الجن ..
وهناك أمور أخرى قد يقوم بها الناس لحماية أنفسهم من الحسد , كالرقية وتعليق التمائم ولبس الحجب , وتعليق حذاء قديم بالسيارة الجديدة , وتلطيخ جدار البيت الجديد بدم الأضحية . ولعل الخمسة التي تكون على شكل يد في وسطها عين زرقاء مفتوحة هي الأشهر , تعلق على البيوت والسيارات وقد تلبس كقلادة , ومنها جاء القول المأثور : "خمسة وخميسة" . والبخور والحرمل وسيلة أخرى تستعمل لرد العين الحاسدة , حيث دأبت بعض ربات البيوت على تبخير منازلهن لحماية أحبابهن وهن يرددن : "عين الحسود فيها عود" .
لعلماء الدين آراء متباينة فيما يختص بالعين الشريرة , يرى بعضهم أن فهم وأدارك الناس لمسألة الحسد يشوبها الكثير من الخطأ , فعين البشر ليس بإمكانها أن تؤذي الآخرين بمعزل عن إرادة الخالق , ذلك أن الله هو الذي يقدر ويجري الأمور , وعليه فالمقصود بالنهي عن الحسد والتحذير منه هو أن يترفع الإنسان عن الأفكار السيئة والشريرة , وأن لا يضمر لأخيه سوى الخير والمحبة , إذ لا يليق بالإنسان المؤمن الصالح أن يضمر الشر في قلبه .
الجدير بالذكر هو أن الحسد ليس كله مذموم , فهناك نوع منه محمود , وهو الغبطة , ويعني التطلع إلى النعم التي بيد الغير من دون تمني زوالها عنهم , كأن تطمح لأن تصبح ثريا مثل جارك , فأنت تغبطه على ثرائه لكنك لا تحسده ولا تتمنى أن يفتقر , أو تتمنى أن تصبح طبيبا مثل أخيك من باب الإقتداء والإعجاب . وهناك من يرى بأنه لولا الحسد الذي يولد المنافسة لما وصلت البشرية إلى ما وصلت إليه من تطور ورقي .

القط الأسود

القط الاسود .. لماذا يحدق إليك ؟ ..
القطط حيوانات أليفة محبوبة عموما , لكنها في نفس الوقت غامضة , وأحيانا مخيفة , خصوصا حين نلمح قطا أسود يجلس بصمت على قارعة الطريق وهو يطيل التحديق إلينا .. إنه أمر يثير الرعب في قلوب أولئك الذين يؤمنون بأن القط الأسود  ليس مجرد حيوان جميل وبريء , وإنما هو وسيلة تمويه وتنكر تستخدمها كائنات ما وراء الطبيعة كالجن والشياطين والعفاريت للدخول إلى عالم البشر والتلاعب بهم .
المعتقدات حول القط الأسود قديمة ومنتشرة في جميع أصقاع الأرض . في الفلكلور الغربي كان هناك ربط دائم بين القط الأسود والسحر , فكانوا يعتقدون بأن القطط السوداء هي خدم الساحرات . وكانوا يؤمنون بأن مرور القط الأسود قاطعا الطريق على إنسان هو نذير شؤم , وقد يكون إشارة لموته القريب . أما في الشرق فقد آمن بعض الناس بأن القط الأسود هو تجسيد الجن , وإن الجن يظهر في هيئة قط أسود ليقترب من البشر ويتلبسهم . ويرى آخرون بأن أجساد القطط السوداء هي مأوى العفاريت تسكن إليها بعد حلول الظلام . 
وفي السحر ذكروا خواصا عجيبة للقطط السوداء , فقالوا بأن أكل لحومها يدرأ السحر , ذكر ذلك الجاحظ في حيوانه حيث يقول : "والعامة تزعم أن من أكل السنور الأسود لم يعملْ فيه السحر" . وذهب إلى مثل ذلك الدميري في كتابه الحيوان حيث يقول : "السنور الأهلي، من أكل لحم الأسود منه، لم يعمل فيه السحر . وقال القزويني: مرارة الأسود، ومرارة الدجاجة السوداء، إذا جففتا وسحقتا، واكتحل بهما مع الكحل ظهر له الجن، وخدموه. قال : وهو مجرب " .

الغراب

طير الساحرات المدلل ..
هو الأكثر ذكاءا بين الطيور قاطبة , لكن ذلك لم يشفع له لدى البشر , فالكثير منهم ينظر إليه بعين الريبة ويتشاءم منه .. ربما لقبح صوته وهيئته , ولمكره ودهائه , ولكونه من الحيوانات القمامة التي تعتاش على الجيف وأجساد الموتى . هذا النفور من الغربان يعود لعصور سحيقة , ففي انجلترا وايرلندا كانوا يعتبرون الغراب تجسيدا لآلهة الحرب ونذيرا للموت . أما في السويد فكانوا يعتقدون بأن الغربان هي أرواح الناس الذي ماتوا قتلى , وفي الدنمارك اعتبروها أرواحا شريرة تم طردها من الأجساد الممسوسة . أما العرب فرأوا في الغراب تجسيدا كاملا للشؤم والنكد , وعن ذلك يحدثنا الجاحظ في كتابه الحيوان قائلا :
"ومن أجل تشاؤمهم بالغراب اشتقُّوا من اسمه الغربة، والاغتراب، والغريب. وليس في الأرض بارح ولا نطيح، ولا قَعيد، ولا أَعضب ولا شيءٌ مما يتشاءمون به إلا والغراب عندهم أنكد منه " .
كان الفيلم الأخير في حياته .. مات بصورة غامضة مثل والده ..
ولأنه تجسيد للشر والشؤم فلا عجب أن يكون الغراب حاضرا في الكثير من أفلام الرعب , حيث نراه يرافق الساحرات الشريرات ويعيش في الأماكن المهجورة والبيوت المسكونة , وقد يهاجم البشر بوحشية كما فعل في فيلم الطيور للمخرج العالمي الفريد هتشكوك عام 1963 , أو قد يعيدهم إلى الحياة من القبر , كما في فيلم الغراب الشهير عام 1994 , الذي يعتبره البعض دلالة على شؤم الغراب , إذ شهد وقوع واحدة من أغرب الحوادث في تاريخ السينما , فخلال تصوير أحد المشاهد كان مقررا أن يقوم الممثل مايكل ماسي بإطلاق النار على الممثل براندون لي ليرديه قتيلا , وكان المسدس الذي سيطلق النار حقيقيا لكن تم أفراغ رصاصاته من البارود , غير أن الطاقم المسئول عن الأسلحة نسي على ما يبدو إفراغ إحدى الرصاصات فانطلقت أثناء تمثيل المشهد لتستقر في أحشاء براندون وترديه قتيلا . وهناك من يعتقد بأن الحادثة كانت مدبرة لإنهاء حياة الممثل الشاب كما حدث مع أبوه نجم الفنون القتالية بروس لي .

سكب الماء الساخن في الحمام

هل يفضل الجن حقا السكن في الحمامات ..
هناك اعتقاد لدى الناس بأن الحمام هو مسكن الجن , ذلك أنه المكان الوحيد في المنزل الذي لا يكون مسكونا من أهل البيت , فلا يطيل الناس المكوث فيه ولا يتخذونه مجلسا أو مخدعا لنومهم , وهو المكان الوحيد الذي لا تقام فيه صلاة ولا يذكر فيه أسم الله , والمكان الوحيد الذي يمكث الناس فيه عراة ربي كما خلقتني من دون خجل واستحياء ... لا عجب بعد هذا كله أن يتخذه الجن مسكنا ومنزلا له ! .. ولهذا يجب الحرص أشد الحرص عند التعامل مع الحمام لكي لا يتعرض ساكنوه الغير مرئيون للأذى من دون قصد , فسكب الماء الساخن في الحمام ليلا قد يصيب الجن الساكن فيه , أو قد يقتل أحد أطفاله , خصوصا إذا نسي الساكب أن يسمي بالرحمن ويتعوذ من الشيطان , مما يدفع الجني للانتقام من البشري بشتى الوسائل وقد يتلبسه .
طبعا هناك من يضحك ملئ شدقيه من هذه الخرافة , وهناك أيضا من لديه اعتقاد راسخ بحقيقتها , وللناس قصصا كثيرة يتداولها عن المس بسبب سكب الماء الساخن في الحمام .

المقص المفتوح

المقص المفتوح .. شؤم ..
تركه مفتوحا يجلب النكد , هذه خرافة يصدقها البعض . ليس هذا فحسب , لكن فتحه وإغلاقه من دون داعي , أي من دون أن يكون هناك شيء يقصه , هو أمر سيء أيضا وقد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه من المصائب والويلات . وعلى العكس من هذه الخرافة هناك من يؤمن بأن المقص يمكن أن يوفر الحماية , خصوصا إذا وضع تحت الوسادة أثناء النوم فأنه يمنع الكوابيس .
من غير المعلوم كيف نشأت هذه الخرافات المتعلقة بالمقص , ربما لأن المقص أداة جارحة , وتركه مفتوحا أو اللعب به من قبل الأطفال قد يؤدي إلى حوادث خطيرة . وللعلم هذه الخرافات لا تتعلق بالشرق فقط , ففي الغرب لديهم خرافاتهم الخاصة بالمقص , إذ يعتقدون بأن كسر نصلي المقص هو أمر في غاية السوء ونذير الكوارث , وبأن استعمال المقص في اليوم الأول من السنة الجديدة يجلب الحظ السيئ طوال العام , وأن تعليق المقص مفتوحا فوق عتبة الدار سيدرأ عنها السحرة والشياطين . ولديهم أيضا اعتقاد في أن المقص يجب أن لا يقدم أبدا كهدية لأن ذلك سيؤدي إلى خراب العلاقة مع الشخص المُهدى إليه .

النعل المقلوب

النعل المقلوب .. مكروه ..
من الشائع لدى الكثير من الناس عدم ترك الحذاء أو النعل مقلوبا , أي كعبه نحو الأعلى . شخصيا فأن عبارة "اقلب النعال من فضلك" مرت على مسمعي كثيرا في منزلي , وكم هي كثيرة الأحذية والنعل التي قلبتها في طفولتي ! .. لكني بصراحة لم افهم حينها لماذا يجب أن أقوم بقلب الحذاء أو النعل معيدا إياه إلى وضعيته الصحيحة .. هل للأمر علاقة بالتشاؤم ؟ ..
البعض ينفون أن تكون لهذه الخرافة علاقة بالشؤم والطيرة , لكنهم يزعمون بأن ترك الحذاء مقلوبا , أي طرفه المتسخ والقذر يكون نحو السماء , فيه ما فيه من إهانة للذات الإلهية , ويقال بأن الملائكة لا تدخل البيت إذا كان فيه نعل مقلوب . طبعا هذه خرافة لا أصل ولا سند لها دينيا , لكنها رائجة بين الناس وقد يتشدد البعض فيها . وهناك أيضا من يزعم بأن أصل الخرافة له علاقة باللياقة وآداب السلوك , لأن كعب الحذاء أو النعال عادة ما يكون متسخا , لهذا فأن منظره مقلوبا يكون غير مستحب .

اختلاج العين وطنين الإذن

اختلاج العين قد يكون شرا ..
رفة العين واختلاجها قد تكون نذيرا سيئا أو طيبا , بحسب العين التي رفت , فإذا كانت اليسرى فذلك شؤم , أما لو كانت اليمنى فبشارة وتوقع ورود أخبار سارة .
من الصعب أيجاد تفسير منطقي لهذه الخرافة , ربما تكون متعلقة باليسار واليمين , إذ دأب الناس منذ القدم على التفاؤل بالجهة اليمنى والتشاؤم من اليسرى , وكان العرب قديما يتطيرون من الرجل الأعسر . أما علميا فلا علاقة لرفة العين بشؤم أو سعد , فهي ليست سوى اختلاجات لا إرادية سببها أما التهابات في العين أو قلة نوم وتعب .
وهناك خرافة مشابهة عن طنين الأذن , فقالوا بأن طنين الأذن اليمنى معناها بأن هناك من يمدحك ويثني عليك , أما طنين اليسرى فمعناها أن هناك من يغتابك وينال منك . وبعيدا عن الخرافة فأن طنين الأذن طبيا ربما كان دليلا على التهابات الأذن أو ارتفاع ضغط الدم وكذلك التعرض الطويل للضوضاء .

قص الأظافر بالليل

لا تقص أظافرك ليلا ! ..
لو صادف وأردت قص أظافرك ليلا فلا تتعجب إذا ما سمعت أحدهم يخبرك بأن ذلك مكروه , ومثل بقية الخرافات التي أتينا على ذكرها فمن غير المعلوم ما وجه الكراهة في قص الأظافر ليلا . البعض يحاول ربط الأمر بالموروث الديني , مع أنه لا يوجد سند أو دليل يشير إلى النهي عن قص الأظافر بالليل . وهناك أيضا من يربط الأمر بالسحر , فالمعروف أن الساحر يحتاج إلى جزء من جسد ضحيته لإجراء السحر , وهذا الجزء عادة ما يكون خصلة شعر أو قلامة أظفر , ولهذا السبب يجري التحذير من إلقاء قلامات الأظافر في سلة القمامة , ويفضل دفنها , لئلا يستولي عليها أحدهم ويستخدمها في عمل السحر المؤذي , خصوصا إذا ما علمنا بأن السحرة ينشطون ويعلمون في الليل تحت جنح الظلام .

الرقم 13

الخرافة الاكثر شؤما ..
لعلها الخرافة الأشهر على مستوى العالم , فالكثير من الناس غربا وشرقا لا يرتاحون لهذا الرقم , لا يرغبون أبدا أن يحملوا الرقم 13 أو أن يسكنوا في منزل أو شقة تحمل هذا الرقم . ولقد تحول هذا الخوف في بعض المجتمعات إلى نوع من الفوبيا التي يحرص الجميع على مراعاتها حتى ولو لم يؤمنوا بها , خصوصا في الغرب حيث نشئت الخرافة أصلا , فلا تستغرب عزيزي القارئ إذا ما دخلت عمارة يوما وصعدت المصعد ولم تجد الرقم 13 ضمن أرقام الطوابق , ففي بعض المدن يقومون بتغيير ترقيم الطابق الثالث عشر إلى (12 A ) .. أو قد يلغونه تماما , فترى الرقم 14 يأتي مباشرة بعد 12 , ذلك أن لا أحد يود بالسكن أو العمل في طابق يحمل الرقم 13 . ومن شدة تشاؤمهم بهذا اليوم يتجنبون الزواج فيه , ويتشاءمون بصورة خاصة إذا ما صادف يوم 13 من الشهر يوم جمعة .
بالتأكيد ليس كل الناس يؤمنون بهذه الخرافة , معظمهم يضحك منها ويعتبرها لا تليق إلا بالمغفلين , لكنها بصراحة ما زالت تلقى رواجا كبيرا , أحيانا حتى أولئك الذين لا يؤمنون بها يتجنبونها , فلا أحد يريد تجريب القدر .
لا تستغرب اذا لم تعثر على الرقم 13 بين ازرار المصعد ..
ويختلف المؤرخون والباحثون في أصل هذه الخرافة . أحد الآراء الراجحة تعزوها إلى العشاء الأخير للسيد المسيح , إذ كان عدد الجلوس حول المائدة 13 , السيد المسيح وحواريه الاثنا عشر, واحد هؤلاء الحواريين (يهوذا) كان هو الخائن الذي سلم السيد المسيح للكهنة مقابل دارهم معدودة , ولهذا يتشاءم الناس من هذا الرقم .
هناك أيضا من يعتقد بأن واقعة مقتل هابيل على يد شقيقه قابيل صادفت يوم 13 بالشهر .
ولدى القبائل الاسكندينافية القديمة أسطورة عن اجتماع حضره أثنا عشر إلها من آلهتهم ولم يدعى إليه الإله الثالث عشر لوكي , فعاد هذا الإله المشاكس الذي شاهدناه في فيلم ثور – 2011 – وانتقم بقتل أحد الآلهة الحضور .
ويقال بأن عدد درجات سلم المشنقة هي 13 .
وفي التقويم الفارسي القديم كان اليوم الثالث عشر من السنة الجديدة يعتبر يوم نحس , ومازال الإيرانيون حتى يومنا هذا يقضون اليوم الثالث عشر من السنة الجديدة (نيروز) والذي يطلقون عليه اسم "سيزده بدر" محتفلين في الحدائق والساحات العامة لاعتقادهم بأن البقاء في البيت في هذا اليوم يجلب النحس .
خرافة الرقم 13 لا أصل لها في الثقافة العربية , لكنها راجت بين الناس خلال القرن العشرين نتيجة الاحتكاك بالغرب .

ختاما ..

هناك الكثير من الخرافات في هذا العالم , بعضها خفيف الدم , نقابله بضحكة وابتسامة , وبعضها ثقيل سمج قد يؤثر في حياتنا وينغص علينا عيشنا . ولو أردنا إحصاء جميع الخرافات في عالمنا العربي لاحتجنا إلى تأليف كتاب , ذلك أن كل مدينة وإقليم ودولة لها منظومتها الخاصة من الخرافات والمعتقدات الشعبية , لهذا آثرنا الكتابة عن الخرافات الأكثر شهرة والمعروفة للجميع , متمنين على القارئ الكريم أن يشاركنا بذكر الخرافات الرائجة في مدينته وبلده من اجل أغناء الموضوع أكثر .

الثلاثاء، 22 أبريل 2014

أنفاق الموت في باريس .. ماذا تعرف عنها ؟

قد لا يختلف اثنان في أن باريس مدينة رائعة الجمال .. لكن ما لا يعلمه اغلب الناس، هو أن تحت هذه المدينة الكبيرة التي طبقت شهرتها الآفاق، وأسفل صروحها العظيمة كبرج أيفل واللوفر وبوابة النصر الشهيرة، توجد متاهة عظيمة من الإنفاق المظلمة التي حفرتها سواعد آلاف العمال الكادحين عبر القرون حتى توسعت لتصبح عالما آخر لا يمت بصلة لباريس النور والجمال .. عالم سري مخيف تحرسه ملايين الجماجم وتعطر أجواءه رائحة  الموت الثقيلة .. تعال معنا عزيزي القارئ في رحلة قصيرة لنتعرف على سراديب الموت الباريسية.
أهلا بكم في "أمبراطورية الموت" .. رحلة ممتعة!
ربما تكون الصورة المطبوعة في ذهن اغلب الناس عن باريس تتمثل بالشوارع الصاخبة التي تتناثر المقاهي على جنباتها والقصور التاريخية ذات الحدائق الغناء والمتاحف والمسارح والمعارض الفنية وضفاف السين الجميلة .. الخ، ولا شك في أن باريس تزخر بالكثير من هذه الأمور، فهي مدينة عريقة تواجد البشر فيها منذ أقدم العصور، وعثر المنقبون فيها على آثار يعود تاريخها إلى 6000 عام. لكن الوجه الخفي من باريس والذي يكاد معظم الناس لا يعلمون عنه شيئا، هو أنفاقها وسراديبها القديمة، فأسفل العاصمة الفرنسية هناك 280 كيلومترا من الإنفاق والدهاليز والردهات والممرات المظلمة التي تشكلت خلال قرون مديدة من الحفر والتنقيب لاستخراج الجبس وصخور الحجر الجيري التي استخدمت في بناء المدينة نفسها.
في باريس القديمة، والتي كانت تدعى "لوتيتيا" في زمن الرومان، كانت الصخور تقتلع من مناجم مفتوحة فوق سطح الأرض لكي تستعمل في تشييد المسارح والحمامات والمسابح وغيرها من المرافق والصروح الرومانية.
ضجت المقابر بجثث الموتى
وبعد رحيل الرومان وغلبت قبائل الفرانك على بلاد الغال أو ما يسمى اليوم بفرنسا، أتخذ الملك كلوفيس الأول باريس عاصمة لمملكته عام 508 ميلادية، ومنذ ذلك الحين بدئت المدينة الصغيرة تزدهر وتتوسع حتى زحفت أحيائها السكنية لتغطي مقالع الحجارة الغنية بالصخور، وهو ما جعل عملية الحفر المفتوح مستحيلا، مما اضطر عمال المناجم إلى الانتقال للحفر تحت سطح الأرض. وحين توج الملك فيليب الثاني ملكا على فرنسا عام 1180 ميلادية، تصاعدت وتيرة الحفر بتشجيع منه وذلك لحاجته الماسة للأحجار ومواد البناء الأخرى من أجل تشييد سور كبير يحمي المدينة من هجمات الأعداء، وهكذا ظهرت أول شبكة للأنفاق الباريسية ثم توسعت باستمرار عبر القرون حتى امتدت تحت اغلب أجزاء العاصمة.
في القرن الثامن عشر شكلت الأنفاق والسراديب العميقة تحت باريس خطرا متزايدا على مباني وقصور المدينة، فأغلب هذه الأنفاق كانت مهجورة ولم يكن معلوما على وجه الدقة إلى أين تمتد وأين تنتهي، وهذا الأمر قاد في النهاية إلى تخسفات مهولة في أجزاء عديدة من باريس مما أدى إلى تدمير أحياء سكنية برمتها، وصار الناس مرعبون من أنفاق الموت المختبئة تحت منازلهم، ولهذا صدرت عام 1777 إرادة ملكية بوقف العمل في الأنفاق وإغلاق وردم أجزاء كبيرة منها.
لكن باريس القرن الثامن عشر لم تكن تعاني من الانهيارات فقط، بل كانت مشاكلها متنوعة ومتعددة، وهذا هو ما قاد في النهاية إلى تفجر الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789. وإحدى مشاكل باريس الكبرى آنذاك كانت جثث وهياكل الموتى!. فباريس كما ذكرنا سابقا هي مدينة قديمة، ولمئات السنين كان سكانها يدفنون موتاهم في مقابر متفرقة حول المدينة حتى ضاقت تلك المقابر بموتاها، فتقرر حل المشكلة في القرن الثاني عشر الميلادي عن طريق افتتاح مقبرة مركزية جديدة أسمها مقبرة القديسين الأبرياء (Saints Innocents Cemetery ) ليدفن فيها الباريسيون جثث موتاهم. لكن بمرور الزمن تحولت المقبرة الجديدة إلى مشكلة بحد ذاتها، فالدفن فيها كان يتم بطريقة عشوائية غير منظمة، خصوصا بالنسبة للفقراء، حيث كانت جثثهم تكدس فوق بعضها وغالبا ما تدفن من دون كفن، وكان القساوسة يقومون بإفراغ القبور القديمة بين الحين والآخر وينقلون هياكل الموتى داخلها إلى مقابر جماعية عند أطراف المقبرة، وبهذا كانوا يفسحون المجال للمزيد من جثث الموتى الجدد.
في الحقيقة كانت مقبرة القديسين الأبرياء أشبه بمقابر تراكمت فوق بعضها حتى وصل ارتفاعها إلى أكثر من عشرة أقدام، كانت أرضها متخمة بالجثث ولم يكن هناك متسع لموتى جدد، لكن مع هذا استمر المسئولون عنها في تكديس المزيد والمزيد .. وبالطبع فأن هذه الجثث المكدسة والمضغوطة داخل مساحات صغيرة أصبحت بالتدريج مصدر إزعاج كبير للسكان، فسوق المدينة المركزي كان يقع بالقرب من المقبرة، ورائحة التعفن والتفسخ المنبعثة عن الجثث كانت لا تطاق، وقد امتدت هذه الروائح الكريهة إلى مياه الشرب المستخرجة من الآبار فلوثتها، ثم وقعت الطامة الكبرى حين تهدمت بعض الأجزاء من جدران المقبرة نتيجة الضغط المتراكم فوقها فقذفت بالجثث المتفسخة والنتنة إلى الشوارع مما أدى إلى تفشي الأمراض والأوبئة.
منظر جميل بالتأكيد!
أصبحت مقبرة القديسين الأبرياء تشكل مصدر إزعاج كبير في قلب باريس، لذلك أخذت السلطات تبحث عن حل لهذه المشكلة المتفاقمة، وقد خطرت لأحد ضباط الشرطة فكرة جيدة عام 1777، كان هذا الضابط يدعى أليكساندر لينور، وقد أقترح نقل جميع الجثث والهياكل العظمية الموجودة في مقبرة القديسين الأبرياء إلى بعض الأجزاء من شبكة الأنفاق الباريسية. وفي عام 1785 وافقت الحكومة على خطته فتقرر نقل المقبرة بأكملها إلى مجموعة من الأنفاق تقع إلى الجنوب من باريس.
نقل الموتى من المقبرة إلى الأنفاق لم تكن مهمة سهلة، فنحن هنا نتحدث عن جثث وبقايا أكثر من ثلاثين جيلا من سكان باريس، أو ما يقارب الستة ملايين من الموتى المكدسين فوق بعضهم. لهذا فأن عملية النقل كانت شاقة استمرت لعدة سنوات.
كانت القبور تنبش أثناء الليل ثم تنقل الهياكل العظمية في عربات سوداء ضخمة إلى الأنفاق لتكدس هناك دونما عناية أو ترتيب، لكن في عام 1810 قام مهندس يدعى لويس دي توري بالأشراف على عملية ترتيب هذه العظام والجماجم إلى شكلها الحالي الذي يراه السياح عند زيارتهم لسرداب الموتى في باريس (Catacombs of Paris ).
إذا سافرت يوما إلى باريس .. عزيزي القارئ، وإذا كنت من صنف نادر من الناس في عالمنا العربي نطلق عليهم للأسف لقب "المعقدين"، أولئك الذين يتركون مباهج الحياة ويقضون عطلاتهم وسفراتهم في التجوال داخل المتاحف والمناطق الأثرية والتاريخية .. إذا كنت من هذا النوع و"العياذ بالله" – لأن أحدا لن يقبل بالسفر معك - ، وإذا كنت لا تعاني رهاب الأماكن الضيقة والمغلقة، فأنصحك بزيارة سراديب الموتى على العنوان التالي :
1, avenue of colonel Henri Rol-Tanguy, 75014 Paris
حساء الموتى! ..لا تجفل فيوما ما ستصبح جزءا منه
وبعد قطعك للتذكرة ستهبط سلما طويلا يتألف من 83 درجة (20 مترا) سيوصلك إلى رواق معتم يسوده صمت ثقيل لا يقطعه سوى صوت المياه المترقرقة داخل مجرى مائي خفي عن الأعين، الرواق الطويل سيوصلك إلى مدخل سرداب الموتى حيث ستستقبلك صخرة كتب عليها بالفرنسية : "قف ، هذه إمبراطورية الموت"!، وما أن تعبر هذا المدخل حتى تتيقن بأنك قد دخلت فعلا إمبراطورية الموت .. مملكة هاديس السفلية المظلمة .. حيث العظام والجماجم تحيط بك من كل جانب، وحيث ترمقك محاجر العيون الفارغة لأناس ماتوا قبل مئات السنين بنظرات جوفاء تلسع برودتها جلدك وقد يخفق لها قلبك – رعبا بالطبع - .. أذا وصلت إلى هناك عزيزي القارئ فدع عنك الخوف وتجول ومتع ناظريك بالديكورات الجميلة المصنوعة من العظام والجماجم! – وأرجوا أن لا تلعنني في نهاية الزيارة – وتذكر بأن كل واحد من هؤلاء الموتى القابعين في هذه السراديب، كان يوما ما أنسانا مشى على أديم الأرض وكانت له حياته وعائلته وأمنياته وأفراحه وأحزانه .. الخ، رجال أغنياء وفقراء ساوى بينهم الموت، نساء حسناوات كن يوما ما محط الأنظار ومهوى الأفئدة .. أناس كانوا مثلي ومثلك وانتهى بهم المطاف كقطعة ديكور في مقبرة جماعية! .. أنها سخرية الأقدار .. لكن هل نعلم أنا وأنت إلى أين ستنتهي جماجمنا بعد مئات السنين ؟.
سراديب موتى باريس تمتد لـ 1.7 كيلومتر، وهناك بوابات قديمة صدئة تخفي وراءها أقساما أخرى غير مسموح للسياح بالتجول داخلها.
وفي الختام، ولأن موقعنا أسمه كــابـوس - أجارنا الله وإياكم من الكوابيس – لذا نرى لزاما علينا إضافة بعض الفلفل والبهارات للمقالة! فهناك قصص عديدة حول وجود الأشباح في هذه السراديب والأنفاق المظلمة حتى أن عشاق قصص الأشباح صنفوا المكان ضمن أشهر عشرة أماكن مسكونة حول العالم.
العديد من الزوار قالوا بأنهم أحسوا بنسمة هواء باردة تلامس أجسادهم، وبعضهم شعروا بأن شخص ما يمشي خلفهم ويلاحقهم، وبعضهم سمع أصوات خفية تهمس في آذانهم، ولا عجب عزيزي القارئ في ذلك، فإضافة إلى ملايين الهياكل العظمية المكدسة في هذه السراديب، هناك أيضا أمور فضيعة حدثت داخلها، ففي عام 1871 قام عدد من اليساريين الفرنسيين بقتل مجموعة من أنصار النظام الملكي داخل أحد هذه السراديب، كما إن المقاومة الفرنسية والجنود النازيين خاضوا جولات من القتال والمطاردات الدموية داخل هذه الأنفاق خلال احتلال الألمان لباريس في الحرب العالمية الثانية.

الأحد، 20 أبريل 2014

ليلة لا تنسى في بيت جدتي






كما تعلمون جميعا الكثير من الأشياء تحدث في عالمنا لا نجد لها تفسيرا منطقيا كهذه القصة التي حدثت معي و التي جعلتني أؤمن بوجود أشياء تتخطي التفكير البشري ...
قصتي حدثت قبل 8 سنين , كان اليوم سبت , وكنت وقتها لا اذهب إلي بيت جدتي فقط في الجمعة , لكن ذلك اليوم ألح علي ابن خالتي للمبيت عندهم لأنه ولد وحيد و يفرح بمجيئي كثيرا , فاستأذنت من أبي فوافق بشرط أن أبيت في بيت جدتي لان بيت خالتي ضيق و لديها بنات , علما إن بيت جدتي يتكون من طابقين , الأعلى يسكن فيه خالي و زوجته و ثلاثة من أولاده , وكان خالي وقتها مسافر هو وعائلته , ولم يكن في البيت سواي أنا وجدتي , فجدي متوفي منذ حوالي 20 سنة رحمه الله .
في تلك الليلة , بعد الساعة الثانية بعد منتصف الليل , أيقظتني جدتي بهدوء وعلي وجهها علامات رعب لانها سمعت أصوات جري في الطابق الثاني الذي يسكن فيه خالي .. لكن مهلا! .. خالي مسافر منذ يومين , ولا يوجد أحد فوق , ربما يكون لص , لهذا اتصلت بابي لكنه لم يرد , واتصلت  بخالتي ولم ترد أيضا . فتشجعت و أخذت مصباحا وحاولت أن أخيف السارق بإصدار ضجيج , فطرقت على الباب بكل قوتي لعله يخاف و يذهب من حيث أتى .
وكان خالي قبل سفره قد وضع مفتاح احتياطي فوق الباب في مكان يصعب إيجاده تحسبا لأي طارئ , لكني خفت الدخول لوحدي , وعوضا عن ذلك اتصلت بخالي وأخبرته ما حصل , فطلب أن نذهب إلى بيت خالتي ونبقى هناك حتى يأتي صديق له لمساعدتنا , وحين وصل ذلك الصديق اتصل خالي بي وقال لي افتح له الباب ليدخل بسيارته ففعلت ذلك وذهبت معه , وعندما وصلنا إلى السلم المؤدي إلى مسكن خالي بقيت أنا في الأسفل وصعد هو إلى فوق وكان يمسك بيده عصا للاحتياط , فدخل إلى الطابق بحذر و فتح جميع الأنوار و تأكد من جميع الغرف لكنه لم يجد شيئا فنزل إلي وقال لي ربما جدتك تتوهم سماع أشياء لأنه لا يوجد شيء فوق . وفيما نحن نتحدث سمعت أصوات أقدام كأن أحدا يجري وأصوات صغار يلعبون , فصعد صديق خالي مرة أخرى مسرعا , وكنت أنا مرعوبا إلى درجة إني لحقت به حتى لا أبقى لوحدي , ولشدة دهشتنا رأينا الباب مفتوحا مع أن صديق خالي كان قد أغلق الباب و وضع المفتاح في مكانه . فأيقن الرجل أن هذا ليس من فعل البشر , ونزلنا مسرعين واتصلنا بخالي فأخبرناه ما حصل , فاتصل بشيخ , وفي الصباح أتى هذا الشيخ للمنزل , وحسب ما سمعت من خالتي فأن الشيخ قال إن البيت فيه جان وقد أخرجه .
بعدها بسنتين حدثت قصة جديدة في نفس البيت و كنت حاضرا فيها . كان يوم جمعة عندما سمعت صوت صراخ في الحمام ففزعت , و كانت العائلة مجتمعة فتوجهوا جميعا للحمام لرؤية ما الخطب , لكن عندما أراد أخي فتح باب الحمام وجوده مغلقا من الداخل , فجاء خالي وقام بكسر الباب بعد محاولات , وما أن فتحنا الباب حتى شاهدنا منظرا مرعبا لا يراه المرء إلا في الأفلام , ففي داخل الحمام رأينا أحد أبناء خالتي وهو يحاول شنق نفسه بقطعة قماش وجدها في سلة الملابس المتسخة , وكانت ملامحه مخيفة , وأتذكر عندما نظر إلي انتابني الرعب , وكان صوته قد تغير فأصبح أجشا خشنا , وكلامه أضحى غريبا يصعب فهمه , فحاول خالي الإمساك به , لكنه هجم عليه وسبب له جرح في وجهه , وبعد معاناة تمكنا من أخذه إلى الدار وأحضرنا شيخا لمعالجته , ولازلت أتذكر صراخه المرعب بصوت آخر لا يشبه صوته .
بعد يومين بدء وضع ابن خالتي يتحسن , وبدء يأكل بعد أن كان يرفض الأكل تماما في اليوم الأول , و كانت على وجهه كدمات بسبب الشيخ .
في البداية كنت أخشى سؤال أبن خالتي عما جرى له , لكن بعد الحادثة بشهور تشجعت وسألته , فقال بأنه كان ينظر للمرآة و يتمعن في نفسه ويدندن بأغنية , ثم فجأة غاب عن الوعي ولم يعد يتذكر شيئا مما فعله ... هذا كل ما قاله أبن خالتي ولم يبدو متضايقا عندما حكي لي ما جرى معه بل كان يحكيه بابتسامة علي وجهه .
من الأمور الغريبة الأخرى التي حدثت في منزل جدتي هو أنه بعد رجوع خالي من السفر حدثته جدتي عما حدث في ذاك اليوم الذي سمعنا فيه جريا وأصوات في مسكنه , وأقسمت إنها سمعت صوت جدي يناديها لتأتي له بكاس ماء ! ..
فهل يمكن للأرواح أن تسكن المنازل هذا الذي لم استطع تفسيره ؟ .

الجمعة، 18 أبريل 2014

ضيوف طيبون

حسناً لستُ بارعاً في كتابة المقدمات الآخذة للعقول ،ولا أنا عاقلٌ بما فيه الكفايةُ لكي أسلب عقل من يقرأني،،
بل أنا مجنونٌ يهوى الكتابة فقط ، وأحب أن يقرأني الآخرون بعكس ما تكون القراءة،،أقصدُ من الأسفل إلى الأعلى..!
ذلك أسهل للفهم  إن أردتم،،
إن أكثر ما لفتَ انتباهي هنا هو قصصكم الواقعية أحبتي، والتي أدرسها بعنايةٍ في كل ليلة (فأنا حقاً من عشاق الليل)، والتي أيضاً دفعتني لكتابة هذه القصة التي هي أيضاً واقعيةٌ ومشوقةُ الأحداث(على الأقل بالنسبة لي)،، .. أما عن أبطال قصتنا فهم مجموعةٌ من الشباب يقطنون في شارعٍ واحدٍ من شوارع قطاع غزة الحبيب،وعلى رأسهم بالطبع أنا (محمد معمر-29عاماً) الذي عايشتُ معظم الأحداثِ في قصتنا هذه التي أسميتها "ضيوفٌ طيبون".
قبل عامٍ من وقتنا الحالي وتحديداً في شهر إبريل من عام 2013م، انتقلتُ وعائلتي المكونةُ من أبي وأمي وأخي .. ومني طبعا .. انتقلنا إلى بيتنا الجديد الذي قمنا ببنائه فوق قطعة من الأرض كنا قد قمنا بشرائها من قبل في منطقة ما من مدينة خان يونس جنوب القطاع،،
وصلنا فرحين جداً ببيتنا وكأيّ عائلةٍ في قطاع غزة، سرعان ما تعرفنا على جيراننا في الشارع، وبدأت تربطني أنا وأخي علاقةٌ جداً طيبة مع شباب الشارع الذي كنا نسكنه،،
الأمور سارت بشكل طبيعي إلى أن جاء ذلك اليوم الذي كنتُ موعوداً فيه بسهرةٍ عندي مع جارٍ لي اسمه لؤي (بيتهم بجوار بيتنا لكنهم لم يكونوا قد سكنوه بعد)،،
كان قد أخبرني قبلها بيوم واحد أنه سيكون أمام بيتنا بعد صلاة المغرب مباشرة،،
حسناً، صليتُ المغرب ووقفتُ فوق سطح البيت أنظر إلى الشارع منتظراً إياه،
بعد قليلٍ من الوقتِ رأيته يدخل أول الشارع الذي يبعد عنا مسافة الخمسون متراً على الأكثر ..
بدأ يمشي في الشارع وعلى كتفه حقيبة حاسوبه المحمول،، وما إن اقترب مسافة عشرة أمتارٍ من بيتنا نزلتُ بسرعةٍ لأستقبلهُ في الأسفل،،
لكنني خرجتُ من البيت لأجدهُ قد اختفى تماماً..!
بدأتُ أنادي عليه ولا إجابة،،
حسناً ما جالَ بفكري في حينها أنّه قد اختبأ مني في مكانٍ ما ربما لإخافتي أو لشيءٍ آخر،، هو يعرفُ جيداُ أنني حذفتُ كلمة الخوفِ من قاموس حياتي منذ صغري،،
حسناً أخذتُ أضحكُ بيني وبين نفسي،وقلت سأبحثُ عنهُ جيداً، وعندما أجدهُ سأقفُ خلفهُ إن تمكنتُ وأضربهُ على ظهرهِ بعصايَ التي التقطتها لتوِّي لأنفذ خطتي الشريرة هذه،، وإن حدث وعاتبني سأخبرهُ بأنني كنتُ أظنهُ لصاً (كانوا منتشرين بكثرةٍ في ذلك الوقت)، ولن يفعل شيئاً إننا نحب بعضنا كثيراً،،
حسناً تعالوا معي أحبتي لنبحث عنه،، قفزتُ إلى بيتهم لأبحث عنه في الداخل ولم أجد له أثرا،،
ثم بحثتُ عنهُ في مربع المنطقة بأكملها وأيضاً بلا جدوى،، واستمريتُ بالبحث حتى وصلتُ إلى أول الشارع...
مهلاً،، ما هذا الهراء ؟!،، لا يمكن له أن يبتعد أو حتى أن يسرع في الاختباء، لا يفصل مكانه الذي وصلهُ عن نزولي إليه سوى عشرُ ثوانٍ فقط!!،، بمعنى أنني كنتُ سأراهُ إن حاول الهرب،، لم لا أتصل به...
وهذا ما حدث بالفعل،،رفعتُ هاتفي لأكلمه...
- مرحباً عزيزي(صوت ضجة ضخمة حوله)..
- أهلاً محمد...
- لؤي أين أنت؟!
- أوه، سامحني نسيتُ إخبارك أنني سأحضر حفلةَ أحد أقاربي الليلة، آسف لن أتمكن من الحضور..
- حسناً يا صديقي، مبروك..وداعاً..
أنهيتُ الاتصال وتباً لي،، ما الذي يحدث الآن؟،، هل كنتُ أتخيل؟!!،، لستُ ممن يتوهمون أبداً..
أنا واثقٌ بأن جنياًّ ما يحاول العبث معي،،
سأعود إلى البيت.....
لا يمكن أن أخبر أحداً بهذا الأمر سوى والدتي الحبيبة، هي لا تخاف هذه الأشياء على الإطلاق لقوة إيمانها حفظها الله، أما عن أبي وأخي،فحسناً سأخبرهم لكنهم سيتجاهلون الأمر كليا،، ليس لأنهم لن يصدقوا، بل لأنهم على قناعةٍ بأننا نحن البشر لا يجوز لنا أن نلفت أنظارنا أبداً لهذا العالم الغامض..
وصلت أمي في اليوم التالي إلى المنزل وأخبرتها بالأمر،، ويا لروعة ردها،،:-
-قبل يومين يا عزيزي كنت أقف مع جارتنا خلف نافذة بيتها ونتحدث، وفجأة سمعتُ صوت ابن أختك الصغير في الشارع، نظرتُ إلى الشارع لأرى أختك تحمل رضيعها وابنها الصغير يمشي إلى جانبها ويلهو، وما إن اقتربوا أيضاً مسافة عشرة أمتارٍ من بيتنا اختفى الصغير ورأيت أختك بأم عيني تدخل في حائط القصر الذي أمامنا..!! ولم أكن أيضاً أتوهم الأمر،، لقد عرفتُ تماماً مثلك أنه جنيٌّ عابرُ سبيل،،
- لكن لماذا يظهرون لنا بهيئةٍ من نعرفهم؟، أقصد لم لا يعبروا سبيلهم دون أن يظهروا لأحد، لم ظهروا لي، ولم ظهروا لكِ؟
-عزيزي إنهم حولنا في كل مكان وأنت تعرف ذلك جيداً، ثم إنّك جداً متهورٌ  فلا تحاول أن تعترض طريقهم ولا تدعهم يستدرجوك إلى مكانٍ خالٍ تماماً من البشر، أحذر..!!
لم أهتم لما قالت أمي على الإطلاق،وقلتُ لنفسي لا بأس،، إن عاودوا الظهورَ لن أهدأ حتى أكتشف الأمر،،
بعد حواري مع أمي ذهبت إلى السوق التجاري الذي يبعد عن بيتنا مسافة 250 متراً تقريباً أو أقل بناءً على رغبتها في أن أشتري بعض المستلزمات للمنزل،،
أثناء عودتي وعند اقترابي مسافة عشرة أمتارٍ من مدخل شارعنا رأيت رجلين يدخلون الشارع...
أسرعتُ الخطى وأنا أقول لنفسي ربما هم من الجن،، سأكتشف الأمر،،
اقتربتُ منهم مسافة المترين فقط ولم أرى إلا خيالين يمشيان أمامي ويحدثون بعضهم ويلوحون بأيديهم وأنا لا أسمع صوتاً على الإطلاق رغم قربي الشديد منهم،،
الكهرباء كانت مقطوعة بالكامل عن المنطقة وهذا ما يشتهر به قطاعنا الحبيب،،
لماذا لا أسمع صوتهم؟، معقولٌ هم من الجن،، سأوجه كشافي إليهم ومن الطبيعي أن يختفوا عند ظهور النور فأعرف فوراً أنهم من الجن،، وهذا ما لم يحدث على الإطلاق!!
لقد وجهت كشافي نحوهم وتجاهلوني تماما أراهم جيداً،،ظلالٌ سوداء تتحرك أمامي وتتحدث مع بعضها وأنا لا أسمع من حديثهم كلمة واحدة!!
مع ملاحظة أن ضوء كشافي كان صادراً من هاتفي النقال، بمعنى أنه جداً ضعيف،، لكن وإن يكن، لِمَ لَمْ يختفوا،
ما حدث أنني استمريتُ بالمشي خلفهم إلى أن اجتزنا منزلنا بقليل من الأمتار ورأيتهم أنا أيضاً بأم عيني أحدهم اتجه يميناً ليدخل في سور من الأسلاك الشائكة يحيط بأرض خاليه، والآخر يتجه يساراً ليدخل في حائط بيتٍ بجانب بيت لؤي، وأنا واقفٌ في مكاني أنظر لما يجري بهدوء،
عادت الكهرباء إلى المنطقة بعد دقيقةٍ فقط لتسعفني في اكتشاف الأمر،، نظرت حينها إلى رمل الشارع،،
لم أجد إلا آثار أقدامي أنا فقط..!!
لقد كانوا من الجن...!

الأربعاء، 16 أبريل 2014

الرحلة المشئومة

في البداية هذه القصة حصلت معي شخصيا وأردت أن اسردها لكم كما حدثت .. ولك عزيزي القارئ حرية التصديق .
في ليلة من الليالي كنا قد حزمنا أمتعتنا وتجهزنا للذهاب لأحد الأقارب في دولة مجاورة . ركبنا السيارة وسرنا بها حتى خرجنا من أرض الوطن , كل ذلك ونحن مشغولون بتبادل أطراف الحديث ومستمتعون بالرحلة . لكن فيما نحن نسير رأيت رجلا يقف على جانب الطريق , وكان الطريق معبدا لكنه خالي من الإنارة حالك الظلام , وكنا نلتمس طريقنا فيه بواسطة أضواء السيارة , وقد أمعنت النظر وإذا بالرجل يطلب المساعدة , ولكن لم أرى أية سيارة قريبة منه .
ولأن أبي هو الذي كان يقود ساعتها فسألته لماذا لم يتوقف للرجل ؟ .. وإذا به يقول إنه لم يرى أي رجل ! .. فبدأت اشك بالأمر ثم تجاهلته قائلا لنفسي بأني ربما كنت أتوهم .
المهم أكملنا سيرنا حتى توقفنا لنملئ السيارة بالوقود , فأوصاني أبي أن أتبضع بضعة حاجيات , فذهبت إلى المتجر واشتريت ما طلبه , وحين خرجت إذا بنفس الرجل الذي رأيته على قارعة الطريق يدخل المتجر ويحدق بي بحقد . فارتعبت وذهبت لسيارتنا بسرعة ولكن من دون أن ألفت نظر أبي وتكتمت على الأمر . ثم سرنا وأنا في غاية الرعب لكني لم احكي لأبي ولو بكلمة . وكان وقت الفجر قد حان فتوقفنا عند اقرب مسجد ودخل أبي المسجد وذهبت أنا لأتوضأ , وحين دخلت وجدت نفس ذلك الرجل يخرج , فأصابني ذلك بالشلل في جسمي .. كان أحدا سكب علي ماءا شديد البرودة .
ومن شدة خوفي لم أتوضأ وخرجت مسرعا لركوب السيارة وأقفلت الأبواب , فإذا بأبي يأتي ويسألني لماذا لم أتي للصلاة , فقلت ما أن نصل سأصلي , ولا أخفيكم انه بدأ يشك ووبخني ببعض الكلمات .
أخيرا وصلنا لمقصدنا , ومرت أيام , ثم عدنا للوطن , وخرجت مع احد الأصدقاء بسيارته , وأول ما ركبت معه نظرت خلفي فإذا بالرجل نفسه يبتسم , فأغمي علي من هول الصدمة , وحين أفقت رأيت أبي وإخوتي وصديقي يحيطون بي , لكنهم لم ينقلوني للمستشفى , لأن أبي لديه خبرة في الطب , ولأن إغمائي لم يدم طويلا , مجرد 5 دقائق تقريبا .
وبدء الشك يحيط بأبي , فأخبرته بالقصة , فقال إنما هو إلا جني يريد العبث معك , قال ذلك لكي لا يرعبني , واتى احد الشيوخ وقرأ علي , والحمد لله لم يحصل شيء .

الاثنين، 14 أبريل 2014

جبل يعج بالظواهر الغريبة !

قصتي حقيقية واقسم بمن خلقني أنها حصلت معي في جبل يبعد عن بيتنا حوالي 3 كيلومترات فكنت اسمع من أهالي القرية أن هناك نشاطات للظواهر الغريبة والأحداث العجيبة , ولم أكن اكترث لذلك . لكن عندما رأيت أن الموضوع زاد عن حده قررت الذهاب للجبل والتأكد بنفسي مما يقولون , فقلت لأهلي إني سوف اذهب للتخييم مع أصدقائي في مكان بعيد , والحقيقة هي إنني كنت أنوي أن أستطلع هذا الجبل لوحدي , فبدأت التجهيز وأخذت عدتي من خيام ومصابيح وغيرها التي اعتقدت إنني كنت سأحتاجها في تلك الليلة المشئومة .
حزمت أمتعتي عصرا وذهبت إلى موقع الجبل وأوقفت سيارتي أسفله حيث أشرفت الشمس على الغروب , فصعدت إلى الجبل وكان كبيرا جدا حتى وصلت إلى منتصفه , هناك قررت أن اقضي ليلتي فقمت بتثبيت الخيمة وأنرت المصابيح وأشعلت النار وجلست أتدفأ بحرارتها , ثم قلت لنفسي بأني لن استفيد شيئا من مكوثي داخل الخيمة , فأخذت المصباح وذهبت لاستطلع الجبل , ولم أكن أرى سوى لمسافة متر أمامي من شدة الظلمة . وعندما كنت امشي أحسست بشيء يتربص بي فقررت أن أعود إلى الخيمة , لكني أدركت إني أضعت مكان الخيمة , وقررت أن أعود للسيارة أسفل الجبل , لكني قلت في نفسي إذا لم أجد مكان الخيمة فكيف سأجد السيارة ؟! .
وهكذا رحت أمشي منتظرا طلوع الفجر , وفيما أنا على هذه الحال لمحت بئرا أمامي , فحمدت الله إنني لم اسقط فيه , وما هي إلا لحظات حتى لمحت أشخاص رؤوسهم مثل رؤوس الحمير آذانهم طويلة وأنيابهم مرعبة كانوا يمشون صفا وراء بعضهم لكنهم لم يروني , فاختبأت وراء البئر وقلت لماذا لا اذهب واتبعهم , وكنت اتبعهم ببطء شديد حتى لا يشعروا بي فتوقفوا بعد حين , ورأيتهم يحملون معهم جثثا اعرفها .. كانت جثث أشخاص من أهل القرية ماتوا منذ زمن , فأطلقت رجلي مسرعا حتى أحسست إنني اصطدمت بشيء فولاذي .. ولسعادتي كان هذا الشيء سيارتي .. فركبت فيها وابتعدت بها مسرعا .
في الصباح سألت جدي عن قصة البئر , فقال هذه بئر حفروها أهل القرية منذ زمن بعيد جدا لكي يرموا فيها ضحايا الحرب التي كانت دائرة بينهم وبين قرى أخرى مجاورة .
ملاحظة : أنا لا أؤمن بالأشباح والأرواح أو الأساطير .. فقط أؤمن بالجن لان الله سبحانه وتعالى ذكرهم في القران الكريم بقوله تعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) .

السبت، 12 أبريل 2014

قرية الجن

أن الحكايات عن الجن والأشباح كثيرة وخاصة في هذا الوقت ..
لكن أعتقد أن أغلب القراء الكرام لا يعلمون العدد الهائل من قصص الجن التي تحدث في سوريا ..
وخاصة في القرى والبلدات البعيدة عن المدن والمنتشرة بين الغابات و السهول الزراعية ، وأي شخص في سوريا يعرف ما لا يقل عن عشرة قصص عن الجن ، بعضها على هيئة حيوانات ، والآخر على هيئة بشر ، وحتى بعض الجن في هذه القصص مؤذي وقد أدى لقتل أحد الشبان ..
ولذلك اخترت لكم قصتين اليوم :

1- الحيوان المتحول :

أنها الخامسة صباحاً ..
يكاد الظلام مكسوراً ببعض خيوط الشمس التي انبعثت من الأفق لتنير درب ثلاثة شبان يتمشون على الطريق الغير معبدة وهم يدحرجون الحصى بأرجلهم وهم يمشون في طريقهم ..
كانوا متجهين لمنازلهم للنوم بعد ليلة طويلة من الكلام عن الحوادث والقصص الغريبة التي تحدث في قريتهم التابعة لمحافظة حماة ..
وفجأة ..
ظهر أمامهم على الطريق الترابي أرنب ضخم رمادي اللون ..
اندهشوا للوهلة الأولى ومن ثم أيقنوا أنه ليس إلا أرنب غير مؤذي ، وأكملوا طريقهم وهم يضحكون من دون أن ينظروا نحو الأرنب الذي بدأ يأكل من حشائش الأرض ولو أن أحد الشبان ( محمد ) تنبه أن أرنب غير طبيعي ، كانت قفزته غريبة وكأن أحدهم قد رماه أو أنه كان شيء ثم أصبح شيء آخر وهبط على الأرض ، أن ( محمد ) مزارع وقد رأى أرانب تقفز أمامه كثيرة ولكنه لم يخف منها لكنه خاف من هذا الأرنب بشكل غريب ..
صوت معزاة ..
استدار ( محمد ) بحدة ومعه الشابين ( حسن ) و ( رياض ) نحو صوت المعزاة الذي صدر من خلفهم ..
لقد كان منظراً مخيفاً بشعاً ..
كان الأرنب قد تضخم وتفسخ وخرج منه رأس معزاة ويدها ..
لم يستطع أحدهم التمييز أو التركيز ..
كل ما فكروا به هو الهرب بأقصى سرعة ممكنة ..
وقد فعلوا وهربوا نحو الطريق المعبدة ليلتقوا بالصدفة بوالد ( محمد ) الذي عاتب ولده على توهماته عندما أخبره القصة ، انطوت القصة ومر الزمان ومضى على القصة التي وقعت في 1930 كثير من الوقت ، أنها قصة حدثت بالفعل في قرية جدي وكان جدي هو أحد الشبان حينها .

2- يا ( وليد ) :

كان وليد من أقوى رجال القرية وأضخمهم جثة ، كان من أقوى الرجال بالصيد ويمكنه أن يقتل ذئب بيديه المجردتين ، كان لديه برنامج يومي وأول شيء يفعله في الصباح هو الخروج على حصانه مع ساعات الصباح الأولى نحو البرية ليصطاد فطوره - في قرية الشبان الثلاثة - .
وفي نهاية الطريق المؤدي لخارج القرية كان هنالك بئر في الجهة اليسرى يجب أن يمر به ( وليد ) - 35 عاماً - كل يوم ، كان يعتبره مجرد بئر لشرب الماء يقف به ويمسك الدلو وينزله في البئر ويسحبه لشرب الماء ويغسل وجهه .
في أحد أيام الصيف الجافة ، كانت الآبار جافة في القرية ويستعملون النبع لشرب الماء ، لكن ( وليد ) كان يمر بجانب البئر رغم ذلك .
وفي يوم من الأيام نسي أن يترجل عن الحصان وينظر إلى البئر كعادته ، ربما كان منظر البئر المتشقق من الحرارة لم يغريه للنظر بداخله ..
ولكن .. فجأة ..
- يا وليد ..
تجمد ( وليد ) في مكانه عندما سمع ذلك الصوت الحاد العميق الصادر من أسفل البئر ، لقد ظن أنه توهم ، نظر حوله فلم يجد سوى بعض الدجاج ، لم يكن هناك أي فتاة تناديه ..
- يا وليد
عاد الصوت ليتكرر مرة أخرى ليؤكد لـ ( وليد ) ما خشاه ..
الصوت الحاد العميق يخرج من أسفل البئر ..
حاول تكذيب نفسه ..
وترجل عن الحصان وقال :
أنا ( وليد ) ، أقوى رجل في القرية ، لماذا أخاف من صوت فتاة غريب ..
اتجه نحو البئر ونظر أسفله وهو يحجب عينيه بسبب الشمس الحادة ..
لقد كانت فتاة جميلة ..
نظر إليها بتعجب ، أنها فتاة في العشرين من عمرها تقريباً ، عيونها واسعة سوداء وشعرها طويل جداً جداً ..
كان يتجاوز طولها ويلتف تحت قدميها قال لها بصوت عالي لكي تسمعه :
- كيف أستطيع أن أساعدك وكيف تعرفين اسمي ؟
- أنا صديقتك ، أنا أعرفك ، سوف أمد لك شعري فتمسكه .
دون أي تردد وكأنه تنوم مغناطيسياً .. وافق ..
ومد يديه ومن دون أن يمسك بشعرها قامت بسحبه بطريقة غريبة وتبخرت وسقط نحو العمق وتكسر جسده لكنه لم يمت .
بعد أسبوع توفى ( وليد ) في فراشه نتيجة السقوط والجروح والكسور التي تعرض لها .. وعندما سأله ابنه قبل وفاته عن سبب وقوعه أخبره القصة التالية وقد نقلتها لكم بحذافيرها :
يا بني ، إذا جاءك في منامك أو أنت تستحم فتاة وقالت لك أنا أحبك وتزوجني وتعال معي ، لا تصدقها ، أنها من الجن .. لقد فعلت معي نفس الأمر لكني قبلتها وذهبت معها بعدها تركتها وعادت لتنتقم مني بهيئة أخرى ورمتني في البئر ، لا تذهب معها ، قد يعجب الجن بالإنس ولكنه وإن قبل به سوف يقتله ..
لا تنسى ذلك ،لا تقبل بها .
والآن ما هو رأيكم بقرية جدي ( قرية الجن والأحداث الغريبة ) .